الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
أما بعد،،،
فهذه مجموعة منتقاه من فتاوى كبار العلماء تتعلق بالحجّ والعمرة يحتاج إليها كل من قصد هذا البيت العتيق حاجًّا أو معتمرًا، هذا ونسأل الله العليّ القدير أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجه الكريم وأن يتقبل من الحجاج والمعتمرين أعمالهم، إنّه جوادٌ كريمٌ.
س1: ما الّذي يشرع لمن أراد الحجّ والعمرة؟
من عزم على الحجّ، فيشرع له قضاء ديونه الحالة، أو استئذان أهلها إن عرف منهم الحرص وشدة الطّلب، ثم يكتب وصايا وما في ذمته، وماله أو عليه، ثم يصلّي صلاة الاستخارة، ويطلب من ربّه أن يختار له الأصلح ويمضي له ينشرح له صدره، ويختار الرّفقة الصّالحين من أهل العلم والدّين، ويستصحب معه من الكتب العلمية ما يستفيد منه في أعمال الحجّ أو غيرها، ويفيد إخوانه ويكثر من النّفقة والنّقود والزّاد، حتى يغني نفسه عن الحاجة، ويودع أهله وأصحابه عند السّفر، ويحرص على أن يكون عمله خالصًا ولا يريد بحجّه وعمرته إلا وجه الله ثم يحرص على أن تكون نفقته من الكسب الحلال الطّيب، ويحرص في سفره ذهابًا وإيابًا على الإتيان بنوافل العبادات وواجبات الدّين، ويفيد إخوته ويستفيد من أهل العلم، ويحرص على تكميل واجبات الحجّ والعمرة، وعلى ما يستطيعه من السّنن والأعمال الصّالحة رجاء مضاعفة الأعمال.
(الشّيخ ابن جبرين -حفظه الله-)س2: هل يصح الإحرام بحجّتين أو عمرتين؟ وما هي التّلبية وشروطها وما حكمها وما وقتها؟
لا يصح أن يحرم في عام واحد بحجّتين، ولا يجوز إلا حجّةً واحدةً كلّ عام، وكذلك لا يجوز أن يحرم بعمرتين في وقت واحد، ولا يجعل الحجّة الواحدة عن شخصين ولا يحرم بعمرة واحدة عن اثنين فلم يرد فيه الأدلة شيء من ذلك. وأما التّلبية فهي إجابة لنداء الله- تعالى- في قوله: {
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحجّ: 27].
ولفظها: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنّعمة لك والملك لا شريك لك.
وحكم التّلبية: سنة مؤكدة وجعلها بعضهم ركًنا حيث إنّها شعارٌ ظاهرٌ للحاجّ والمعتمر.
ووقتها: بعد النّية عقب إحرامه وهو في مصلاه ويأتي بها إذا ركب وإذا نزل وكلّما علا مرتفعًا أو هبط واديًا أو سمع ملبيًا أو تلاقت الرّفاق أو أقبل ليل أو نهار.
(الشّيخ ابن جبرين -حفظه الله-)س3: إذا خاف المحرم ألا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف فماذا يفعل؟
إذا أحرم يقول عند إحرامه : "فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" فإذا كان يخاف شيئًا من الموانع كالمرض، فالسّنّة الاشتراط لما ثبت عن النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم- أنّه أمر ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بذلك لما اشتكت إليه أنّها مريضة [متفقٌ عليه].
(الشّيخ ابن باز- رحمه الله)س4: ما حكم استعمال المرأة لحبوب منع العادة الشّهرية في أيام الحجّ؟
لا حرج في ذلك؛ لأنّ فيها فائدةٌ ومصلحةٌ، حتى تطوف مع النّاس وحتى لا تعطل رفقتها.
(الشّيخ ابن باز -رحمه الله-)س5: ما حكم وضع الطّيب على الإحرام قبل عقد النّية والتّلبية؟
لا ينبغي وضع الطّيب على الرّداء والإزار، إنّما السّنّة تطييب البدن، كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو ذلك. أما الملابس فلا يطيبها عند الإحرام.
