بسم الله الرحمن الرحيم ا
سأعيش يوماً بهدي نبيي صلى الله عليه وسلم هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم
في الذِّكرِ: كان أكملَ النَّاسِ ذِكْرًا لله عزَّ وجلَّ, بَلْ كانَ كلامُه كُلُّه في ذِكْرِ الله وما والَاه, وكانَ أَمْرُهُ وَنَهْيُه وتشريعُه للأمةِ ذِكْرًا منه لله, وسكوتُه ذكرًا منه له بقلبه, فكان ذكرُه لله يجري مع أنفاسِه قائمًا وقاعدًا وعلى جنبه وفي مشيه وركوبِه وسيْرِه ونزولِه وَظَعْنِهِ وإقامته صلى الله عليه وسلم .
أ – هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في الذِّكرِ إِذَا أَصْبَحَ أو أمْسَى :
1- وكان إذا أصبح قال: «أصبحنا على فطرة الإسلام, وكلمة الإخلاص, ودين نبينا محمد ? وملة أبينا إبراهيم حنيفًا مسلمًا وما كان مِنَ المشركين» [حم]. وكان يقول: «اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا, وبك نحيا ونموت وإليك النشور» [د, ت, جه] وقال: «إِذَا أصبحَ أَحَدُكُم فليقل: أَصْبَحْنَا وأَصْبَحَ المُلْكُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ, اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هذا الْيَومِ فَتْحَهُ وَنَصْرَهُ ونُورَهُ وَبَرَكَتَه وهِدَايَتَهُ, وَأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما فيهِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ, ثُمَّ إِذَا أَمْسَى, فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذلِكَ» [د].
2- وقال: « سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ العبدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي, لَا إلهَ إلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ, وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ, أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ, أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ, وَأَبُوءُ بِذَنْبِي؛ فَاغْفِرْ لي؛ إِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ, مَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ موقِنًا بِهَا, فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ, دَخَلَ الجَنّةَ, وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي مُوقِنًا بِهَا, فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ, دَخَلَ الجنَّةَ» [خ].
3- وقال: «مَنْ قَالَ حين يُصْبِحُ: لَا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ في الْيَومِ مائَةَ مَرَّةٍ, كَانَتْ لَهُ عَدلَ عَشرِ رِقَابٍ, وكُتِبَ لَهُ مائةُ حَسَنَةٍ, ومُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئةٍ, وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَومَهُ ذَلِكَ حتى يُمْسِيَ, وَلَمْ يَأتِ أَحَدٌ بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ به إلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ» [ق].
4- وكان يدعو حين يصبح وحين يمسي بهذه الدعوات: «اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُكَ العَافِيَةَ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ, اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْألُكَ العَفْوَ والعافيةَ في ديني ودُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي, اللَّهُمَّ اسْتُر عَوْرَاتِي, وآمِنْ رَوْعَاتِي, اللّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ ومِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِيني وَعَنْ شِمَالي, وَمِنْ فَوقِي, وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» [د, جه].
5- وقال: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ ومَسَاءِ كُلِّ ليْلَةٍ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شيءٌ في الأرض وَلَا في السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ, ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, إلَّا لَمْ يَضُرَّهُ شيءٌ» [د, ت, جه].
6- وقال له أبو بكر: عَلِّمْنِي مَا أقولُ إِذَا أَصبحتُ وإذا أمسيتُ قالَ لَهُ قُلْ: «اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاواتِ والأرضِ, عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ, رَبَّ كُلِّ شيءٍ وَمَلِيكَهُ ومَالِكه, أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلَّا أنْتَ, أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نفسِي, وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِه, وَأَنْ أقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ». قالَ: «قُلْها إِذَا أَصْبَحْتَ وِإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ» [د, ت].
ب – هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في الذِّكْر إذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ أَو دَخَلَ :
1- كان إذا خرج من بيته يقول: «بِسْمِ اللهِ, توكلتُ على اللهِ, اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أوْ أُضَلَّ أَوْ أزلَّ أَوْ أُزَلَّ, أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أو أَجهلَ أَوْ يُجْهَلَ عَليَّ» [ت, ن, جه].
