بسم الله الرحمن الرحيم
اعتقال طفلالمحامية عليان... الاعتقالات سياسة إحتلالية ممنهجة لخلق جيل فلسطيني "هزيل"وكالات - منذ عامين و قوات الاحتلال الصهيوني في مدينة القدس تشن حملة اعتقالات ضد الأطفال المقدسيين، وصلت ذروتها مع نهاية العام 2010، و الذي سجلت فيه أعلى نسبه اعتقال لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 10- 18 عاما.
و تبرر سلطات الاحتلال قيام هؤلاء الأطفال "بأعمال شغب و تخريب" ضدها، فتقوم باعتقالهم و التحقيق معهم و الحكم عليهم بأحكام تصل في بعض الأحيان إلى عشر سنوات سجن فعلي.
و أكثر من ذلك، تحاول شرطة الاحتلال، الأداة التنفيذية لهذه الاعتقالات، إضفاء الصفة القانونية على هذه الاعتقالات و الإجراءات العنصرية بحق الأطفال المقدسيين.
محامية في جمعية حقوق المواطن، مديرة قسم حقوق الإنسان فرع مدينة القدس، ميسون عليان، في حوار خاص مع وكالة فلسطين اليوم الاخبارية، تستعرض أبعاد هذه السياسية و تأثيرها على الأطفال، مشددة على أنها سياسية إحتلالية ممنهجة الهدف منها ترهيب الأطفال و خلق جيل فلسطيني في القدس "مشوه و مضطرب".
وتعمل المؤسسة التي تديرها عليان منذ بداية 2010 على رصد حالات الاعتقال و متابعتها و توثيق الممارسات القانونية التي تقوم بها سلطات الاحتلال أثناء عمليات اعتقال و التحقيق ومحاكمة هؤلاء الأطفال.
وفيما يلي نص المقابلة... كيف تقيمين وضع الأطفال المقدسيين في ظل تصاعد الهجمة الإحتلالية ضدهم؟
- الأطفال المقدسيين يعيشون أسوء ظروف،وخاصة في ظل اشتباكات شبه يومية في بعض المناطق، و نتيجة هذه الاشتباكات يتم اعتقال عدد كبير منهم. و في بعض الأحيان يتم اعتقالهم بطريقه عشوائية، فمثلا مجرد تشابه الأسماء يتم اعتقال أكثر من طفل.
هذا الأمر يعتبر فضيحة قانونية، و يناقض للحقوق الدولية و القانون "الإسرائيلي" نفسه، والذي ينص على عدم اعتقال الأطفال بل استدعائهم، فطريقه الاعتقالات صارمة و شديدة تتم في منتصف الليل و ساعات الفجر الأولى، وخلال هذه العملية لا يسمح للأهالي البقاء معهم خلال التحقيق، التي تتزامن مع حالات ضرب الأطفال و التنكيل بهم وتعذيبهم، الأمر الذي يكون له أثره السلبي الكبير على نفسية الأطفال و وضعهم.
فحسب القانون الإسرائيلي لا يجوز اعتقال الأطفال تحت سن 12 عاما،ولا التحقيق معهم ولكن يجب استدعائهم لتقديم إفادات فقط وبوجود ذويهم.
ولكن ما يجري انه يتم اعتقال هؤلاء الأطفال بطريقة وحشية من بيوتهم، و إجبارهم على الاعتراف من خلال ترهيبهم خلال التحقيق معهم، على أساس إدلاء الإفادات فقط، و لكن بسبب التعذيب الأطفال لا يفرقون بين الإفادة و التحقيق الرسمي معهم ويعترفون بأمور لم يقوموا بها أصلا.
ولكن الأطفال فوق 12-18 يجب اعتقالهم بظروف خاصة، وبوجود ذويهم ومحامي لهم أيضا، و ان يتم التحقيق معهم من قبل محقق متخصص للأطفال، يجب أن يكون باحث اجتماعي و لكن في القدس لا يتم ذلك، و يقوم بالتحقيق ضباط الشرطة دون أي تفريق.
ما هو عدد الأطفال المعتقلين، وما هي التهم الموجه إليهم؟- من المعطيات الرسمية تبين انه وخلال في السنة الماضية ( 2010) تم التحقيق مع 1200 طفلا، معظمهم من الشيخ جراح و سلوان، جنوب القدس العيسوية.
و أهم التهم التي توجه للأطفال، و أخطرها اتهامهم ب"رشق الحجارة" و التي هي تعادل عقوبتها تعادل التهمة بالقتل، فبحسب القانون "الإسرائيلي" تسمى هذه التهمة " المخاطرة على حياة الناس في الأماكن العامة في الشوارع".
و تصل عقوبة هذه التهمة عشر سنوات، ولكن العديد من الأطفال و الأهالي لا يعرفون القانون و لا كيف يتم اتهام الأطفال بهذه التهم، فبحسب "القانون الإسرائيلي" هناك قانون خاص للأطفال، و لكن هذا القانون لا يطبق على الأطفال الفلسطينيين في الشق الشرقي من مدينة القدس المحتلة.
وهذا القانون يراع أهمية التعامل مع الأطفال بطريقة مغايرة من البالغين، وعدم معاقبتهم، بل مساعدتهم على استعادة حياتهم و بشكل فعال و ايجابي.
ولكن في حاله الأطفال المقدسيين، يتم تطبيق القانون العادي المخصص للمجرمين، وتحكم عليهم بالعقوبات الفعلية " الحبس" بدلا من إيجاد الحلول.