(الشّيخ ابن باز -رحمه الله-)س6: إذا كان الصّغير يعجز عن الطّواف بنفسه فهل يصحّ حمله والطّواف به وهل على الصّغير كفارةٌ إذا أخلّ بشيءٍ من شروط الحجّ؟
حيث صحّ الإحرام بالصّبيّ فإنّ الولي هو المسئول عنه، فيلبسه الثّياب ويعقد عليه إحرامه وينوي عنه النّسك ويلبي عنه ويمسك بيده في الطّواف والسّعي، فإن كان عاجزًا كصغيرٍ أو رضيعٍ فلا بأس بحمله، ويكتفي بطواف واحد عن الحامل والمحمول على الصّحيح، فإن فعل الصّبيّ محظورًا عن جهلٍ كلبسٍ أو تغطية رأسٍ فلا فدية لعدم القصد فإن كان عمدًا كحاجة إلى اللباس لبرد ونحو فدى عنه وليه.
(الشّيخ ابن جبرين -حفظه الله-)س7: ما حكم من حجّ عن والدته وعند الميقات لبى بالحجّ ولمن يلب عن والدته؟
ما دام الحج عن والدته ولكن نسي فإن الحجّ يكون لوالده، والنّية أقوى لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «
إنّما الأعمال بالنّيات» [البخاري: 1]. فإذا كان القصد من مجيئه هو الحجّ عن أمّه أو عن أبيه ثم نسى عند الإحرام فإن الحجّ يكون للذي نواه وقصده من أب أو أم غيرهما.
(الشّيخ ابن باز -رحمه الله-)س8: هل يشترط للإحرام ركعتان أم لا؟
لا يشترط ذلك وإنّما اختلف العلماء في استحبابها فذهب الجمهور إلى استحباب ركعتين، يتوضأ ويصلّي ركعتين ثم يلبي، واحتجوا على هذا بأنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أحرم بعد الصّلاة أي أنّه صلّى الظّهر ثم أحرم في حجة الوداع، وقال -صلّى الله عليه وسلّم-: «
أتاني آتٍ من ربي - وهو بالعقيق- أن صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجّة» [رواه البخاري: 2337]. وهذا يدل على شرعية صلاة الركعتين وهذا قول جمهور أهل العلم.
وقال آخرون: ليس في هذا نص فإنّ قوله: «
أتاني الليلة آتٍ من عند ربّي -عزّ وجلّ- قال وهو بالعقيق وقال: صل في هذا الوادي المبارك» [رواه أبو داود 1800 وصححه الألباني] يحتمل: أن المراد صلاة الفريضة في الصّلوات الخمس، وليس بنص في ركعتي الإحرام.
وكونّه أحرم بعد الفريضة لا يدل على شرعية ركعتين خاصة بالإحرام وإنّما يدل على أنّه إذا أحرم بالعمرة أو بالحجّ بعد صلاة يكون أفضل إذا تيسر ذلك.
(الشّيخ ابن باز-رحمه الله-)س9: هل يجوز تغيير لباس الإحرام لغسله؟
لا بأس أن يغسل ملابس الإحرام ولا بأس أن يغيرها ويستعمل غيرها بملابس جديدة أو مغسولة.
(الشّيخ ابن باز -رحمه الله-)س10: إذا حاضت المرأة أو نفست بعد أحرامها هل يصحّ لها أن تطوف بالبيت أو ماذا تفعل؟ وهل عليها وداع؟
إذا نست أو حاضت حين قدومها للعمرة وقفت عن ذلك حتى تطهر، فإذا طهرت تطوف وتسعى وتقصر وتمّت عمرتها. فإذا كان هذا بعد العمرة أو بعد ما أحرمت بالحجّ في اليوم الثّامن فإنّها تعمل أعمال الحجّ من الوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمرات وغير ذلك من التّلبية والذّكر فإذا طهرت طافت وسعت لحجّها، فإن جاءها الحيض بعد الطّواف والسّعي وقبل الوداع سقط عنها الوداع؛ لأنّ الحائض والنّفساء ليس عليها وداع.
(الشّيخ ابن باز -رحمه الله-)س11: هل يجوز للمرأة الحائض أن تجلس في المسعى؟
نعم يجوز؛ لأن المسعى لا يعتبر من المسجد الحرام ولذلك لو أنّ المرأة حاضت بعد الطّواف وقبل السّعي فإنّها تسعى؛ لأن السّعي ليس طوافًا ولا تشترط له الطّهارة.
