بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
برقيات الى المليونية المصرية / أمير سعيد
البرقية الأولى: إلى الميدان.. لكن بحذر

الآن، بعد صدور الموافقات تترا؛ فإن المليونية يبدو أنها ستكون حاشدة، وأمامها تحديات مختلفة، أولها نتائج البطء الذي وقعت فيه القوى الإصلاحية، ما سمح لقوى التشويش والتهويش بأن تسعى لإخراج رفض الوثيقة من تقدم شعارات المليونية ووقوعها في سقف طموحات وأولويات مطالب المتظاهرين..

أطلقت كلمة حق يراد بها غير ما قيلت له، وهو تسليم السلطة للمدنيين، هذا مطلب مهم جداً ولابد أن يتم وفقاً لجدولة مختصرة الزمن كثيراً ما طالب بها الإصلاحيون – وقد طالبت بها أيضاً كخارطة طريق في أعقاب تنحي مبارك في عدة مقالات سابقة – فلا مجال للمزايدة حولها، هو مطلب أصيل يلي رفض الوثيقة ورفض فرضها على المصريين، غير أن البعض يطلقها أولاً منفردة ضارباً عرض الحائط بإرادة الجماهير في رفض الوثيقة غير الدستورية، وثانياً سيسعى للتصعيد لطرح ما يُسمى بالمجلس الانتقالي الوطني، وهو تركيبة يراد تقليدها على النسيجين الليبي والسوري ولكن على غير الوجه الصحيح، وباستنساخ شائه يستبعد الفروق الجوهرية بين الحالة المصرية ونظيرتيها الليبية والسورية، اللتين احتاجتا إلى مجلس انتقالي (وضعت في صدارته العليا شخصيات لها هوى غربي واضح)، وربما سيكون لدى الموتورين فرصة لحرف المليونية عن مسارها والتحرش بالجيش أو بالمتظاهرين أنفسهم.

وثاني التحديات يتعلق بطريقة تأمين المليونية ومنع الاحتكاك بين القوى المختلفة المقاصد من هذه المليونية، وصراعات المنصات المتوقعة.
وثالثها: النتائج التي ستخرج بها المليونية، وما إذا كان لدى الإصلاحيين بدائل أخرى إذا لم تستجب السلطات لنداءات مئات الآلاف أو الملايين، وهو أمر وارد جداً في ظل صك السلطة آذانها عن سماع والاستجابة لمطالب الإصلاحيين كما في جمعة الإرادة الشعبية.
الأخطر في كل هذا، أنها الجمعة الأخيرة المتاحة قبل الانتخابات.. أو للدقة أكثر، هي الفرصة الأخيرة لمن يريد تفجير الانتخابات قبلها لا أثناءها..

البرقية الثانية: شروط نجاح المليونية القادمة

1 ـ الحشد العالي.
2 ـ نضج حديثي الممارسة السياسية.
3 ـ عدم الاقتصار على التجمع الزمني القصير وتطوير آلية المطالبات السلمية.
4 ـ منع الأصوات النشاز.
5 ـ منع المندسين.
6 ـ وضوح الهدف، وعبقرية الهتافات والشعارات.
7 ـ شمولية المليونية للأطياف المختلفة وتقليل مساحات الاختلاف التنظيمي.، وشيوع الصبغة المصرية عليها.
8 ـ التلويح بأوراق أخرى حال لم يتم الاستجابة لها.

البرقية الثالثة: ليرفع المصريون علمي سوريا واليمن الجمعة القادمة

هذا أقل واجب إزاء ثورة سوريا، ولن أقف كثيراً حول أي علم لسوريا يرفع، فكلها تدور حولها تساؤلات ومرت بمحطات لم تكن فيها إرادة الشعب السوري هي التي صدر عنها العلم، لكن الأهم من هذا وذاك أن إبداء التضامن مع الثورة السورية وإظهار موقف مخالف عن موقف نظامنا المخزي من هذه الثورة العظيمة، وكذلك من أختها اليمنية التي تقدم النساء شهيدات القهر والظلم الرسمي اليمني..
نعم إن موقفنا المخزي الذي عبر عنه محمد عمرو وزير خارجية نظام ما بعد مبارك في مصر بمطالبته ـ كروسيا ـ الأطراف السورية لـ"الحوار" لحل الأزمة السورية، ورفض ما أسماه بالتدخل الأجنبي في سوريا يتماهى مع موقف مصر الرسمي منذ أول زيارة لمسؤولي ما بعد الثورة إلى دمشق للتأكيد على وقوف مصر مع النظام السوري، ويتناغم مع موقفها من الثورة الليبية وتأييدها المبطن للقذافي إلى أن تبدى هلاكه قبل شهور، وهو موقفها من الثورة اليمنية الصامت والمشجع على استرسال رئيسها في عناده وكفه عن قتله لشعبه وتعويق قرارات الجامعة بشأن نظامه... هو موقفها المبدئي من الكرامة والحرية واحترام الإنسان، وهو ما يمكن رصده من تباطؤ مصر في تمتين علاقتها بليبيا الثورة وتونس الثورة، وهرولة عمرو للجزائر النظام الذي أغلق 900 مسجداً مؤخراً، والمتردد بشأن قرارات الجامعة بشأن النظام السورين بل وحاول مقاومة القرار.. ربما لتنسيق الجهود.. الوطن السورية أشادت بموقفي الجزائر ومصر ووافقتها المنار الإيرانية ..
وهي مواقف تحتاج إلى تصحيح عبر هذه المليونية التي لابد أن تصالح بها مصر شعبها العربي وامتدادها الديني والعرقي والجغرافي؛ فإذا كانوا ينثرون الدم فانثروا الورود؛ وإذا كانت المظاهرات تحت وابل الرصاص بسوريا فلا أقل أن تقوموا مناصرين في قلب القاهرة.. ميدان التحرير ليس تحريراً لشعب مصر وحده.. هكذا ينبغي أن يكون، وهذا هو الدور المأمول والمنتظر من المصريين... وإلا فانكفئوا على أنفسكم وارضوا بالدنية وغادروا التاريخ..
المصدر: المسلم