بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمينأسـعـدكـمـا الـلـه القشة التي قصمت ظهر البعيرأم عبد الرحمن محمد يوسفتنهار المرأة عندما تتجاوز حدود طاقاتها، والعنصر الفعلي الذي يسبب الانهيار يمكن أن يكون مشابهًا للقشة التي قصمت ظهر البعير، فما يسبب لها الانهيار ليس وزن الحمل ولكن قشة أو اثنتين هما اللتان تفعلان ذلك، فإذا استطاع الرجل أن يستمر في الاستماع إليها وهي تروي له كل الضغوط والمسئوليات التي تثقل كاهلها، ثم بعد ذلك يعرض عليها أن يخفف حملها بأن يحمل القليل من القش فإنه يساعدها مساعد هائلة، قد لا تشعر بتحسن كبير في التو ولكنها ستقدر ذلك كثيرًا وستتعافى بشكل أسرع مما يمكنها أن تتصور.
(عمومًا يتردد الرجل في تقديم مساعدته لها عندما تعاني من حالة الإنهاك؛ لأنه يفترض أن طريقة المساعدة تكون بتعريف أصعب المهام ثم القيام بها بعد ذلك، مع أن ذلك ليس ضروريًّا هذا بالإضافة إلى أنه سيشعره بالسخط بسبب قيامه بأصعب مهامها، وما يستطيع فعله هو اختيار بعض أعمالها الروتينية البسيطة والتي سيكون من السهل جدًّا عليه القيام بها، فكل ما تحتاجه هو رفع قشتين أو ثلاث عن ظهرها وسوف تستعيد قوتها)الثقة بين الزوجين الكنز المفقود:ومع حرف الثاء نناقش قضية الثقة بين الزوجين، والثقة هي الكنز المفقود في الكثير من البيوت، فنجد الزوجين في بداية زواجهما يعيشان لحظات سعيدة من الثقة والحب والتقدير، ثم يبدأ جدار الثقة في التشقق يومًا بعد يوم ،حتى يأتي اليوم الذي ينهار فيه الجدار وتنعدم الثقة بين الزوجين.
والسبب في ذلك هو الممارسات الخاطئة من الطرفين، فالزوجة التي تقول لنفسها: ولماذا أتزين له، وأهتم بمظهري، وهو لا يقدرني حتى بكلمة واحدة؟!
والزوج الذي يقول لنفسه: أنا أتعب وأكد وأكدح ثم لا أسمع منها كلمة شكر واحدة، بل تنقل أسراري خارج البيت!
إن تراكم هذه السلوكيات الخاطئة من جانب الزوجين تتسبب بلاشك في تصدع جدار الثقة بين الزوجين شيئًا فشيئًا، وحينما يتسلل الشك إلى قلب الزوجين يسرق الحب من قلبيهما، ويغرس الضغينة والحقد والغل، إذا تلعق الشك بقلب أحد الزوجين أو كلاهما، فإن جدار الثقة ينهار في غمضة عين، فيأكل الشك قلب الزوجة، فتظل تراقب زوجها وتفتش جيوبه وتتفقد مكالماته، أو يأكل قلب الزوج فيتجسس عليها، ويتنصت على مكالماتها وبريدها الإلكتروني، وإذا وجد الشك بين الزوجين مات الحب ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والعجيب أن الكثير من الأزواج يتسبب في إنماء هذا الشك ويُربِيه من حيث لا يشعر، ببعض التصرفات الصبيانية التي تدل على حماقة التفكير وسوء التدبير، ولذلك لابد أن يتيقن الزوجان أنه
(لا تقوم حياة على الشك، ولا تستمر حياة مع الشك، والثقة لابد أن تكون متبادلة ومطلقة لا تشوبها شائبة، وكل ذرة شك ينهار أمامها ذرة حب فيختل التماسك ويبدأ الهرم في الانهيار.
كثيرون لا يدركون هذه الحقيقة الخطيرة، أن أعظم هرم يمكن أن ينهار تدريجيًّا، تسقط ذرة يتبعها ذرة أخرى، وهكذا حتى يأتي صباح فلا تجد له أثرًا.
هكذا يضيع الحب وينهار الزواج، وهو ضياع نهائي وانهيار لا رجعة فيه.قد تتصور الزوجة مخطئة أنها بتحريك شكوك زوجها ستحرك عواطفه وتجعله أكثر تشبثًا بها ولعله يعرف قيمتها.
(وكذلك قد يلعب الرجل هذه اللعبة السخيفة، فتبدي الزوجة غيرتها وتبدي اهتمامها بزوجها، ولكن ثمة شك أنزرع في داخلها، وثمة أوهام انغرست في عقلها، وثمة مرارة علقت بعواطفها، وكذلك الزوج قد يبدي غيرته الفعلية ويبدي اهتمامًا بزوجته، ولكن يذهب من قلبه ربما للأبد براءة الحب وطهارة العلاقة، وهكذا ينام الزوجان على فراش الشكوك، ويمشيان على أرض من نار، ويتنفسان هواء مسمومًا)
ومن طرائف الحكايات في ذلك قصة إحدى النساء، عرضت شكواها على عالم نفسي فقالت: إن زوجي يتحدث كثيرًا مع والدته ولا يتحدث إليَّ مثلها، وإذا أردت معرفة سير يوم عمله أصغي إلى حديثه مع والدته، وهنا أخبرها العالم النفسي: ربما يثق زوجك في والدته أكثر مما يثق فيك
بيت النبوة والثقة:ولو تأمل الزوجان بيت النبوة لوجد الثقة ركن أساس فيه لا يمكن أن يختل أو يضعف، وإلا انهار البيت، وهذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجته عائشة رضي الله عنها عندما غارت عليه وتبعته من حيث لا يشعر.
