بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الدعاء والاجابة - قصة وعبرة
يروي ان عالمين كانا مسافرين , وبينما هما يسيران في الصحراء , مرض أحدهما , ثم انتقل الى رحمة الله تعالى , فقام العالم الآخر بما يجب لدفنه ’ وبحث عن شخص ليصلّي معه على الميت صلاة الجنازة , وبعد قليل من الوقت مرّ عليه أعرابي يركب ناقته , دعاه إلى غايته , ومكث العالم بجانب القبر سيتريح ,فأخّذته سنة النوم , فرأى صاحبه الميت في المنام , فسأله : كيف حالك مع الله ؟ قال الحمد لله غفر لي بدعاء الأعرابي ولما استيقظ العالم من نومه , تذكّر ما رأى في منامه , أخذ يبحث عن الأعرابي ليعرف منه ما الدعاء الذي دعاه للميت وكان هذا الدعاء خيراً وبركة له ؟ وظلّ يبحث عنه حتى رآه قادماً من بعيد فلما اقترب منه , سأله : ألست الرجل الذي صلّى معي بالأمس على صاحبي الميت ؟ قال : بلى أنا هو , قال العالم : ما الدعاء الذي دعوت به للميت ؟ قال الأعرابي : دعوت الله قائلاً : (( اللهم إن كان هذا الرجل ضيفي قبل موته لذبحت له ناقتي وهي كا ما أملك , والآن هو يا رب ضيفك وبين يديك , وأنت أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين فيا رب ارحمه واغفر له وأكرمه )).
***************** هذا الأعرابي ليس له سابق معرفة بالعالم الميت , ولكن أخذته الرحمة والشفقة بهذا الميت الغريب المنقطع في جوف الصحراء بعيداً عن أهله وولده فتوجه إلى الله بقلب طاهر , وبلسان صادق , وبدعاء خالص , يدعوه أن يرحمه ويغفر له وأن يكرمه , وبخاصة أن الميت في قبره , حاله حال الغريق المستغيث ينتظر دعاءً من أب أو أم , من أخ أو أخت , من ابن أو أبنة , من أي أخ مسلم فإذا لحقه كان أحب إليه من الدنيا وما فيها , وإن الله عز وجل يُدخل على أهل القبور من دعاء أهل الدنيا الجبال من الآجر والثواب , وإن أفضل هدية من الآحياء للأموات الدعاء لهم بالخير في ظهر الغيب , والاستغفار لهم , والصدقة عليهم .
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : " دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة , عند رأسه ملك موكل به , كلما دعا لأخيه بخير , قال الملك الموكل : آمين ولك مثل " رواه مسلم . وقال عليه الصلاة والسلام : " أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب " رواه أبو داود .
والمسلم عندما يدعو لإخوانه في ظهر الغيب فهو يهدي إليهم حسنات تكون في ميزانهم يوم القيامة , وبالمثل تصله حسنات بدعاء إخوانه الصالحين له فقد روي أن عبداً من عباد اله وجد في صحيفته حسنات لم يعملها , ولما سأل من أين أتت إليه ؟ قالت الملائكة : ( هذه حسنات أهديت إليك بدعاء إخوانك الصالحين لك ) .
كما روي أن عبداً من عباد الله الصالحين ارتقى في الجنة إلى درجة أعلى من درجته ومنزلته ,فسأل : بمَ نلت هذه الدرجة الأعلى ؟ قالت الملائكة : ( لقد نلت هذه الدرجة بدعاء ولدك الصالح لك ) تنوير الأذهان : 4 / 146 .
****************************
إن أصحاب القلوب العامرة بالإيمان , والنفوس الطيبة الطاهرة , كما يدعون لأنفسهم بالخير , يدعون لإخوانهم حتى لمن أساء إليهم .
فقد روي أن رجلاً من أولياء الله الصالحين وضع عباءته بجواره , واستقبل القبلة , وشرع يصلّي صلاة خاشعة وعند سجوده , أسرع لص وسرق العباءة , وانطلق مسرعاً إلى السوق كي يبيعها ,وما كاد أن يمدّ يده بالعباءة إلى الشاري حتى شُلّت يده , فندم على ما فعل , وأسرع إلى الرجل الصالح , وأعاد له عباءته , وأخيره بما أصابه , وأخذ يعتذر إليه ويطلب منه أن يسامحه ويعفو عنه . وهنا توجه الرجل الصالح إلى الله يدعوه قائلاً : ( يا رب , هذا عبدك قد أعاد إليّ ما أخذ مني , فيا رب أعد له ما أخذت منه ) فما كاد أن يتم دعاءه حتى عادت يد السارق الشلاء سليمة كما كانت .
************************ كما روي أن لصاً دخل بيت المرأة الصالحة العابدة الزاهدة رابعة العدوية وهي مستغرقة في صلاتها , وأخذ يفتش عن شيء يسرقه , ولم يكن في بيتها إلا إبريق ووعاء , فلما سلّمت ورأت اللص قالت : يا هذا , ليس في بيتي شيء أعطيه لك , ولكن خذ هذا الإبريق وانتفع به بشرط أن تتوضأ منه أولاً , فلما توضأ قالت له : ما دمت قد توضأت فصلّ لله ركعتين , ودخل في الصلاة , ولما سجد سجدت وقالت : (( يا رب هذا عبدك أوقفته ببابك , فلا تطرده من رحابك )) فما كان من اللص إلا أن صرخ باكياً يدعو الله أن يتوب عليه ويغفر له , ومن ذلك الوقت صار اللص من العباد الزاهدين .
|