فوائد من محاضرة رحلة الحج ولطائف أخرىللشيخ عبد اللطيف مشتهرى
- أيام عشر ذي الحجة أفضل أيام العام على الإطلاق.
- قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام " ليس عمل من الأعمال أحب إلى الله وأفضل من العمل في هذه العشر " .
- اجمع العلماء على أن الأيام العشر أفضل أيام السنة في عبادتها وطاعتها حتى قال عليه الصلاة والسلام " فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد "
- ليس التكبير قاصراً على يوم عرفة أو يوم العيد بل انه يسن من بداية عشر ذي الحجة .
- لا تشترط الطهارة لأداء التكبير .
- سر افتتاحية سورة الحج بقوله تعالى " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم"إن الله أراد أن يكّون من وراء رحلة الحج صورة مشرفة تنقل الناس من دنياهم إلى آخرتهم .
فقبل أن يبدأ الله في ذكر آيات الحج ذكر الحكمة منه, أن رحلة الحج لم تكن نزهة بل شُرعت من اجل الدار الآخرة
وتذكرة للحاج بيوم القيامة حينما يجد الملايين صفا واحدا وزيا واحدا ومنهجا واحدا ونبيا واحدا .
- ما المناسبة بين فريضة الحج وذكر الجدال في سورة الحج ؟
أن الله حرم على الحاج أن يجادل " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " وبذلك حرم الله على الحاج صور العدوان وعليه أن يتواضع وان ينشد السلام والسلم والطمأنينة , فالحاج حتى سِلم على نفسه لا يقلم ظفرا ولا يحلق شعرا .وسِلم على غيره حتى الحـيوانات , بل والنبات حيث لا يقطع شجرا
- رحلة الحج رحلة تدريب نحو السلام والطمأنينة .
- إن الله لم يؤخر فريضة الحج إلى السنة التاسعة إلا انه أراد أن يمهد للحج بأركان الإسلام السابقة . فكل الأركان الأربعة إنما شرعت للحج حتى تمهد له .
- لم يشرع الله الحج إلى بلد فيه حضارة ومدنية بل شرعه في مكان تحيط به الصحراء حتى يكون الحاج قادرا على التغلب على المعوقات البيئية
- أن الله لم يشرع الحج في الزمن الميلادي حتى يكون الوقت ثابتا بل شرعه في الزمن الهجري وهو متقلب " فالحج يتنقل بين الفصول الأربعة " لان الله أراد من المسلم أن يحكم الطبيعة بإيمانه وعزيمته لا أن تحكمه .
- الحج هو الكشف الأعظم فإذا كان قانون الكشافة يحتم على الكشافة عزوفهم عن الدنايا فإن رحلة الحج تجمع كل هذه الخصال وأضعاف إضعافها " الإسعاف والتعاون والنظام ووصل القلب با الله "
- لم يمنع الحج احد لأنه نظام دقيق وأعمال مخصصة مدروسة مأمور بها من الله .
- لكل ركن من أركان الإسلام حكمة شرعية , والحكمة من الحج تتمثل في شهادة المنافع وذكر الله , فلما قدم الله المنافع على ذكره ؟ هنا تنبيه من الله أن رحلة الحج ليست لذكر الله وحده , لان ذكر الله لا يتقيد بمكان وزمان وليس له شروط , إما الهدف الأصلي والحكمة الأساسية فهي منافع عامة شاملة , ورحلة الحج أعم وأشمل من كل المؤتمرات .
آداب الحج .. لقاء صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله تعالى -قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والفضة ).
قوله -صلى الله عليه وسلم- ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )
قوله-صلى الله عليه وسلم- ( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه )
كل هذه أدلة على فضل الحج .
ثم نقول: إن آداب الحج هي الأخلاق التي يتأدب بها من أراده؛ من أراد أن يؤدي هذا الحج.
