مفتاح الفواحش

التسجيل : 13/12/2010

ا الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الهادي الأمين ، وعلى آله صحبه وسلم . أما بعد :

فإن من أعظم ما ابتلي به المسلمون في الوقت الحاضر : الغناء
الذي هو بريد الزنا ومفتاح الفواحش ، إذا تمكن من القلب هانت عند ذلك المعصية وسهل فعلها .
فهو أول باب للرذيلة من ولجه سهل عليه دخول جميع الأبواب . وهو [رقية اللواط والزنا ، وبه ينال الفاسق من معشوقه غاية المنى ، كاد به الشيطان النفوس المبطلة وحسّنه لها مكراً وغروراً ، وأوحى إليها الشبه الباطلة على حسنه فقبلت وحيه ، واتخذت لأجله القرآن مهجوراً] .
وهو من أسباب أمراض القلوب ، لِتحدُّثِه عن الحب والمحبين ، وكذلك من الكلام -الجنسي- الذي يثير الشهوة عند الشباب مما يشجعهم ويدفعهم إلى الرذيلة دفعاً .
فإن من مكائد عدو الله ومصائده التي كاد بها من قلّ نصيبه من العلم والعقل والدين ، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين ، سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة ، ليصد عن القرآن ، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان .
وهو من لهو الحديث الذي هو من أسباب الضلال والاستكبار عن سماع آيات الله تعالى قال جل وعلا : (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين * وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبراً كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقراً فبشره بعذاب أليم)
وهو كذلك من اللغو الواجب الإعراض عنه قال تعالى : (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) . وقال تعالى : (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً) .
وهو صوت الشيطان المقصود في قوله تعالى : (واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً) .
يقول الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله : (وقد فسر الصوت والزور بالغناء وآلات الملاهي ، وفسر الصوت أيضاً بكل صوت يدعو إلى الباطل ، وفسر الزور بكل منكر ، ولا خلاف بين التفسيرين فمدلول الآيتين يعم ذلك كله ، ولا ريب أن الأغاني والملاهي من أقبح الزور ومن أخبث أصوات الشيطان لما يترتب عليها من قسوة القلوب وصدها عن ذكر الله وعن القرآن ، بل وعن جميع الطاعات إلا من رحم الله) . وقد تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يأتي في آخر الزمان من يستحل الغناء والمعازف وارتكاب الفواحش . قال صلى الله عليه وسلم : (ليكونن من أمتي من قوم يستحلون الحرَّ [أي الزنا] والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري .
والحديث صريح في ذم مستحلي المعازف حيث قرنهم مع مستحلي الزنا والخمر والحرير وحجة ظاهرة في تحريم استعمال المعازف ، وهي آلات الملاهي كالطنبور والعود ، والطبل وغير ذلك من آلات الملاهي ، وما ذاك إلا لما يترتب عليها من قسوة القلب ومرضها ، واشتغالها عن الصلاة والقرآن ، وإذا انضم إليه الغناء ، صار الإثم أكبر ، والفساد أعظم .
يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : (الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل) .
ومر عبدالله بن عمر رضي الله عنه بجارية صغيرة تغني فقال : (لو ترك الشيطان أحداً لترك هذه) .
وسأل رجل القاسم بن محمد عن الغناء فقال : أنهاك عنه وأكرهه لك . قال : أحرام ؟ قلت انظر يا ابن أخي إذا ميز الله الحق من الباطل ، ففي أيهما يجعل الغناء ؟
وقال الفضيل بن عياض : (الغناء رقية الزنا) .
وقال الضحاك : (الغناء مفسدة للقلب ، مسخطة للرب) .
وقال ابن الجوزي : (اعلم أن الغناء يجمع شيئين أحدهما : أنه يلهي القلب عن التفكر في عظمة الله سبحانه والقيام بخدمته . والثاني : أنه يميله –أي القلب- إلى اللذات العاجلة التي تدعوا إلى استيفائها من جميع الشهوات الحسية ، ومعظمها النكاح وليس تمام لذته إلا في المتجددات ولا سبيل إلى كثرة المتجددات من الحل فلذلك يحث على الزنا . فبين الغناء والزنا تناسب من جهة أن الغناء لذة الروح والزنا أكبر لذات النفس) .