(الشّيخ ابن عثيمين-رحمه الله-)س12: متى جوز التّوكيل في رمي الجمرات وهل هناك أيام لا يجوز التّوكيل فيها؟
يجوز التّوكيل في جميع الجمرات للمريض العاجز عن الرمي، والحامل الّتي تخاف على نفسها، والمرضع الّتي ليس عند أطفالها من يحفظهم والشّيخ الكبير والعجوز الكبير ونحوهم ممن يعجز عن الرّمي وهكذا ولي الصّبي والصّبية يرمي عنهما. والوكيل يرمي عن نفسه وعن موكله في موقف واحد عند كلّ جمرةٍ، يبدأ بنفسه ولا يجوز لأحدٍ أن يستنيب ويسافر قبل إتمام الرّمي بل ينتظر حتى ينتهي وكيله من رمي الجمار ثم يودع البيت.
(الشّيخ ابن باز-رحمه الله-)س13: ما الحكم إذا أقيمت الصّلاة والحاجّ أو المعتمر لم ينته من إكمال الطّواف أو السّعي؟
يصلّي مع النّاس ثمّ يكمل طوافه وسعيه من حيث انتهى.
(الشّيخ ابن باز -رحمه الله-)س14: معتمر لم يدر فسعى قبل أن يطوف هل عليه بعد إعادة الطّواف أن يسعى ثانية؟
ليس عليه إعادة السّعي لما روي أبو داود في سننه بإسناد صحيح إلى أسامة بن شريك قال: «
خرجت مع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حاجًّا فكان النّاس يأتونه فمن قال يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو قدمت شيئا أو أخرت شيئا فكان يقول لا حرج» [رواه أبو داود 2015 وصححه الألباني].
(اللجنة الدّائمة)س15: ما حكم من نسي الحلق أو التّقصير في العمرة فلبس المخيط ثم ذكر أنّه لم يقصر أو يحلق؟
من نسي الحلق أو التّقصير في العمرة فطاف وسعى ثم لبس قبل أن يحلق أو يقصر فإنّه ينزع ثيابه إذا ذكر ويحلق أو يقصر ثم يعيد لبسهما، فإن قصر أو حلق وثيابه عليه جهلًا منه أو نسيانًا فلا شيء عليه وأجزاه ذلك ولا حاجة إلى الإعادة للتّقصير أو الحلق ولكن متى تنبه فإن الواجب عليه أن يخلق حتى يحلق أو يقصر وهو محرمٌ.
(اللجنة الدّائمة)س16: إذا وقف الحاجّ خارج حدود عرفة -قريبا منها- حتى غربت الشّمس ثم انصرف فما حكم حجّه؟
إذا لم يقف الحاج في عرفة في وقت الوقوف فلا حجّ له لقول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: «
الحجّ عرفة، من جاء ليلة جمع قبل صلاة الصّبح، فقد أدرك حجّة» [رواه النّسائي 3044 والتّرمذي 889 وابن ماجه 2459 وصححه الألباني]. وزمن الوقوف، ما بعد الزّوال من يوم عرفة إلى طلوع الفجر من ليلة النّحر هذا هو المجمع عليه بين أهل العلم، ولا يجوز الانصراف لمن وقف نهارًا قبل الغروب، فإن فعل ذلك فعليه دم لكونه ترك واجبا وهو الجمع في الوقوف بين الليل والنّهار لمن وقف نهارًا.
(الشّيخ ابن باز -رحمه الله-)س17: ما الحكم في ترك المبيت للحاجّ في مزدلفة ليلة العيد؟
المبيت بمزدلفة واجب، ويرخص للضّعفة الدّفع في آخر الليل، وفي تركه عمدًا الإثم والفدية عند جمهور أهل العلم، ومع الجهل الفدية فقط، ومع العجز يسقط كسائر الواجبات، ولكن من أردك صلاة الفجر في أول الوقت وبقى بعد الصلاة يذكر الله ثم دفع أجزأه ذلك.
(الشّيخ ابن عثيمين -رحمه الله-)س18: ما حكم المبيت خارج منى أيام التّشريق سواء كان ذلك عمدًا أو لتعذر وجود مكان فيها، ومتى يبدأ الحاجّ بالنّفير من منى؟
المبيت في منى واجبٌ على الصّحيح ليلة إحدى عشر وليلة اثنتي عشرة هذا هو الّذي رجحه المحققون من أهل العلم على الرّجال والنّساء من الحجاج فإن لم يجدوا مكانًا سقط عنهم ولا شيء عليهم ومن تركه بلا عذر فعليه دم.
