المنهيّ عنه من القول في ذات الله وصفاته



إنّ موضوع الذّات والصّفات موضوع دقيق وحسّاس ذلك لأنّ اللفظ فيه لفظ عن ذات الله وصفاته الذين لا يحيط بهما عقل. وقد يُفسِد ما يقوله المرء عن عقيدته عدم إختياره للألفاظ المناسبة لذلك. والأدهى والأخطر أنّ الذي يتلقّى ذلك القول قد يفهمه على غير الوجه الصّحيح ويفسُد بذلك معتقده وقد يضلّ، والسّبب هي ألفاظ أسيء إختيارها للحديث عن ذات الله وصفاته.

لذلك فإنّ أصحاب الفطَر السّليمة كالصّحابة رضوان الله عليهم أمسكوا حتّى عن الحديث في هذا الموضوع ولا عجب فهم قد قدروا الله حقّ قدره ورجوا للّه وقارا، ومن أشهر ما قيل في ذلك النّهي قول أبي بكر الصّدّيق وهو خليل رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم:{العجزُ عن الإدراك إدراك والبحث في ذات الله إشراك}. والإدراك هو العقل. وقوله هنا يخصّ البحث في ذات الله. ويقول أنّ العجز عن الإدراك أي العقل فيما يخصّ ذات الله هو إدراك أي عقل، وتأمّلوا لفظ "العجز". فمن كان عاجزا على إدراك ذات الله، فقد أدركَ أي عقُلَ ورشُدَ . لأنّ ذات الله الخالق لا يستطيع إدراكها عقل مخلوق. والسّؤال المطروح: هل يستطيع العقل وهو العاجز عن إدراك الذّات أو ما تعلّق بها أن يتحدّث عنها بإجتهاد أو تأويل؟ طبعا لا! إلاّ من سفه دينه.

فإذا كان خليل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو من قال ذلك وهو من شهد الوحي من أقرب مكان على الإطلاق وفهمه ووعاه، فهل سيكون غيره بما فيهم نحنُ أفهم منه لكلّ الكلمات التي وردت في ذات الله وصفاته حتّى نقول غير ما قال أو نزيد عليه؟! طبعا لا! إلاّ من سفه دينه.

وقد أمسك العلماء الأوائل عن الحديث عن ذات الله وصفاته وقالوا أنّ ماجاء من الألفاظ المتعلّقة بذات الله أو صفاته إنّما نثبّتُها كما هي بدون أدنى زيادة أو نقصان لأنّ أدني زيادة أو نقصان لن يقدر عليها من المخلوقين أحد.

وصفات الله كما ذاته جلّ وعلا حقيقة لا مجاز. فهل يُعقَلُ أن يؤمن أحدنا بإلاه مجازي أو خيالي؟ ومن يقول ذلك غير من سفه نفسه ودينه؟

فالله جلّ وعلا بذاته وصفاته حقيقة وليس مجاز.

وعين الله وتعني المعيّة هي حقيقة، والسّاق وقد فسّرها عشر صحابة منهم إبن عبّاس ـ حبر الأمّة ـ بالشّدّة ـ وأحد العشرة قال النّور ـ هي حقيقة ... وهذا القول يختلف عن القول:

للّه عينان إثنتان حقيقيّتان

للّه يدان حقيقيّتان وكلتاهما يمين

للّه ساق حقيقيّة، ويزيدون الوصف حتّى يمكنك تخيّلها بسهولة ـ جبرا وليس إختيارا حتّى وإن زادوا على ذلك بدون تمثيل ولا تكييف ولا تشبيه ـ.

فالتّعداد ثمّ لفظ "حقيقيّتان" يجبران أيّ شخصٍ يقرأ ذلك إلى تصوّرٍ معيّن وهما الذان أنهى عن تداولهما لما فيه من مفسدة لعقائد النّاس ولنمتثِل خاشعين لما قال خليل رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم:{العجزُ عن الإدراك إدراك والبحث في ذات الله إشراك}.





اللهمّ أرزقنا خلافة راشدة على منهاج النّبوّة تعزّ بها الإسلام وأهله وتُذلّ بها الكفر والنّفاق وأهله وتجعلنا فيها من الصّالحين المصلحين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[b]