سياسية الأبعاد و الإقامة الجبرية و التي تنتهجها سلطات الاحتلال ، هل لها أساس قانوني في القانون؟· هذه العقوبة لها أساس في القانون "الإسرائيلي"، و لكن طريقه التعامل مع هذه العقوبة مخالفه، فالقانون ينص على أن الحبس الفعلي هو الخيار الأخير للتعامل مع الأطفال لذا كانت الحلول البديلة من الإبعاد و الإقامة الجبرية، ولكن ما يجري أن لهذه العقوبات شروط و محددات لا يتم التعامل معها في حاله كان الطفل فلسطيني، و بالعكس يتم استخدام هذه العقوبة لتطبيقها بشكل مغاير للقانون تماما، فتكون هذه العقوبات بمثابة تدمير للطفل، أكثر من تأثير الحبس الفعلي.
و بحسب القانون لا بد من وجود باحث نفسي متخصص يفحص كل ظروف الطفل و البدائل و الحلول و إعطاء الحل الأمثل، ولكن مع الأطفال الفلسطينيين لا يتم فحص الظروف حياة الأطفال، فكثيرا لا يكون أي أقارب من الدرجة الأولى لكي يقضي فترة الإبعاد، و من هنا تكون العقوبة مضاعفة، حيث يضطر الطفل للإقامة عند عائلة غريبة لا يعرف عنها شيئا، مما يؤدي إلى تفاقم حالته النفسية و انتكاستها.
انتم في مؤسسة قانونية، كيف تواجهون هذه السياسات و تتصدون لها قانونيا و سياسيا؟- نحن نتوجه للمؤسسات الرسمية في "دولة إسرائيل" وشخصياتها من وزراء العدل و الحكومة و الشرطة و المحكمة، من خلال كتب احتجاج و عرائض توضح تفاصيل هذه الانتهاكات و إفادات مشفوعة بالقسم، نقوم بجمعها من خلال متابعة الحالات بشكل يومي في المحاكم و مراكز التحقيق.
وعلى المستوى القانوني و القضائي، نقوم من خلال طاقم محاميين بتمثيل ملفات الأطفال الذين يتم الاعتداء عليهم و نتابع أفراد الشرطة الذين يقومون بهذه الاعتداءات من خلال رفع قضايا ضدهم.
إلى جانب ذلك، نقوم بحملات توعية قانونية للأهالي، و نتابع عن كثب اعتقالات الأطفال و نقوم برصدها و توثيقها، و نحن بصدد إعداد ملف كامل و تقديمه لمحكمة العدل العليا لمتابعة هذه القضية و الحد منها.
إلا يوجد توجه لرفع قضايا ضد الاحتلال في المحافل الدولية؟- للأسف لا، فعملنا يقتصر على النطاق الداخلي فقط، نحن نعمل على تطبيق القانون داخل ما يسمى ب" بدولة إسرائيل" و تغير السياسية العنصرية ضد الفلسطينيين في هذا النطاق.
ولكن، ما نصدره من تقارير مؤسسات قانونية كثيرة تعتمد عليه في التوثيق و الرصد و تسري به إلى المحاكم الدولية.
برأيك ما سبب هذه السياسية و ما الهدف منها؟- اعتقد أن سلطات الاحتلال تحاول أن تقسو على الأطفال، و القصد منها الترهيب و التخويف، أكثر منها اتهامات رسمية، فمن بين 1200 حاله اعتقال لأطفال، تم توجيه اتهام لعدد بسيط منهم، فالهدف الأساسي الاعتقال و الترهيب و التخويف.
ومن خلال متابعتنا لمسنا أن الاحتلال يحاول فعل أي شئ و حتى لو كان ذلك مخالفا للقانون، لثني الأطفال عن "رشق الحجارة ومقاومتها" وهذا الأمر ليس سرا، بل صرح به بشكل علني، و كان تصريح "وزير الأمن الداخلي" المشهور حينما أعلن أن لا حصانة للأطفال المقدسيين من الاعتقال و التحقيق معهم و تطبيق القوانين العنصرية ضدهم.
إلى أي مدى تؤثر هذه السياسية في نفسية الأطفال الفلسطينيين، و نشأتهم؟- طبعا النتيجة سلبية على الأطفال، الذين يتم اعتقالهم و من حولهم من أشقاء و أصدقاء وجيران ومعارف، فلا يوجد طفل لا يعرف على الأقل طفل أو طفلين تم اعتقالهم و التحقيق معهم، حتى بات الحديث الدائم لهؤلاء الأطفال هو عن كيفية الاعتقال و التحقيق و التعذيب الذي يواجهونه في المعتقلات.
الأسوأ من ذلك، قضية الترهيب و التخويف الذي يمارسه جنود الاحتلال فوجود الشرطة بشكل يومية و المستوطنين و حراسهم المسلحين في الأحياء المقدسية، خلقت حاله من الخوف الدائم و التوتر لدى هؤلاء الأطفال.
وقضيه أخرى لا تقل أهمية، كانت واضحة في الحالات التي قمنا بمتابعتها، هو التراجع في المستوى التحصيل العلمي، و كثيرا منهم اضطر لإعادة العام الدراسي كاملا، و خاصة في حالات الإبعاد عن المدينة لأشهر، حيث ينقطع الطفل عن الدراسة لأشهر و لا يستطيع حين عودته التأقلم على الوضع الجديد.
على جانب التوتر النفسي مثل رؤية الكوابيس في الليل، و عدم القدرة على النوم، حالات كثيرة ورغم كبر سنهم، نسبيا، أصبح لديهم حاله من التبول اللاإرادي.
و الخطورة هنا، أن هذه ليست حالات فردية و إنما سياسية منظمة و ممنهجة القصد منها خلق جيل مهزوز خائف غير مكترث بمستقبله و لا في حياته اليومية ومعزول.