وقال ابن القيم رحمه الله : (فاعلم أن للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلوب بالنفاق ، ونباته فيه كنبات الزرع بالماء فمن خواصه أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره ، والعمل بما فيه ، فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً ، كما بينهما من التضاد ، فإن القرآن ينهى عن إتباع الهوى ويأمر بالعفة ومجانبة لشهوات النفوس ، وأسباب الغي ، وينهى عن إتباع خطوات الشيطان والغناء بضد ذلك كله ، ويحسنه ويهيج النفوس إلى شهوات الغي ، فيثير كامنها ، ويزعج قاطنها ، ويحركها إلى كل قبيح ، ويسوقها إلى وحل كل مليحة ومليح ، فهو والخمر رضيعا لبان ، وفي تهييجهما على القبائح فرسا رهان ، فإنه صنو الخمر ورضيعه ، ونائبه وحليفه ، وخدينه وصديقه ، عقد بينهما عقد الإخاء الذي لا يفسخ ، وأحكم بينهما شريعة الوفاء التي لا تنسخ ، وهو جاسوس القلوب ، وسارق المروءة ، وسوس العقل ، يتغلغل في مكامن القلوب ، ويطلع على سرائر الأفئدة ، ويدب إلى محل التخييل ، فيثير فيه الهوى والشهوة ، والرقاعة ، والرعونة ، والحماقة ، فبينما ترى الرجل وعليه سمة الوقار وبهاء العقل ، وبهجة الإيمان ووقار الإسلام ، وحلاوة القرآن ، فإذا استمع الغناء ومال إليه نقص عقله وقل حياؤه ، وذهبت مروءته ، وفارقه بهاؤه ، وتخلى عنه وقاره ، وفرح به شيطانه ، وشكا إلى الله إيمانه ، وثقل عليه قرآنه... فالغناء يفسد القلب ، وإذا فسد القلب هاج في النفاق) .
أخي المسلم أختي المسلمة : إن أعظم آفات الغناء ، كونه داعية إلى رذيلة الزنا ، تلك الفاحشة التي قرنها الله تعالى مع الشرك وقتل النفس وعدّها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعظم الذنوب قال تعالى : (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً) وفي الصحيحين من حديث أبي وائل عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ، أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال : (أن تجعل لله نداً وهو خلقك) قال : قلت ثم أي ؟ قال : (أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك) قال : قلت ثم أي ؟ قال : (أن تزني بحليلة جارك) فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً) وهي الفاحشة التي نفى الله الفلاح في مرتكبها ، قال تعالى : (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون * والذين هم لفروجهم حافظون) وهي الرذيلة التي حذر سبحانه وتعالى منها في كتابه العزيز في قوله : (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا) .
ويكفي في قبح الزنا أنه يجمع خِلال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة فلا تجد زانياً معه وَرع ولا وفاء بعهد ولا صدق في حديث ولا محافظة على صديق ولا غيرة تامة على أهله . فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للجرم وذهاب الغيرة من القلب .
وأخيراً ليس في الدنيا من وسيلة نشر للفواحش والرذائل أسرع من الغناء بما يحتويه من كلام ماجن وشعر هابط ولحن سافر فتّان . وإن من المكابرة أن ينكر منكر ما للأغاني من آثار سلبية ونتائج مخزية قبيحة .
وأسأل الله العظيم أن يعصمنا من الغناء الذي هو مفتاح الفواحش ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والله أعلم وأحكم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

التسجيل : 27/06/2008

بسم الله الرحمن الرحيم
أذكر الله

{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِين} [لقمان:6].

قال صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف "، رواه البخاري من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه،

لا يجتمع حب الغناء وحب القرآن في قلب واحد

بارك الله فيكِ أختى على التنبيه والتذكرة

مفتاح الفواحش

مفتاح الفواحش

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة

مواضيع تُهمك

تابعنا وتواصل معنا

خدمات شبكة عطر الإسلام

المواضيع المُتميزْة

		حفظ البيانات؟