موضوع: الحمد لله كما هدانا الأحد أغسطس 31, 2008 1:04 pm
(و) أثني بحمده فأقول (الحمد لله) كما أثنى به على نفسه في كتابه فقال:{الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِين} وأمر بذلك عباده فقال تعالى مخاطبا لنبيه خطابا يدخل فيه جميع أمته{قُلِ الحَمْدُ لله}(النمل/59) فله الحمد كالذي يقول وخيرا مما نقول سبحانه لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه, فله الحمد على أسمائه الحسنى وصفاته العلى وله الحمد على نعمه الظاهرة والباطنة, وله الحمد في الأولى والآخرة. وعن الأسود بن سريع رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله, ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي تبارك وتعالى. فقال: ((أما إن ربك يحب الحمد)) رواه أحمد والنسائي , وعن الحكم بن عمير رضي الله عنه وكانت له صحبة قال: قال رسول الله: ((إذا قلت الحمد لله فقد شكرت الله فزادك)) رواه ابن جرير. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله, وأفضل الدعاء الحمد لله)) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حسن غريب. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطى – يعني من هدايته للحمد أفضل مما أخذ)) رواه ابن ماجه, وللقرطبي عنه عن النبي قال: ((لو أن الدنيا بحذافيرها في يد رجل ثم قال الحمد لله لكان الحمد لله أفضل من ذلك)) قال القرطبي وغيره: أي لكان إلهامه الحمد لله أكثر نعمة عليه من نعم الدنيا. لأن ثواب الحمد لا يفنى ونعيم الدنيا لا يبقى قال تعالى: {المَالُ وَالبَنُونُ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلا} (الكهف/46) وقال علي رضي الله عنه: الحمد لله كلمة أحبها الله تعالى لنفسه ورضيها لنفسه وأحب أن تقال . وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الحمد لله كلمة الشكر, وإذا قال العبد الحمد لله قال شكرني عبدي . وقال رضي الله عنه: الحمد لله كلمة كل شاكر . وقال رضي الله عنه: الحمد لله هو الشكر لله, هو استخذاء له والإقرار له بنعمته وهدايته وابتدائه وغير ذلك . وقال الضحاك: الحمد لله رداء الرحمن , وقال كعب الأحبار: الحمد لله ثناء الله . وفي معنى الحمد لله وفضلها آثار غير ما ذكرنا لا تحصى. ولما كان من أكبر نعم الله علينا, وأجل مننه الواصلة إلينا, هدايته إيانا إلى صراطه المستقيم, الذي هو دين الإسلام الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه ولا يقبل من أحد غيره, ناسب الثناء عليه بها فقلت (كما هدانا) أي على ما هدانا إرشادا ودلالة بكتبه ورسله, وتوفيقا وتسديدا بمشيئته وقدره (إلى سبيل الحق) وهو دين الإسلام والإيمان (واجتبانا) له, وبذلك قال تعالى ممتنا علينا وله الحمد والمنة: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِين}(البقرة/198) وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِمُهُمْ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِين}(آل عمران/164) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون, وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلََّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِين مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير}(الحج/77-78) ولما كان الحمد الخبري أبلغ من الإنشائي لدلالته على الثبوت والاستمرار قدمته عليه أولا ثم عطفت عليه الإنشائي جمعا بينها اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ربنا عجل لنا بالنصر والتمكين واقامة دولتك دولة الخلافه الراشده على منهاج النبوه اللهم امين امين امين