ويبدأ الحاجّ بالنّفير من منى إذا رمي الجمرات يوم الثّاني عشر بعد الزّوال فله الرّخصة أن ينزل من منى وإن تأخر حتى يرمي الجمرات في اليوم الثّالث عشر بعد الزّوال فهو أفضل.
(الشّيخ ابن باز-رحمه الله-)س19: هل يجوز للحاجّ أن يرمي من الحصى الّذي حول الجمار؟
يجوز له ذلك؛ لأنّ الأصل أنّه لم يحصل به الرّمي أما الّذي في الحوض فلا يرمي بشيءٍ منه.
(الشّيخ ابن باز -حفظه الله-)س20: هل يجوز رمي الجمرات الثّلاث في أيام التّشريق ليلًا لمن ليس لديه عذر؟ وهل يجوز لمن دفع من النّساء والضّعفة ليلة النّحر بعد منتصف الليل من مزدلفة أن يرمي جمرة العقبة أم لا؟
يجوز الرّمي بعد الغروب على الصّحيح لكنّ السّنّة أن يرمي بعد الزّوال قبل الغروب هذا هو الأفضل إذا تيسر وإذا لم يتيسر فله الرّمي بعد الغروب على الصّحيح.
ومن دفع مع الضّعفة والنّساء من المحارم والسّائقين وغيرهم فحكمة حكمهم يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النّساء.
(الشّيخ ابن باز -رحمه الله-)س21: ما حكم من حجّ وهو تاركٌ للصلاة سواء كان عامدًلأ أو متهاونًا وهل تجزئه عن حجّة الإسلام؟
من حجّ وهو تاركٌ للصّلاة فإن كان عن جحد لوجوبها كفر إجماعًا ولا يصحّ حجّه، وأمّا إن كان تركها تساهلًا وتهاونًا فهذا فيه خلاف بين أهل العلم منهم من يرى صحة حجّه، ومنهم من لا يرى صحة حجّه والصّواب أنّه لا يصحّ حجّه أيضًا لقول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «
العهد الّذي بيننا وبينهم الصّلاة، فمن تركها فقد كفر» [رواه التّرمذي 2621 وابن ماجه 891 والنّسائي 462 وصححه الألباني]، وقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إنّ بين الرّجل وبين الشّرك والكفر ترك الصّلاة» [رواه مسلم]، وهذا يعمّ من جحد وجوبها، ويعم من تركها تهاونًا.
(الشّيخ ابن باز-رحمه الله-)س 22 : ما حكم من حصل عنده شك بأن بعض الحصي لم يسقط في الحوض؟
من شك فعليه التّكميل يأخذ من الحصي الّذي عنده في منى من الأرض ويكمل بها.
(الشيخ ابن باز -رحمه الله-)س23: رجل طاف شوطين، ولكثرة الزحام خرج من الطّواف وارتاح لمدة ساعة أو ساعتين، ثم رجع للطواف ثانية. فهل يبدأ من جديد أم يكمل طوافه من حين انتهائه؟
إذا كان الفصل طويلًا فإن الواجب عليه إعادة الطّواف من جديدٍ وإن كان قليلًا فلا بأس بالإكمال؛ وذلك لأنّه يسشترط في الطّواف وفي السّعي الموالاة، وهي تتابع الأشواط فإذا فصل بينها بفاصل طويل بطل الأول -أي أول الأشواط- ويجب عليه أن يستأنف الطّواف أو السّعي من جديد. أما إذا كان الفصل قصيرًا جلس لمدة دقيقتين أو ثلاث ثم قام وأكمل فلا بأس، أما السّاعة والسّاعتان فهما من الفصل الطّويل الّذي يلزمه إعادة الطّواف.
(الشّيخ ابن عثيمين-رحمه الله-)س24: هل يجوز أن يخيط الإحرام إذا تمزق أو يبدله؟
له أن يخيطه وله أن يبدله بغيره، والأمر في ذلك واسع والحمد لله، والمخيط المنهي عنه هو الّذي يحيط بالبدن كله كالقميص والفنيله وأشباه ذلك. أما المخيط الّذي يكون في الإزار أو في الرّداء لكونه مكونًا من قطعتين أو أكثر خيط بعضها في بعض فلا حرج وهكذا لو حصل به شقّ أو خرق فخاطه أو رقعه فلا بأس بذلك.
