بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
الطريق إلى دولة فلسطين /علي الخليلي
ترفض إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما رفضاً قاطعاً، ذهاب السلطة الوطنية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف أممي بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران/يونيو، وتعمل على تحقيق هذا الرفض من جانبها، وكما تفهمه، بالتلويح (التهديد) بوقف دعمها السياسي والمادي لهذه السلطة، وبتحريض بقية الدول على مثل هذا الموقف . وترى في الوقت نفسه، أن هذه الدولة لن تكون، ولن يتم البحث بشأنها أصلاً، إلا عبر المفاوضات مع “إسرائيل” . إلا أنها بالمقابل، تعلن صراحة أن رؤية محددة بشأن هذه المفاوضات ذاتها، غير موجودة لديها . فكيف تعقل هذه المفارقة العجيبة؟
لا تكترث الولايات المتحدة بالرد على هذا السؤال . ومتى كانت أصلاً، معنية بالرد على أي سؤال من جانب الفلسطينيين أو العرب، مهما كان فضاء مبرره، على امتداد مختلف المراحل معها؟ هي في الأساس، معنية بموقف واحد فقط، يتمثل باستمرار “اضطرارنا”، أو “رضوخنا” على الأصح، مرة بعد أخرى، لقبول ما تطرحه علينا .
هل نحن مضطرون فعلا، لمثل هذا القبول/الرضوخ؟
للوهلة الأولى، تبدو أوضاع السلطة الوطنية برام الله، في أسوأ أحوالها . فهي تشكو من أزمة مالية خانقة . كما أنها تشكو من فشل المصالحة بين حركتي فتح وحماس . وهو ما ينعكس على الرأي العام الفلسطيني نفسه سخطاً ويأساً واحباطاً .
قد تتراجع هذه الوهلة مع ذلك، إلى الخلف قليلاً . فواقع الحال، أن هذه السلطة ذات شكوى دائمة ومزمنة من شح المال، ومن تعثر المنح والمساعدات لها، عربية وغير عربية سيان . إلا أنها كانت قادرة دائماً، على “ترتيب” وضعها المالي، بما يضمن لها الاستمرار على هذا الشكل أو ذاك، بأداء دورها في تلبية احتياجات المواطنين .
هل وصلت الأمور أخيراً، إلى غير ما سبق من قدرات ذلك “الترتيب” الماضي، ما يعني أنها الآن، في وضع غير مسبوق تماماً، ليس فقط على الصعيد المالي، وإنما على الصعيد السياسي أيضاً؟
لا بد أن الولايات المتحدة على دراية تامة، بهذا الوضع . هي أصلاً، من أسهمت بشكل كبير، في صناعته، وبالتالي، فإنها بالضرورة، سوف تعمل (وهي عاملة على مدار الساعة) على ترجمة هذه الدراية، بمزيد من الضغط على هذه السلطة، وصولاً إلى ما تريده من عودتها إلى طاولة المفاوضات، بلا رؤية محددة أو معايير واضحة .
ولا بد أن “إسرائيل” أيضاً، على دراية كافية بالوضع المعني . وهو ما تترجمه هي الأخرى، بضغوطها المتواصلة والمتصاعدة على الأرض، باستمرارها في توسيع الاستيطان وتكثيفه .
ماذا سوف تفعل السلطة الوطنية؟ أو على الأصح، ماذا سوف تفعل منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بهذه السلطة؟ هل “تضطر” إلى القبول، بما تطرحه الولايات المتحدة، والذي هو في شكله، وفي مضمونه، على حد سواء، ما تطرحه “إسرائيل”؟ أم تواصل إصرارها للذهاب إلى الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل؟
لا تفصلنا سوى أسابيع قليلة عن هذا الشهر الذي جعلت السلطة نفسها منه مفصلاً بارزاً من مفاصل التاريخ الفلسطيني . ولن نسأل ماذا سيكون بعده، من نجاح أو فشل . فالمهم هو الثبات على موقف التحدي في مسيرة التعامل مع الولايات المتحدة، أو الرضوخ وفق العادة المقيتة، ونقول إننا مضطرون للقبول؟
المصدر: دار الخليج