بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
أسرى في سجون الإلحاد المسلمون في السجون الروسية

في معرض حديثنا عن الجاليات والأقليات الإسلامية التي نحاول اقتفاء أثرها أينما وجدت, نفتح اليوم ملف إحدى الأقليات الإسلامية ولكنها أقلية من نوع جديد وغريب, ألا وهي الأقلية الإسلامية القابعة خلف الأسوار في أحد البلدان الأجنبية, قد يستغرب البعض هذا الأمر ولكنها حقيقة كنا قد أثرناها من قبل في دول أوروبا وأمريكا وذلك منذ فترة,واليوم نعيد الكرة ولكن نستبدل الغرب بالشرق الأقصى في روسيا وجمهورياتها,وقد أردنا من خلال موضوعنا أن نميط اللثام عنها,ونتفقد جوانبها وخفاياها,محاولين بذلك إكمال وإيضاح صورة للأقليات ربما لم تتضح بعد.

إخوتي وأخواتي نعلم أن عدد المسلمين في روسيا حسب تقديرات الإدارات الدينية ودار الإفتاء يبلغ قرابة 24مليون نسمة,ترى كم منهم يقبع داخل السجون الروسية في جمهورياتها المختلفة,تقول التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان أن السجون الروسية مكتظة، وتشتهر هذه السجون ليس فقط للظروف الفقيرة ولكن لسوء الإدارة.

وسجن بوتيركا هو واحد من أعتى السجون في روسيا. وكان هذا السجن الذي بني في القرن التاسع عشر من أسوء السجون في روسيا، وكان وطناً للعديد من الشخصيات الشهيرة مثل "ألكسندر سولجينتسين"، الكاتب "إيساك بابل"، وابن شقيق هتلر.وبعد وفاة المحامي البارز الروسي "سيرجي ماغنيتسكي" فيه في عام 2009م، تم تفتيش جميع المؤسسات العقابية في البلاد. ووفقا لتقارير وكالة رويترزفي هذا السجن والذي يتمتع بحراسة فائقة في وسط موسكو ثلث السجناء من المسلمين من شمال القوقاز وآسيا الوسطى.
في الوقت الحالي يقبع أكثر من 20.000 شيشاني في سجون الإحتلال الروسي على خلفية غزو هذا الأخير أراضي الشيشان.متهمين " باللصوصية" , "بالإرهاب " أو بالمشاركة في أعمال " غير قانونية ".أو في غالب الأحيان تهمتهم الوحيدة هي كونهم من أصل شيشاني !!

مصيرهم غالبا ما يكون أتعس من السجناء الأخرين,حيث يموت الكثير منهم جراء التعذيب ,الإغتيالات الممنهجة و الإنتحار. في حين أن سجانيهم هم عبارة عن محاربين روس قداماء أو عملاء شيشانيين سابقين شاركوا في الحرب الروسية - الشيشانية .فتخيلوا المعاملة التي يعاملها هؤلاء لخصومهم السابقين.
إن معاهدة جونييف12 أوت 1949م و الموقعة من طرف الإتحاد الإشتراكي السوفياتي سابقاً و الإتحاد الروسي تنص على إعطاء أسرى الحرب صفة خاصة كما تنص على حمايتهم ضد التعسف. و هذه بعض مطالب المدافعيين عن السجناء الشيشانيين.

- إحصاء جميع السجناء في سجون روسيا منذ سنة 1994.

- حمايتهم و تطبيق بنود معاهدة لاهاي الخاصة بالسجناء عليهم.

- مراقبة فصح مراكز إعتقالهم.
لكن لكي تطبق بنود معاهدة جونييف و لكي يدخل السجناء تحت صفة "أسرى حرب" يجب أن تكون هناك حرب أولا !رسمياً بالنسية لروسيا فإن هذا الصراع الذي عصف بجمهورية تاركاً وراءه أكثر من 200.000 قتيل لا تعدوا أن تكون سوى عملية بوليسية تشبه إلى حد بعيد ما قامت به فرنسا في الجزائر .
هناك انتهاكات كثيرة لا تعد وفظائع ترتكب ضد السجناء المسلمين في السجون الروسية سنسرد فيما يلي بعضها على سبيل المثال لا الحصر:
• فقد اتهمت الرابطة الشعبية من الطاجيك -وهي منظمة للمهاجرين في روسيا - مسؤولي السجون الروسية بحرق نسخ من القرآن الكريم للمسلمين السجناء والاعتداء عليهم. وقالت الرابطة الشعبية من الطاجيك:"أن هذه الحوادث وقعت في سجن في منطقة تامبوف جنوب شرقي موسكو.".كما قالت أيضاً:"أن مسؤولو السجن دمروا أيضا مسجداً أنشأه السجناء.
وقالت المنظمة أيضاً:"أن أربعة سجناء من طاجيكستان ، واثنان من أوزبكستان وواحد من قيرغيزستان اشتكوا من أنهم تعرضوا للاعتداء من قبل الحراس.و دعت المجموعة وزارة العدل الروسية والادعاء العام للتحقيق في الاتهامات.