فمن آدابه: ما يتعلق بالقلب، ومنها ما يتعلق بالبدن، ومنها ما يتعلق بالمال، ومنها ما يتعلق بالأخلاق
من آدابه:
1-النية الصادقة:
إخلاص النية لله تعالى، النية الصادقة الصحيحة هي أن يريد بحجه وجه الله تعالى،
قال تعالى: ( فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) (الدين الخالص) هو الذي لا يشوبه شائبة رياء ولا سمعة؛ إنما أراد به وجه الله تعالى ورضاه.
ويقول الله تعالى: ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ) أي: كذلك من جملة آداب الحج ألا يريد حظا دنيويا، ولا مصلحة عاجلة، إرادة الدنيا بعمل الآخرة مما يحبط عمل المسلم؛ ولذلك قال الله تعالى:
يقول الله تعالى: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
وهو أن يريد وجه الله تعالى؛ فلا يريد التمدح ولا الرياء ولا السمعة ولا المصالح الدنيوية.
يستثنى من ذلك إذا اتَّجر في تلك المشاعر فلا بأس بذلك إذا تعاطى تجارة، ولم تكن مقصودة، وقد كان بعض الصحابة تعاطى تجارة في أيام الموسم فعابه بعضهم، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم فأقره، وأنزل الله تعالى: ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ) وفى قراءة: (في مواسم الحج) أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج ..
2-اختيار النفقه الحلال
وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يقبل الحج إذا كانت النفقة محرمة، ويقول في ذلك الشاعر:
إذا حججت بمـال أصله سحت
فمـا حججت ولكن حجت العير
لا يقبل الله إلا كل صالحة
لا كل من حج بيت الله مبرور
فإذا أخلص الإنسان وأنفق نفقة حلالا فإن حجه مبرور.
3- اختيار الصحبة الصالحة
وقد ورد في الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم- لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي لا تصحبه سواء في سفر أو في حضر، أو في برّ أو بحر؛ لا تصحب إلا مؤمنا يعني: تقيا نقيا صالحا من عباد الله الصالحين في قوله تعالى: ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )
فلذلك كان السلف -رحمهم الله- يختارون لسفر الحج ولسفر الغزو ونحوه الصحبة الصالحة أهل الصدق وأهل الوفاء.
4-خدمة الرفقاء.
إذا كنت مثلا مع رفقة من هؤلاء الأخيار فاحرص على أن تخدمهم،ومن ذلك قول الله تعالى: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )
5-أن يجتنب الرفث والفسوق والجدال
سواء في إحرامه أو بعد تحلله؛ حيث إنه في مشاعر مفضلة.
(الرفث) فسر بأنه من محظورات الإحرام ما يتعلق بالنساء
ذكروا عن شريح القاضي أنه كان إذا أحرم يكون كالحية الصماء لا يكلم من سأله إلا بخير، إذا جلس مع رفقتهم، أو سار معهم فلا يتكلم إلا بذكر الله، أو بالتلبية، أو بالتكبير، أو بالدعاء، أو بالقراءة أو بالتعليم أو بالنصيحة.
فأما أن يخوض معهم في قيل وقال وما إلى ذلك؛ فإن الحاج ينزه نفسه عن مثل ذلك كله.
كذلك أيضا: الفسوق نهي الله تعالى عنه، ونهي عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي ذكرنا : من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه .
الفسوق: هو الذنوب والمعاصي
6-الإكثار من الأعمال الصالحة في تلك المشاعر:
فإذا كان محرما فإنه يشتغل بالتلبية التي هي شعار الإحرام، يكثر منها ولا يغفل، يكثر من قول: لبيك اللهم لبيك، ولا يغفل عنها؛ حتى يكون ممن استجاب لله تعالى واستجاب للرسول إذا دعاه لما يحييه، قال تعالى: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ .
