بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمينشـفـاكـم الـلـه فوائد الكالسيوم الصحيةفي حقيقة الأمر إن للكالسيوم العديد من الفوائد لجسم الإنسان لاتخفى عن الكثير منا، لكن قد شاعت في مثل هذه الأيام العديد من المنتجات المقواة بالكالسيوم ، سنقوم من خلال هذه الدراسة البسيطة بالتطرق الى فوائد الكالسيوم ، وهل صحيح أن تناول المنتجات المقوّاة بالكالسيوم، وأقراص الكالسيوم يساعد في الوقاية من هشاشة العظام؟ ما الدور الحقيقي للكالسيوم في ما يتعلق بصحة العظام؟ وغيرها من الموضوعات الهامة في هذا المجال.
مصادر الكالسيوم وفوائده:إن المصدر الطبيعي لحصول الجسم على الكالسيوم هو الطعام ، خاصة الحليب ومشتقاته ، ويقوم الجهاز الهضمي بإمتصاص 30% من كميات الكالسيوم التي تدخل الجسم، بينما يتم طرح الكمية الباقية خارج الجسم بالطرق الطبيعية المعروفة.
وينتقل الكالسيوم الذي يمتصه الجسم إلى الدورة الدموية، ويصل بعد ذلك إلى الأعضاء والأنسجة التي تحتاج إليه ، وتقـول إختصاصيـة الغـدد، الفرنسية الدكتورة مـارتيــــــن دوكلـــوس، إنّ 99% من الكالسيـــوم الـذي يدخــل الجسـم، يتـم تخزينه في العظام وفي الأسنان، و1% في الدم والجلد. ومن أصل نسبة 1% هذه، هناك 0.1% موجودة في الخلايا الأخرى. وهذه الكمية على الرغم من صغرها، تلعب دوراً رئيسياً في الجسم، لأن عملية الأيض والتفاعُلات الكيميائية لا يمكنها أن تتم من دون الكالسيوم. فلا يمكن مثلاً أن تحدث الإنقباضات العضلية، أو التوصيلات العصبية أو القلبية، أو التراكيب الهرمونية أو التخثّرات الدموية من دون كالسيوم. وفي كل لحظة تشهد أجسامناً تحركات منتظمة للكالسيوم من العظام في إتجاه الدم، ومن الدم في إتجاه العظام.
حاجات الجسم اليومية من الكالسيوم:تختلف حاجتنا اليومية من الكالسيوم، بإختلاف العمر وحالة الجسم البيولوجية. فالمرأة الحامل أو المُرضعة، تحتاج إلى ألف ملغ، أمّا النساء الأُخريات فيحتجن إلى 900 ملغ، وهي كمية يمكن الحصول عليها بسهولة عن طريق الحليب ومشتقاته. أمّا لدى الأطفال (بين سن 10 و12 سنة)، والمراهقين، والنساء في سن انقطاع الطمث والرجال الذين تعدُّوا سن 65، فترتفع هذه الكمية إلى 1200 ملغ في اليوم. وتعلق إختصاصية أمراض العظام، الفرنسية ميشير غارابيديا، قائلة: إنّ التغذية الطبيعية كفيلة بتأمين حاجة الأطفال الصغار إلى الكالسيوم. أمّا المراهقون، فتعاني نسبة منهم نقصاً في الكالسيوم، خاصة في فصل الشتاء.
ويعود ذلك إلى نقص في الفيتامين (D)، الذي يُنتجه الجسم عند التعرُّض لأشعة الشمس. ويتفاقم هذا النقص لدى أولئك الذين لا يأكلون الأسماك الدهنية الغنية بفيتامين(D). والمعروف أنّ هذا الأخير، هو الذي يسمح للجهاز الهضمي بإمتصاص الكالسيوم. وإذا كان المراهق، إضافة إلى ذلك، لا يتناول كمية كافية من الحليب ومشتقاته، فإن إفتقاره إلى الكالسيوم، سيؤثر سلباً في عملية تمعدن الهيكل العظمي لديه. ويُستحسن في هذه الحالة، أن يتناول المراهق قرصاً يومياً في الفيتامين (D) في بداية للإصابة بنقص في الكالسيوم، وذلك بسبب غياب هرمون الإستروجين، الذي كان يسهل عملية الإمتصاص المعوي للكالسيوم. وتزداد إمكانية معاناتها هذا النقص، إذا كانت لا تتعرض لأشعة الشمس، ولا تتناول كميات كافية من الأطعمة الغنية بالكالسيوم والمعززة بالفيتامين (D).