2- وقال: «مَنْ قَالَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بيتِه: بِسْمِ اللهِ, تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ ولا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ؛ يُقَالُ له: هُديتَ وكُفيتَ, ووقيتَ, وتَنَحَّى عَنْهُ الشيطانُ» [د, ت].
3- وإذا خرج إلى الفجر قال: «اللَّهُمَّ اجْعَل في قلبِي نورًا, واجْعَل في لسَانِي نورًا, واجْعَل في سَمْعِي نورًا, واجْعَل في بَصَرِي نورًا, واجْعَل مِنْ خَلْفِي نُورًا, وَمِنْ أَمَامِي نُورًا, واجْعَل مِنْ فَوْقِي نُورًا, واجْعَل مِنْ تَحْتِي نُورًا, اللَّهُمَّ أَعْظِمَ لي نُورًا» [ق].
4- وقال: «إِذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلِجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ, بِسْمِ اللهِ وَلَجْنَا, وَعَلَى اللهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ» [د].
ت – هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في الذِّكْر عِنْدَ دُخُولِ المَسْجِدِ وَالخُرُوجِ مِنْه :
1- كانَ إذَا دَخَلَ المَسْجِدَ قَال: «أَعُوذُ باللهِ العظيم, وبوجهه الكريم, وسلطانِه القديم مِنَ الشيطانِ الرجيمِ, قالَ: فَإِذَا قَالَ ذلك قال الشيطانُ: حُفِظَ مِنِّي سَائِرَ اليومِ» [د].
2- وقال: «إِذَا دخلَ أحدُكُم المسجدَ فَلْيُسَلِّم عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم, ولَيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَح لي أبوابَ رحمتِكَ, فإذا خَرَجَ؛ فليقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُك مِنْ فَضْلِكَ» [د, جه].
ث – هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في ذِكْرِ رُؤيةِ الْهِلال : كانَ إذا رَأى الهلال يقول: «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ وَالإيمانِ, وَالسَّلَامَةِ والإسْلَامِ, رَبِّي وَربُّكَ اللهُ» [ت].
ج - هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في الذِّكر عِنْدَ العُطاس والتثاؤبِ :
1- ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ العُطَاسَ, وَيَكْرُه التَّثَاؤُبَ, فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ الله, كَانَ حَقًّا عَلَى كلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَه أَنْ يَقُولَ له: يَرْحَمُكَ اللهُ, وأَمَّا التَّثَاؤُبُ؛ فإنَّما هو منَ الشَّيْطَانِ؛ فَإذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُم فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاع؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ, ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ» [خ].
2- وكان إذا عَطَس وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ, وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بها صوته. [د, ت].
3- وكان إذا عَطَس فقيل له: يَرْحَمُكَ اللهُ, قال: «يَرْحَمُنا اللهُ وإياكم, ويَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ».
4- وقال: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحمدُ للهِ, وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ, فَإِذَا قَالَ لَه: يَرْحَمُكَ اللهُ, فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» [خ].
5- وقال: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُم فَحَمِدَه اللهَ فَشَمِّتُوهُ, فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ الله فَلَا تُشَمِّتُوهُ» [م]. وكان إذا زادَ العاطسُ عن ثلاثِ مراتٍ لَمْ يُشَمِّتْهُ وقال: «هَذَا رَجُلٌ مَزْكُومٌ» [م].
6- وصح عنه: «أَنَّ اليَهُودَ كَانُوا يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَهُ, يَرْجُون أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: يَرْحَمُكُمُ اللهُ, فَكَانَ يقولُ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلحُ بالَكُم» [ت]. و – هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيمَا يقُولُ مَنْ رَأىَ مُبْتَلًى : قال صلى الله عليه وسلم:«مَا مَنْ رَجُلٍ رَأَى مُبْتَلًى, فقال: الحَمْدُ لله الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابتلاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كثيرٍ مِمَّن خَلَقَ تَفْضِيلًا, إِلَّا لَمْ يُصِبْه ذَلِكَ البلاءُ كَائنًا مَا كَانَ» [د, ت]. ح– هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم فيما يَقُولُهُ وَيَفْعَلُهُ من اشتَدَّ غَضَبُه:
أَمَرَ مَن اشْتَدَّ غَضَبُه بالوُضُوء، والقعودِ إنْ كانَ قائمًا, والاضطجاع إِنْ كان قَاعِدًا, والاستعاذةِ باللهِ مِنَ الشيطانِ الرجيمِ.
هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في الآذَانِ وأذكارِهِ:
1- سَنَّ التأذينَ بترجيعٍ وبغيرِ ترجيعٍ, وشَرَعَ الإقامةَ مَثْنَى وفُرَادَى, ولم يُفْرِد كلمةَ «قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ» الْبَتَّةَ. 2- وشَرَعَ لأمَّتِهِ أَنْ يقولَ السامعُ كما يقول المؤذن إلا في لفظ «حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ, وَحَيَّ عَلَى الفَلَاحِ» فَصَحَّ عنه إبدالهُما ب «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا باللهِ».
3- وأَخْبَرَ أَنَّهُ مَنْ قَالَ حِيْنَ يسمعُ الأذانَ: «وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إلَّا اللهُ, وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، رَضِيتُ بالله رَبًّا وبالإسلامِ دينًا وبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» مَنْ قَالَ ذلِكَ غُفِرَ لَهُ ذَنْبَهُ. [م].
4- وَشَرَعَ للسَّامِعِ أَنْ يُصَلِّي عَلَى النبي ? بَعْدَ فراغِهِ مِنْ إِجَابَةِ المؤذنِ وأَنْ يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الذي وَعَدْتَهُ» [خ].
5- وأخبر أَنَّ الدُّعَاءَ لا يُرَدُّ بينَ الأذانِ والإقَامةِ.
هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في قِرَاءَةِ الْقُرآنِ :
1- كان له حزبٌ يقرؤه ولا يُخِلُّ به.
2- وكانت قراءتُه تَرْتِيلًا, لا هذًّا( ) ولا عَجِلَة بل قراءةً مُفَسَّرةً حرفًا حرفًا.
3- وكان يُقَطِّع قراءته ويقفُ عند كُلِّ آيةٍ، وكان يُرتِّلُ السورةَ حتى تكونَ أطولَ مِنْ أطولِ منها
4- وكان يَمدُّ عند حروفِ المدِّ, فيمد ? ???، ويمد ? . 5- وكان يستعيذُ بالله من الشيطانِ الرجيم في أوَّلِ قراءتِه فيقول: «أَعُوذُ باللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»، ورُبَّمَا كان يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ» [د, جه].
6- وكان يَقْرأُ القرآنَ قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا ومتوضئًا ومحدثًا, ولم يكُنْ يمنعُه مِنْ قراءتِه إلا الجنابةُ.
7 – وكانَ يَتَغَنَّى بالقرآنِ، ويقول: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرآنِ» [خ]، وقال: «زَيِّنُوا القُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ» [د, ن, جه].
8 – وكانَ يُحِبُّ أَنْ يسمعَ القرآنَ مِنْ غَيْرِهِ. 9 – وكانَ إذا مَرَّ بآيةِ سَجْدَةٍ كَبَّرَ وَسَجَدَ( )، وربما قال في سجوده: «سَجَدَ وَجْهِي للذي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ, وَشَقَّ سمعَه وبصرَه بحولِه وقوتِه» [د, ت, ن]، وربما قال: «اللَّهُمَّ احْطُطْ عَنِّي بها وِزْرًا, واكتُبْ لي بها أجرًا, واجعلها لي عندك ذُخْرًا, وَتَقَبَّلْها مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَها مِنْ عَبْدِكَ دَاود» [ت, جه]، ولم يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّه كانَ يُكَبِّرُ للرفعِ مِنْ هَذَا السجودِ, ولا تَشَهَّدَ ولا سَلَّمَ الْبَتَّة.
هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في النَّومِ والاستيقاظِ والرُّؤى :
1- كان ينامُ على الفراشِ تارةً, وعلى النِّطَع( ) تارةً، وعلى الحصيرِ تارةً, وعلى الأرضِ تارةً, وعلى السريرِ تارةً, وكان فراشُه أَدَمًا( ) حَشْوُه لِيْفٌ, وكذا وِسَادَتُهُ. 2- وكان ينامُ أَوَّلَ الليلِ ويقومُ آخِرَه, وربما سَهِرَ أَوَّلَ الليلِ في مصالحِ المسلمينَ.