7- في المشاعر أن يفعل في كل مشعر من المشاعر ما أمر به :
فإذا كان في عرفة فإن عليه أن يكون حافظا للسانه حافظا لعينه حافظا لآذانه حافظا لجوارحه، وممسكا للذكر إذا سمع من يذكر أو يعلم ، مشتغلا بالدعاء لهجا به، يرفع صوته بالتلبية وبالتكبير، يدعو ربه، يمتثل قول الله تعالى: ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ).
، إن الله يباهي بهم الملائكة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي، وأشهدكم أني قد غفرت لهم، ووهبت مسيئهم لمحسنهم انصرفوا مغفورا لكم .
إذا استحضر أن لله تعالى يباهي بهم الملائكة أظهر هذه الصفة التي هي العج والثج فإن الله عند المنكسرة قلوبهم من أجله.
8-كذلك أيضا من آدابه:
إذا كان في المشاعر الأخرى أن يحرص على أن يعمل أعمالها، ففي انصرافه من عرفة إلى مزدلفة يكون أيضًا مشتغلا بالتلبية والذكر والتكبير والتهليل والتحميد، وكذلك أيضا يجتنب الأذى، يجتنب أذى غيره فلا يزاحمه ولا يصده ولا يرفع صوته.
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انصرف الحجاج من عرفة إلى مزدلفة ؛ فصاروا يسرعون فكان يصيح بهم وينادي: أيها الناس، السكينة السكينة؛ فإن البر ليس بالإيضاع الإيضاع: هو الإسراع. أي التزموا السكينة.
9-أن يحرص على الأعمال التي أمر بأن يعملها في المشاعر:
ففي المشعر الحرام الذي هو مزدلفة أمر بالذكر، قال الله تعالى: ( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ )
المشعر الحرام في مزدلفة ؛ أمر الله الحجاج إذا أفاضوا أن يكثروا من ذكر الله عند المشعر أن يذكروا الله في مبيتهم وفي ليلهم وفي صباحهم، فإذا أصبحوا اجتهدوا أيضا في الذكر.
10-أن يحرص على إتمام مناسكه، كثير من الناس يقتصرون على المجزئ
وقفه
يحب الإنسان أن يكون حجه مقبولا وأن يكون مبرور، فلذلك علامات يعرفها من حقق النظر فيها، فإذا رجع الحاج من حجه وقد قبل حجه وقد أتمه؛ رأيته محافظا على العبادات
فإنك تستدل بهذا على أنه من المقبولين إن شاء الله.
وقد كان السلف -رحمهم الله تعالى- يهتمون بإتقان الأعمال وبإكمالها، ثم بعد ذلك يدخل عليهم الهم، وأحاديث النفس أحدهم: هل قبلت منا أعمالنا؟ أو لم تقبل منا؟ هل أعمالنا مما قبلها الله وأثاب أو يثيب عليها؟ أم أنها مردودة؟ حتى كان بعضهم ينادى فيقول: ليت شعري من المقبول منا فنهنيه؟ ومن المردود منا فنعزيه؟ أيها المقبول؛ هنيئا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك.
ثم يستدلون على القبول بالأعمال الخيرية التي هي أثر من آثار الأعمال الصالحة، وعلى الرد وعدم القبول بالأعمال السيئة.
ختاماً
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا في هذا العام، وفي كل عام للعمل الصالح الذي يحبه منا ويرضاه، وأن يتقبل منا صالح أعمالنا، وأن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأفعال، وأن يرزقنا حجا مبرورا وسعيا
ا وعملا صالحا مقبولا، وأن يعيذنا وإخواننا من الرياء والسمعة والأعمال السيئة، ومما يحبط الحسنات، ومما يوجب غضب الله تعالى وسخطه.
كما نسأله أن ينصر دينه ويعلى كلمته، ويصلح أحوال المسلمين، ويصلح أئمة المسلمين وقادتهم، ويجعلهم هداة مهديين يقولون بالحق الله وبه يعدلون، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
موقع الشيخ ابن جبرين / رحمه الله
محاضرات ودروس عن آداب الحج
http://ibn-jebreen.com