(الشّيخ ابن باز- رحمه الله-)س25: بعض من النّاس يأخذ سلفية من شركته يتم خصمها من راتبه بالتّقسيط ليذهب إلى الحجّ، فما رأيكم في هذا الامر؟
الّذي أراه أنّه لا يفعل؛ لأنّ الإنسان لا يجب عليه الحجّ إذا كان عليه دينٌ فكيف إذا استدان ليحجّ؟ فلا ارى أن يستدين ليحجّ؛ لأنّ الحج في هذه الحال ليس واجبًا عليه. والّذي ينبغي له أن يقبل رخصة الله -سبحانه وتعالى- وسعة رحمته، ولا يكلف نفسه دينًا لا يدري أنّه لا يقضيه، ربما يموت ولا يقضيه. فيبقى في ذمته.
(الشّيخ ابن عثيمين-رحمه الله-)س26: حججت وجاءتني الدّورة الشّهرية فاستحييت أن أخبر أحدًا ودخلت الحرم فصليت وطفت وسعيت فماذا علي علمًا بأنّها جاءت بعد النّفاس؟
لا يحلّ للمرأة إذا كانت حائضًا أو نفساء أن تصلّي سواء في مكة أو بلدها أو في أي مكان لقول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في المرأة: «
أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم» [رواه البخاري 1951] وقد أجمع المسلمون على أنّه لا يحلّ للحائض أن تصوم ولا يحل لها أن تصلّي، وعلى هذه المرأة التي فعلت ذلك عليها أن تتوب إلى الله وأن تستغفر مما وقع منها، وأمّا طوافها حال الحيض فهو غير صحيحٍ وأما سعيها فصحيح؛ لأن طواف الإفاضة ركنٌ من أركان الحجّ ولا يتمّ التّحلل الثّاني إلا به وبناء عليه فإن هذه المرأة لا يباشرها زوجها إن كانت متزوجة حتى تطوف ولا يعقد عليها النّكاح إن كانت غير متزوجةٍ حتى تطوف والله تعالى أعلم.
(الشّيخ ابن عثيمين-رحمه الله-)س27: ما الحكم فيمن يصطحب معه آلات اللهو المرحمة في الذهاب على الحجّ أو العمرة؟
اصطحاب الآلات المحرمة إذا استعملها الإنسان لا شك أنّه على معصيةٍ والإصرار على المعصية كبيرةٌ، وإذا استعملت حين تلبسه بالإحرام بالعمرة أو الحجّ كان ذلك أشد إثمًا لقول الله -تعالى-: {
فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].
فعلى الإنسان المسلم أن يتجنب كل ما حرم الله عليه لا في الذّهاب إلى الحجّ ولا في الرّجوع منه ولا في التّلبس به.
(الشّيخ ابن عثيمين-رحمه الله-)س28: ما الّذي ينبغي لمن وفقه الله -تعالى- لإتمام نسكه من الحجّ والعمرة؟ وما الّذي ينبغي له بعد ذلك؟
الّذي ينبغي له ولغيره ممن من الله عليه بعبادة أن يشكر الله -سبحانه وتعالى- على توفيقه لهذه العبادة، وأن يسأل الله -تعالى- قبولها، وإن يعلم أن توفيق الله إيّاه لهذه العبادة نعمة يستحق -سبحانه وتعالى- الشّكر عليها، فإذا شكر الله، وسأل الله القبول. فإنّه حريٌّ بأن يقبل؛ لأن الإنسان إذا وفق للدّعاء فهو حريٌّ بالإجابة وإذا وفق للعبادة فهو حريٌّ بالقبول، وليحرص غاية الحرص أن يكون بعيدًا عن الأعمال السّيئة بعد أن منّ الله عليه بمحوها، فإنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: «
والحجّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنّة» [رواه البخاري 1773].
ويقول -صلّى الله عليه وسلّم-: «
الصّلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهنّ إذا اجتنب الكبائر» [رواه مسلم 233]، ويقول -صلّى الله عليه وسلّم-: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» [رواه البخاري 1773]، وهذه وظيفة كلّ إنسانٍ يمنّ الله -تعالى- عليه بفعل عبادة أن يشكر الله على ذلك وأن يسأل القبول.
(الشّيخ ابن عثيمين -رحمه الله-)لتحميل المطوية مصورة pdf/4.1 MBإضغط هنا
لتحميل المطوية بصيغة pdfإضغط هنا
لتحميل المطوية wordإضغط هنا
مكتبة الإمام الذّهبي