• وذكرت صحيفة روسية أنه تم منع المسلمين من الصلاة في السجون الروسية،وقُدِّم لهم طعام مصنوع من لحم الخنزير.
استنادًا على تقرير مركز حماية حقوق الإنسان الروسي "ميموريال"، كتبت صحيفة "نوفيا أزفاستيا" - التي تصدر في "روسيا"في خبرٍ بعنوان "الصلاة محظورة" - عن القهر الذي يتعرض له المسلمون وخاصةً الذين من أصل شيشاني.

• وأُعلن في تقريرلمركز حماية حقوق الإنسان الروسي أيضًا:" أن حراس السجن يعزفون موسيقى بصوتٍ مرتفع أثناء إقامة المسلمين المسجونين للصلاة، وأحيانًا يطلقون الكلاب على من يرونه يصلى.

وأكدت صحيفة "نوفيا أزفاستيا" أن إدارات السجون لم تستجب للنداءات الموجهة من أجل حل هذه المشاكل، وأضافت: إن ممثلي "ميموريال" يربطون بين حدوث مثل هذه الأفعال المتعلقة بمن هم من أصل شيشاني على وجه الخصوص،وبين وجود عدد كبير في السجون من الأشخاص الذين شاركوا في الحرب في "الشيشان"، وأعلنت مؤسسة حقوق الإنسان هذا التقرير في اجتماع الاتحاد العالمي لحقوق الإنسان في "باريس".

ولأن شر البلية ما يضحك فقد صدر عن المسئولين عن السجون الروسية بعض الأفعال الحسنة التي تخالف الانتهاكات التي ترتكب في السجون ويعلم الله علام تنطوي تلك التصرفات !!!

فعلى سبيل المثال كلفت إدارة مسجد سجن "كورغان" الروسي أحد مصانع الخياطة بصناعة ملابس مخصصة للصلاة للمسلمات المعتقلات.وقال إمام "مسجد كورغان" "زيدالى ميزروباف":" - أن الملابس الخاصة التي تم تسليمها للنساء المحتجزات بالسجون لا تتناسب مع الشريعة الإسلامية؛ حيث إنها لا تغطي الرقبة وذات أكمام قصيرة؛ لذلك قررت إدارة السجن تكليف أحد مصانع الخياطة بصناعة ملابس مخصصة للصلاة للمسلمات لأداء الصلاة.
وأضاف "ميزروباف": يجب أن تكون ملابس النساء المسلمات تغطي جميع أجزاء الجسم عدا الوجه والكفين، فنحن أخذنا الموافقة على هذه المبادرة من قادة المؤسسة وقمنا بشراء المواد المطلوبة وتم تصنيع 10 قطع حتى الآن، وكل ما يلزمه خياطة 26 قطعة على حسب عدد الأخوات المسلمات اللاتي يأتين للصلاة في غرفة الصلاة.هذا وقد قام ممثلو المسجد بضمان توفير كل ما يلزم النساء من سجاد الصلاة وغيرها من الملحقات الضرورية.سبحان الله ينتهكون أعراض المسلمات ويحيكون لهم ما يسطرهم في الصلاة.
وفي حادث أكثر ظرفاً افتتحت السلطات فى سجن بوتيركا بموسكو أول مصلى لنزلاء السجون من المسلمين تحت رعاية مجلس مفتى روسيا، وذلك تنفيذا لاتفاقية تم إبرامها العام الماضى من قبل مجلس مفتى روسيا ومديرية السجون الإصلاحيات بشأن التعاون فى ما يتعلق بالشئون الروحية والأخلاقية. وأشارت قناة روسيا اليوم إلى أن رئيس أئمة مساجد موسكو إلدار علاء الدين قام بافتتاح المصلى يرافقه سيرغى تيلياتنيكوف مدير السجن، الذى خصص غرفة بالسجن لتحويلها مصلى، وتم تأسيسها بتبرعات مسلمين روس. وقال الإمام علاء الدين إن هذا المصلى هو فرصة لجميع نزلاء هذا السجن من أجل تغيير سلوكياتهم نحو الأفضل وإعادة النظر فى حياتهم، ومن المهم تقديم هذه الفرصة للناس وليس رفضها. من جهته، قال مدير السجن سيرغى تيلياتنيكوف أن عدد المسلمين بهذا السجن حوالى ثلثى عدد النزلاء مشيرا إلى أنه لا يوجد أفضل من محاولة إصلاح النفس من خلال الدعم الروحى والدينى، وهذا الأمر مهم جدا بالنسبة للسجناء. وبعد حفل الافتتاح الرسمى للمصلى قام رئيس أئمة مسجد موسكو برفع أول صلاة شارك فيها جميع نزلاء السجن والموظفين فيه من المسلمين، فيما أكدت إدارة السجون فى روسيا أن إقامة الصلاة اليومية لا تتعارض والإجراءات المعمول بها فى السجون .

إلى هنا نتوقف مع وعد بلقاء جديد إن شاء الله لنكمل الرحلة داخل السجون الروسية لنتفقد أحوال الأقلية المسلمة هناك.