3- وكان إذا نام بليلٍ اضطجعَ على شِقِّهِ الأيمنِ, وإذا نام قُبَيْلَ الصبحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ ووضعَ رأسهُ عَلَى كَفِّهِ. 4- وكانَ إذا نامَ لم يُوقظوه حتى يكونَ هو الذي يَسْتَيْقِظ، وكانت تنامُ عيناهُ ولا ينامُ قلبُه.
5- وكان إذا أَوَى إلى فراشِه للنومِ قال: «باسمكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وأموتُ» [خ]، وكان يجمعُ كَفَّيْهِ ثم ينفُثُ فِيهِما, وكان يقرأُ فيهما: المعوذتينِ والإخلاص, ثم يمسحُ بِهمَا ما استطاعَ من جسدِه, يبدأ بهما على رأسِه ووجهِه, وما أقبلَ من جسدِه, يفعلُ ذلك ثلاثَ مراتٍ. [خ].
6 – وكان ينامُ على شقهِ الأيمنِ, ويضعُ يَدَهُ تحتَ خَدِّه الأيمن, ثم يقول: «اللَّهُمَّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعُثُ عِبَادَكَ» [د, ت]. وقال لبعض أصحابه: «إذا أتيتَ مَضْجَعَكَ فتوضَأ وضُوءَكَ للصلاةِ ثم اضطجِع على شِقَّكَ الأيمنِ ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أسلمتُ نَفْسِي إليكَ, ووجَّهتُ وَجْهِي إليكَ, وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إليكَ, وألجأتُ ظهري إليكَ, رغبةً ورهبةً إليكَ, لا ملجأ ولا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إليكَ, آمنتُ بِكَتَابِكَ الذي أنزلتَ, وبنبيكَ الذي أرسلتَ, واجْعَلْهُنَّ آخِرَ كلامِكَ, فإنْ مِتَّ مِنْ ليتِك مِتَّ على الْفِطْرَةِ» [ق]. 7- وكانَ إذا قامَ مِنَ الليل قال: «اللَّهُمَّ رَبَّ جبريلَ, وميكائيلَ, وإسرافيلَ فَاطِرَ السَّماواتِ والأَرْضِ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ, أنتَ تحكمُ بَيْنَ عبادِك فِيْمَا كانوا فيهِ يختلفونَ, اهْدِني لما اخْتُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنِكَ, إنك تهدي مَنْ تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم» [م].
8– وكان إذا انتبه من نومه قال: «الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُور»، وَيَتَسَوَّك، وربما قرأَ العشر آيات من آخر آل عمران [ق].
9 – وكان يستيقظُ إذا صاحَ الصارخُ – وهو الدِّيكُ -؛ فيحمدُ اللهَ ويكَبِّرُه ويُهَلِّلُه ويدْعُوه.
10- وقال: «الرُّؤيا الصالحةُ مِنَ الله, والحلمُ من الشيطانِ, فَمَنْ رَأَى رُؤْيَا يكرَهُ منها شيئًا, فلينْفُث عن يسارِه ثلاثًا, وليتعوَّذ بالله من الشيطانِ؛ فإنها لا تضرُّه, ولا يُخْبر بها أحدًا, وإِنْ رَأَى رُؤْيَا حسنةً, فَلْيَسْتَبْشِر, ولا يُخبِر بها إلا مَنْ يُحبُّ» [ق]، وأَمَرَ مَنْ رَأَى ما يَكْرَهُ أَنْ يتحولَ عَنْ جنبِه الذي كانَ عَلَيْهِ, وأَنْ يُصَلِّي.
هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في كلامه وسُكُوتِهِ, وفي حِفْظِهِ الْمَنْطِق واختِيار الألْفَاظِ والأسْمَاءِ :
1- كان صلى الله عليه وسلم أفصحَ الخلقِ وأعذبَهم كلامًا وأسرعَهم أداءً وأحلَاهم مَنْطِقًا.
2- وكان طويلَ السكوتِ لا يتكلم في غير حاجة, ولا يتكلم فيما لا يعنيه, ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابَهُ.
