موضوع: التدخل في مالي يفضح المجتمع الدولي! الثلاثاء يناير 29, 2013 10:33 pm
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
التدخل في مالي يفضح المجتمع الدولي!
قبل بضعة شهور, دعا الرئيس المالي المجموعات المسلحة الناشطة في شمال البلاد إلى الحوار والتفاوض, ولكن من الواضح أنَّها كانت دعوات غير صادقة، وأنَّ الحكومة لم تكن لديها نية مطلقًا أو لدى حلفائها في فتح حوار مع الحركات المسيطرة على الإقليم، ولكن يبدو أنَّ هذه الدعوات أساسًا لذرّ الرماد في العيون وإبراء ذمة دولة مالي أمام مواطنيها قبيل انطلاق الحرب, لكن المنطقة كانت شيئًا فشيئًا في اتجاه حرب يدعمها الفرنسيون.
بالفعل, بدأت الطائرات الفرنسية بأمر من الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند, في قصف المنطقة التي يسيطر عليها الإسلاميون في الشمال, وبدأت ترتفع نسبة الجنود المشاركة في الغزو من 500 إلى 2500 وفق مختلف وسائل الإعلام الفرنسية, وبدون شكّ فمن المؤكَّد أن التدخل العسكري الذي اضطلعت فيه فرنسا بمالي لن يمر أبدًا بدون عواقب وخيمة داخلية وخارجية.
من جانبها علقت "الجارديان" البريطانية على التدخُّل الفرنسي, حيث قالت: "إن حرب هولاند قد تعمل على تغيير الصورة السياسية للرئيس الفرنسي بالرغم من الرهانات التي تقوم عليها", مؤكدة "أنَّ التدخل في مالي لن يمر مرور الكرام دون مخاطر, حيث إنَّ مالي شبيه بالمقبرة ولا توجد فيها حلول سهلة المنال".
حسب الصحيفة البريطانية, بدا هولاند متناقضًا حيال الأمر, حيث أكَّد في برنامجه الانتخابي على شراكة جديدة مع إفريقيا مبنية على الثقة والمساواة, ووعد بهدنة نظيفة مع الدول الفرانكفونية، وبشبكة من الاهتمامات التي تبقي فرنسا على صلة مع هذه الدول" مشيرة إلى تأكيده على عدم مشاركة فرنسا بقواتها على الأرض في مالي، إلا أنها قد تقدم الدعم اللوجستي".
كما نقلت الجارديان ما قاله زعيم المجموعات المسلحة الإسلامية في مالي, حينما حذّر باريس من أنَّها سوف "تفتح أبواب الجحيم" بسبب تدخلها وأنَّها سقطت في فخ أكثر خطورة من العراق وأفغانستان والصومال, ذلك بعد سيطرة الإسلاميين على بلدة رئيسية في وسط مالي".
كما وصفت الصحيفة البريطانية التدخل العسكري بأنه مقامرة, حيث قالت "صحيحٌ أنَّ الوضع في مالي لا يمكن التغاضي عنه، ولا يمكن التخلي عن أهالي البلاد يعانون ويدفعون الثمن, لكن تصرف فرنسا والدعم البريطاني لها يعدّ مقامرة كبيرة, وأنَّ هذا التدخل سيكون له ثمن باهظ", وبينما يأمل الرئيس الفرنسي في التوصل إلى حل في مالي سريعًا، وقطف ثمار تدخله بسرعة".
يبدو أنَّ الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند, الذي لم يمضِ على توليه السلطة سوى نصف عام، يواجه تراجعًا في مستوى تأييده، وسط القلق المطرد من الوضع الاقتصادي المحلي, لذلك يأمل أن يحول الشعب الفرنسي تركيزهم من الشأن المحلي إلى ما وراء البحار، كما يمني نفسه في الحصول على نصر في التدخل العسكري في مالي لتسجيل المزيد من النقاط في رصيده السياسي.
من جهة أخرى, رجّحت صحيفة "التلغراف" البريطانية، إرسال بريطانيا قوات من جيشها لمساعدة قوة التدخل الأوروبي وقوات مالي، في التصدّي لتقدم الجماعات الإسلامية, مشيرة إلى أنَّ وزراء بريطانيين أكَّدوا أن بلادهم ملتزمة بمساعدة بعثة الاتحاد الأوروبي لتدريب قوات مالي، ولذا ستقوم بإرسال 500 فرد من القوات الأوروبية إلى مالي في غضون أسابيع.
كما تطرقت صحيفة "واشنطن بوست" إلى التدخل العسكري الفرنسي في مالي٬ مؤكدة أنَّ باريس وسعت نطاق تدخلها في هذا البلد الإفريقي٬ "مما يعد بحملة عسكرية طويلة المدى", كما أشارت الصحيفة الأمريكية إلى تعهد أوباما بدعم هذه العملية ضد ما وصفته بـ "الإرهاب" في مالي٬ من خلال تقديم الدعم اللوجيستي ولاستعلاماتي عبر الأقمار الاصطناعية٬ وتموين الطائرات الحربية الفرنسية.
لم يكتفِ هولاند بتدخله العسكري بل دعا إليه المجتمع الدولي والدول العربية, حيث أغلقت الجزائر, في الوقت ذاته, حدودها مع مالي، إثر زيارة رئيس الوزراء المالي ديانغو سيسوكو للبلاد, حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية: "إنَّ الجزائر كانت دائمًا راغبة في مساعدة هذا البلد الشقيق على تجاوز الصعوبات التي تواجهه للخروج من أزمة دائمة ولإدارة هادئة للمرحلة الانتقالية".
برغم كل شيء لم يبدُ التبرير الذي قدمته فرنسا لغزوها العسكري في مالي ودعم المجتمع الدولي لها, سوى إدانة لفرنسا والمجتمع الدولي لفشلهم في دعم الثوار في سوريا, فمن المؤكَّد أن الأسد لا يمثل خطرًا على بلاده فحسب ولكن على أمن المنطقة بأسرها.
"حتى لا يسيطر الإسلاميون".. باختصار, يبدو أنه اللغز الذي جعل فرنسا تتدخل في مالي عسكريًا, ويدعمها المجتمع الدولي, لكي تتخلص من سيطرة الإسلاميين على المنطقة الشمالية في مالي, وهو نفس السبب الذي جعل المجتمع الدولي لا يتدخل في سوريا حتى لا يسيطر الإسلاميون على البلاد بعد الإطاحة بالأسد. المصدر: الإسلام اليوم