الأطعمة المقوّاة بالكالسيوم وأقراص الكالسيوم:تقول غارابيديان، إنّ البالغ قبل سن 55، لا يحتاج إلى تناول الأطعمة التي يُضاف إليها الكالسيوم، وأقراص الكالسيوم. لكنها تنصح المراهقين والنساء في سن انقطاع الحيض وبعدها، بتناولها.
أمّا بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يحبون الحليب ومشتقاته، أو الذين يعانون حسّاسية تجاهه، فهناك بدائل تتمثل في المياه المعدنية الغنية بالكالسيوم، والأطعمة المقوّاة بالكالسيوم، مثل حليب الصويا. كما يمكن لهؤلاء تناول قرص مكمِّل من الكالسيوم. ويتوجب في جميع الأحوال، التخفيف من كمية الملح التي نتناولها، فهو يزيد من كمية الكالسيوم المهدورة في البول.
دور أشعة الشمس والرياضة في تقوية العظام:تسمح أشعة الشمس للجسم بإنتاج الفيتامين (D) على مستوى الجلد، ويقوم هذا الفيتامين بتعزيز عملية إمتصاص الكالسيوم في الأمعاء. أمّا الرياضة فتقول دوكلوس إنها حيوية وأساسية، لأنّها تحفز عملية تشكُّل العظام. وهي تنصح بإختيار الأنشطة ذات الوقع، مثل الهرولة والمشي والرقص وتمارين تقوية العضلات، لأنّه كلما إزداد حجم النسيج العضلي، زادت ضغوط الأوتار على العظام، ما يعزز عملية تشكُّلها.
وفي المقابل، نجد أن رياضات مثل السباحة وركوب الدراجة، لا تؤثر في قوة العظام (لكنها تظل مفيدة للصحة عامة). وكانت دراسة أميركية حديثة قد أظهرت أنّ النساء بعد سن الخمسين، اللواتي يمارسن المشي مدة نصف ساعة في اليوم، خمسة أيّام في الأسبوع، لا ينجحن في التخفيف من خطر إصابتهنّ بأمراض القلب والأوعية الدموية فحسب، بل يتمكّن أيضاً من إضعاف إمكانية إصابتهنّ بكسور في عظام الفخذ بنسبة 50%. وتقول دوكلوس، إنّ المشيء يُعدّل البنية الميكروسكوبية للعظام، ويجعلها أكثر صلابة كذلك من المفيد ممارسة تمارين رفع الأوزان، فهي تقوي العظام والعضلات معاً.
حقيقة تأثير الكالسيوم في الوقاية من هشاشة العظام:أجريت في الولايات المتحدة الأميركية، أوائل العام الماضي، دراسة واسعة شملت أكثر من 36 سنة، تم تقسيمهنّ إلى مجموعتين. وكانت نساء المجموعة الأولى يتناولن قرصاً يومياً من الكالسيوم (ألف ملغ)، وقرصاً فيتامين (D) (400 وحدة دولية)، للمساعدة على إمتصاص الكالسيوم. أمّا نساء المجموعة الثانية، فكنّ يتناولن أقراصاً مشابهة، لكنها غير ذات مفعول (علاج وهمي). وتبيّن بعد مرور 7 سنوات، أن كثافة العظام سجلت زيادة طفيفة لدى نساء المجموعة الأولى، (وهي المعيار المعمول به لتقويم صحة العظام)، لكنه لم يتم تسجيل أي إنخفاض في الكسور، الناتجة عن هشاشة العظام لديهنّ.
وقد جاءت هذه الدراسة، التي نَشرت نتائجها مجلة "نيوانغلاند" الطبية، لتُظهر أن أقراص الكالسيوم، التي كانت النساء يواظبن على تناولها، لا تتمتع إلا بتأثير ضئيل، أو لا تتمتع بأي تأثير في ما يتعلق بالوقاية من هشاشة العظام، وما يتبعها من كسور.