3- وكان يتكلمُ بجوامعِ الكلمِ, وبكلامٍ مُفَصَّلٍ يَعُدُّهُ الْعَادُّ, ليس بِهَذٍّ مسرعٍ لا يُحْفَظُ, ولا منقطعٍ تخللهُ السكتاتُ.
4- وكان يتخيَّرُ في خِطَابِهِ ويختارُ لأمتِه أحسنَ الألفاظِ وأبعَدَها عن ألفاظِ أهلِ الجفاء وَالْفُحْشِ.
5- وكان يكرهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللفظُ الشريفُ في حقِّ مَنْ ليس كذلك, وأن يُسْتَعْملَ اللفظُ المكروهُ في حقِّ من ليس مِنْ أهلِه, فَمنعَ أن يُقَالَ للمنافقِ: سَيِّدٌ، ومَنَعَ تسميةَ أبي جهلٍ: بأبي الحكم, وأنْ يُقال للسلطانِ: ملكُ الملوكِ أو خليفةُ الله.
6- وأرشدَ مَنْ مَسَّهُ شيءٌ مِنَ الشَّيْطَانِ أَنْ يقولَ: باسمِ اللهِ, ولا يلعنُهُ أو يَسُبُّهُ ولا يقولُ: تَعِسَ الشيطانُ, ونحو ذلك.
7 – وكانَ يستحبُّ الاسمَ الحسنَ, وأَمرَ إذا أَبردُوا إليه بَريدًا أن يكونَ حَسنَ الاسمِ, حسنَ الوجهِ, وكانَ يأخذُ المعانِي من أسمائها, ويربطُ بَيْنَ الاسمِ والمُسَمَّى.
8- وقال: «إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُم إِلَى اللهِ: عَبْدُ اللهِ, وعَبْدُ الرحمنِ, وأَصْدَقُهَا: حَارِثٌ, وَهَمَّامٌ, وأَقْبَحُهَا: حَرْبٌ وَمُرَّةٌ» [م].
9 – وَغَيَّرَ اسمَ «عاصية»، وقال: «أنتِ جَميلةٌ»، وغيَّر اسم «أَصْرمَ»: ب «زُرعة»، ولمَّا قدم المدينة واسمها «يَثْرِب» غيّره: ب «طِيْبَة».
10 – وكان يُكَنِّي أصحابَه, ورُبَّما كَنَّى الصغيرَ, وكنَّى بعضَ نسائِه.
11- وكان من هَدْيه صلى الله عليه وسلم تكنيةُ مَنْ لَهُ ولدٌ, ومَنْ لا وَلَدَ لَهُ وقال: «تَسَمَّوْا باسْمِي, ولاَ تَكنَّوا بِكُنْيَتِي» [ق]. 12- ونَهَى أَنْ يُهْجَرَ اسمُ «العشاءِ» ويَغْلُبُ عليها اسمُ «العتَمَةِ»، ونَهَى عَنْ تسميةِ العنبِ كَرْمًا, وقال: «الكَرْمُ: قلبُ المؤمنِ» [ق].
13- ونَهَى أَنْ يُقالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا, وَمَا شاءَ الله وشِئْتَ, وأَنْ يُحْلَفَ بِغَيْرِ اللهِ, ومِنَ الإكثارِ مِنَ الحلفِ, وأَنْ يقولَ في حلفِه: هو يهوديٌّ ونحوه إِنْ فَعَلَ كذا, وأنْ يقولَ السيِّدُ لمملوكه: عَبْدِي وأَمَتِي, وأَنْ يقولَ الرَّجُلُ: خَبُثَتْ نَفْسِي, أو تَعِسَ الشَّيْطَانُ, وعن قول: اللهمَّ اغْفِرْ لي إِنْ شِئْتَ.
14- ونَهَى عن سبِّ الدَّهرِ, وعَنْ سَبِّ الرِّيحِ, وسَبِّ الحُمَّى, وَسَبِّ الدِّيكِ, وَمِنَ الدُّعَاءِ بِدَعْوَى الجاهليةِ؛ كالدُّعاءِ إِلى القبائلِ والعصبيةِ لَهَا
منقول