موضوع: مرسي والهبوط الاضطراري - أحمد عز الدين الأحد نوفمبر 25, 2012 9:52 am
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
مرسي والهبوط الاضطراري - أحمد عز الدين
أحمد عز الدينقام الرئيس مرسي بعملية هبوط اضطراري بعد أن واجهت رحلة طائرة الوطن مشكلات كبيرة في الجو. في الحالات الاضطرارية يعتمد الأمر على ثقتنا فيمن يتولى القيادة, فالذين لا يثقون في قيادة مرسي أو لم يرغبوا من الأصل في أن يتولى القيادة سارعوا بإثارة الشكوك حول الإعلان الدستوري الجديد الذي صدر أول أمس وقالوا إن مرسي يوشك أن يدمر الوطن, وذرفوا الدموع على الديمقراطية, وبشروا بعهد جديد من اليكتاتورية. أما الذين يدركون المخاطر التي نمر بها والمعوقات القاتلة التي لا تزال موجودة, فقد رضوا بالهبوط الاضطراري بديلا عن الانفجار في الجو.
اعتمد نظام مبارك على أربع ركائز رئيسية: بطش الشرطة وبخاصة مباحث أمن الدولة, ودعم المؤسسة العسكرية ممثلة في المجلس العسكري, وولاء قمة وبعض أطراف الجهاز القضائي, وجهاز بيروقراطي يحقق لنفسه مكاسب غير شرعية برضا النظام.
وقد انهارت الركيزة الأولى مبكرًا, بانسحاب الشرطة من الشوارع يوم 28 يناير 2011, ثم بسقوط قلاع مباحث أمن الدولة تاليًا, وإن بقيت هناك جيوب ومصالح لكنها تدخل ضمن النسبة العامة الموجودة في الدولة ولا أظن أنها تمثل تهديدًا كبيرًا.
أما المجلس العسكري فقد زاد نفوذه بعد الثورة, بعد أن تنازل له مبارك عن السلطة. تولى المجلس السلطة نحو 17 شهرا انخفضت فيها شعبيته سياسيا للحضيض, ومع انتخاب مرسي حاول المجلس تكريس سلطته بالإعلان الدستوري المكمل لكنه لم يصمد أمام قرارات مرسي في أغسطس الماضي وانتهت ازدواجية السلطة.
تمثلت العقبة الثالثة في بعض رجال القضاء, وبخاصة في النيابة العامة والمحكمة الدستورية وبعض الدوائر. الملاحظات على النائب العام أكثر من أن تحصى, والمطالبة برحيله إجماع وطني، وقد حاول مرسي أن يفتح له باب الخروج لكنه أبى.
بعد إنهاء السلطة السياسية للمجلس العسكري, تحولت بعض الشخصيات القضائية إلى العمل السياسي المباشر .. أصبحت قيادات سياسية معارضة ترتدي وشاح القضاء, وتتمسك بالحصانة. كان ذلك واضحًا حتى قبل رحيل سلطة المجلس العسكري, كما ظهر من حكم حل مجلس الشعب, وإلغاء قرار عودة مجلس الشعب, والتعجيل بالحكم في قضايا على غير عادة المحاكم, وانحياز بعض الأحكام بشكل واضح. من المسلم به أن العدالة تتحقق بنص قانوني سليم وقاضٍ يلتزم بالنص, لكن نظام مبارك دمر أسس العدالة بإصدار نصوص قانونية فصلها ترزية القوانين سيئو السمعة, وبتولية أشخاص لا تحكمهم النزاهة وحدها. بكلام واضح لم تعد هناك ثقة في قرارات النائب العام ولا في الأحكام التي تصدرها بعض الجهات القضائية, فاقتضت الضرورة القيام بالتغيير, وقد تم التبديل من داخل المؤسسة القضائية بالطبع وليس من خارجها, وكذلك تحصين القرارات الإدارية للرئيس حتى لا ينقضها قضاة تحولوا إلى سياسيين.
التخوف من تركز السلطات في يد الرئيس أمر مفهوم ومبرر, وهو ما عانينا منه في السابق, خاصة أن المتخوفين يظنون أن مرسي سيسئ استخدام السلطة. لكن ما هو البديل لكسر الحلقة المفرغة؟
على المتخوفين الآن إفساح المجال لإنهاء هذا الوضع الاستثنائي في أقرب فرصة وعودة اختصاصات التشريع للبرلمان وتقليص سلطات الرئيس لنتفرغ جميعًا لمواجهة الطرف الرابع المتبقي والذي أشرنا إليه في البداية.