والواقع، أنّ هذه الدراسة لم تكن الأولى من نوعها. إذ سبق لدراسة أخرى أجريت في جامعة هارفرد، وشملت أكثر من 77 إمرأة، ودامت مدة 12 سنة، ان شككت هي الأخرى في فاعلية الحليب في الحماية من كسور العظام. فقد تبيّن أنّ خطر الإصابة بكسور الحوض، كان لدى النساء اللواتي يشربن كوباً أو أكثر من الحليب يومياً، أكبر مما كان لدى النساء اللواتي لا يشربن الحليب، أو يشربن كمية قليلة منه. وتُعلِّق البروفيسورة آمي جوي لانو، الأستاذة المساعدة في علوم التغذية في جامعة نورث كارولينا الأميركية، فتقول: إنّ الأميركيين يتبنون الفكرة القائلة إنّ النظام الغذائي الغني بالكالسيوم وأقراص الكالسيوم، يساعد على بناء عظام قوية. غير أن تحليلنا للمعطيات لا يؤكد ذلك.
وإذا أخذنا على سبيل المثال النظام الغذائي الصيني، نجد أنّه يكاد لا يحتوي على الحليب ومشتقاته. لكن الدراسات تُظهر أنّ النساء الصينيات أقل عرضة للإصابة بكسور الحوض، من النساء الأميركيات اللواتي يشربن الحليب ويأكلن الجبن واللبن، ويتناولن أقراص الكالسيوم.
وتفسر براون هذا التضارب قائلة: إنّ الوقاية من هشاشة العظام تستلزم توازناً دقيقاً بين الأحماض والقلويات. وكي يقوم الجسم بوظائفه بشكل طبيعي، لا يجب أن يصبح الدم حامضاً جدّاً، أو قلوياً جدّاً. وإذا أصبح الدم حامضاً جدّاً، يمكن للجسم أن يطلق مركّبات الكالسيوم القلوية في العظام، لمعادلة هذه الحموضة. ومن المعروف أنّ النظام الغذائي الغني بالبروتين يغرق الدم بالأحماض الأمينية الكبريتية، التي تزيد من نسبة حموضة الدم، وإذا لم يتم تناول أطعمة نباتية تزيد من نسبة القلويات في الجسم، وتعدّل الحموضة التي سببتها البروتينات، فإنّ الجسم سيضطر إلى إطلاق الكالسيوم من العظام ليقوم بهذه المهمة. وتشير الأبحاث إلى أن كل غرام نأكله من البروتينات، يزيد من كمية الكالسيوم المهدورة في البول، بحوالي ملليلغرام واحد، وهو رقم يصبح مهماً جدّاً على إمتداد عقود. وتقول لانو، إنّ الشخص الذي يتّبع نظاماً غذائياً غني باللحوم وبالحليب ومشتقاته، يعرض نفسه لخسارة في الكتلة العظيمة لديه. أمّا الشخص الذي يتّبع نظاماً غذائياً يعتمد على النباتات ويحتوي على كمية ضئيلة من اللحم والحليب ومشتقاته، فينجح في إبقاء الكالسيوم في المكان الذي يريده، أي في العظام. كذلك فإنّ التخفيف من كمية الملح والكافيين والكولا، يسهم أيضاً في حماية العظام. أمّا بشأن الفيتامين (D)، فقد أكّدت دراسة أُجريت في جامعة هارفرد، أنّ تناول بين 700 و800 وحدة دولية من هذا الفيتامين يومياً، يخفف من إمكانية الإصابة بكسور الورك بنسبة 26%.
وتقدم لانو نصيحة شاملة، فتقول إنّ أفضل ما يمكن أن نفعله، هو ممارسة الرياضة يومياً، وتناول كميات أكبر من الفواكه والخضار، وكميات أقل من اللحوم والحليب ومشتقاته. فهذا يفيد صحتنا بشكل عام، وصحة عظامنا معها.
بعد كل ذلك، نتساءل: هل لانزال نحتاج إلى تناول الكالسيوم؟نعم، فقد أظهرت الأبحاث أنّ الكالسيوم الموجود في الطعام، في الأقراص يسهم في تخفيف خطر الإصابة بإرتفاع ضغط الدم، وهو عامل رئيسي من العوامل المسببة للنوبة القلبية والسكتة الدماغية. وكانت دراسات أُخرى قد أظهرت أن تناول الكالسيوم يومياً يخفف من إمكانية تكرار الإصابة بأورام الغشاء المخاطي، ما قبل السرطانية في الأمعاء، والكالسيوم ضروري أيضاً لإنقباض العضلات.