فعن عبد الله بن كثير أنه سمع محمد بن قيس يقول: سمعت عائشة تقول: ألا أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعني؟ قلنا: بلى، قالت: لما كانت ليلتي انقلب، فوضع نعليه عند رجليه ووضع رداءه وبسط إزاره على فراشه، ولم يلبث إلا ريثما ظن أني قد رقدت، ثم انتعل رويدًا وأخذ رداءه رويدًا ثم فتح الباب رويدًا وخرج وأجافه رويدًا، وجعلت درعي في رأسي فاختمرت وتقنعت إزاري وانطلقت في إثره، حتى جاء البقيع، فرفع يديه ثلاث مرات وأطال القيام، ثم انحرف وانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت وسبقته، فدخلت وليس إلا أن اضطجعت.
فدخل فقال: ما لك يا عائش رابية؟ قال سليمان: حسبته قال حشيا، قال: لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير؟ قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرته الخبر، قال: أنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت: نعم، قالت: فلهدني لهدة في صدري أوجعتني، قال صلى الله عليه وسلم: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت: مهما يكتم الناس فقد علمه الله عز وجل.
قال: نعم، فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك فناداني، فأخفى منك فأجبته وأخفيته منك، وظننت أنك قد رقدت فكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي فأمرني أن آتي أهل البقيع فأستغفر لهم، خالفه حجاج بن محمد فقال: عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن محمد بن قيس [صححه الألباني في صحيح سنن النسائي، (3963)].
فانظرا كيف أدب النبي صلى الله عليه وسلم زوجته بلطف وكيف تفهم غيرتها، فأسس بينهما جدار ثقة لا يتهدم أبدًا.
تصافيا: التطبيق العملي للثناء:كيف يحفز الزوج زوجته؟كثيرًا هم الأزواج الذين يشعرون زوجاتهم دائمًا أن ما يقمن به من أعمال منزلية وتصرفات زوجية من صميم واجباتهن، فيتلقى الزوج ما تعمله الزوجة ببرود ولا مبالاة، فتتخاذل الزوجة ولا تجيده، أو كما تقول دائمًا: تأدية واجب.
والزوج الذكي هو الذي يجعل زوجته تنتظر مكافأة عن أي عمل تؤديه، فابتسامة من أجل حجرتك النظيفة، وقبلة لرائحة الطعام الشهي، ولمسة رقيقة لرعايتها لابنك المريض، وهمسة حب حالمة لهذا الثوب الرائع الذي ما ارتدته إلا لك.
هذه مفردات الشكر التي تريدها منك زوجتك.
ثم امدحها:
قالو: إذا كان المدح منفردًا مرة واحدة فإن المدح أمام الناس يجب أن يكون ثلاث مرات.
واسأل نفسك لماذا لا تمتدح زوجتك؟
هل هو تكبر منك، أم تخاف أن تتكبر عليك هي؟
أم هي لا تستحق؟
وعندما تجد إجابة حاول أن تتجاوزها.
امدح زوجتك بصدق، ولا تخلط الجد بالهزل، واجعلها تصدق مدحك.
لا تتكلف ولا تستخدم الكلمات المنمقة جدًّا، فالصدق هو التعبير بأقل كلام.
امدحها بوجهك وعينك ولمساتك مع لسانك، امدح زينتها، عطرها، أنوثتها، حياءها، امدح عملها، تعبها، إنتاجها، طعامها.
امدحها أمام الآخرين وفي غير وجودها، وأخبرها أنك مدحتها أمام الآخرين
كيف تحفز المرأة زوجها؟إن لدى الرجل حاجة أولية إلى أن يشعر بإعجاب المرأة، والإعجاب من المرأة يعني أن تنظر المرأة إليه بإكبار وابتهاج واستحسان، وحين يشعر الرجل بأنها معجبة به يشعر بالأمن إلى درجة تجعله ينذر نفسه لامرأته ويهيم بها.
يحظى الرجل بإعجاب كل الناس ولكن إذا افتقد إعجاب رفيق حياته فإنه يفقد إعجابه بنفسه!
إنه لا يشعر بقيمته الحقيقية إلا من خلال إعجاب رفيقته، زوجته، حبيبته، وهو لا يهمه إعجاب أحد إلا إعجاب هذه الرفيقة الحبيبة.
إنها هي فقط من يهمه أن يظهر لها جماله وقوته وإبداعه وتفوقه ونجاحه، ومن ثم وجب على الزوجة أن تعبر عن إعجابها، وأن يبدو ذلك في كلماتها بل وفي عينيها وسلوكها.
إن كل إنسان له قدرات ومواهب، كل إنسان له مناطق جميلة داخله وخارجه، ونحن نرى الإنسان بطريقة كلية شاملة، نراه كإنسان، ونعجب به ونحبه، نقترب منه فنعرفه أكثر، ونطَّلع أكثر على مناطق جماله.
والحبيب الزوج هو في أقرب موقع من زوجته، ولذا فهو أحق من يسمع منها كلمة إعجاب، تعبر عن رضاها وسعادتها لأنه معها، تؤكد له أنها دارت على الدنيا كلها لن تجد مثله، فضلًا عن أن تجد أروع