ـ زوجتي عنيدة للغاية، فكل شيء تعارضني فيه. ـ لقد سئمت الحياة مع زوجتي، فأول ما أفتح باب المنزل إلا وتبدأ الشكاوى والطلبات. ـ أنا دائمًا ما أختلف مع زوجتي، فلا أتذكر آخر موقف اتفقنا فيه. ـ أريد حلول عملية حتى أكسب قلب زوجتي. الموضوع يحتاج إلى تفكير: يحتاج الزوج باستمرار أن يراجع نفسه في معاملته مع زوجته، فنحن كثيرًا ما نسمع بشكوى الأزواج كما رأينا في الخواطر التي ذكرناها، فإن الإنسان أسير الإحسان، ويجب أن تتيقن أيها الزوج أن زوجتك إذا رأت منك بوادر المعاملة الحسنة، بل ومقابلة إسائتها بإحسانك، فهذا لاشك أنه سيطبع أثر طيب في قلب زوجتك، حتى ولو كان بعد فترة. فالنساء يملن إلى المقارنات، وزوجتك حينما تراك تقف بجانبها دائمًا، وترد صراخها بصوت حاني ترق له القلوب، وبعصبيتها بلمسات من يدك على كتفها، فهذا كفيل بأن يعود الدفء وتأتي السعادة مرة أخرى إلى بيتكما. إن السعادة الزوجية أشبه بقرص من العسل تبنيه نحلتان، وكلما زاد الجهد فيه زادت حلاوة الشهد فيه ، وكثيرون يسألون كيف يصنعون السعادة في بيوتهم، ولماذا يفشلون في تحقيق هناءة الأسرة واستقرارها. إن عش الحياة الزوجية لا يقف على المحبة وحدها، بل لابد أن تتبعها روح التسامح بين الزوجين، والتسامح لا يتأتى بغير تبادل حسن الظن والثقة بين الطرفين. والتعاون عامل رئيسي في تهيئة البيت السعيد، وبغيره تضعف قيم المحبة والتسامح، والتعاون يكون أدبيًا وماديًا، ويتمثل الأول في حسن استعداد الزوجين لحل ما يعرض للأسرة من مشكلات، فمعظم المشكلات تنشأ عن عدم تقدير أحد الزوجين لمشاعر الآخر، أو عدم إنصاف حقوق شريكه. وقد سطر أحد علماء الاجتماع كلامًا يُكتب بماء الذهب حين قال: "لقد دلتني التجربة على أن أفضل شعار يمكن أن يتخذه الأزواج لتفادي الشقاق، هو أنه لا يوجد حريق يتعذر إطفاؤه عند بدء اشتعاله بفنجان من ماء، ذلك لأن أكثر الخلافات الزوجية التي تنتهي بالطلاق ترجع إلى أشياء تافهة تتطور تدريجيًا حتى يتعذر إصلاحها" ولذا، وبناءً على الكلام السابق، إن ما عليك أيها الزوج الآن، إلا أن تعرف الأمور التي تساعدك في الوصول إلى قلب زوجتك: 1. الإشباع للحاجات العاطفية: إن المرأة تحب أن ترى زوجها يقف بجانبها، ويساندها، فقد تكون عصبية زوجتك وشكواها له أصل في الواقع ويحتاج إلى الإشباع، فإن الزوج حينما ينصت ويستمع بكل عناية لمشاعر زوجته ويهتم بها من أعماق قلبه، فتشعر أنها مقبولة ومحبوبة وأنها تلقى الرعاية والحنان، فهنا يكون الرجل قد نجح في إشباع حاجتها (فإن الزوج حينما ينصت ويستمع بكل عناية لمشاعر زوجته ويهتم بها من أعماق قلبه، فتشعر أنها مقبولة ومحبوبة وأنها تلقى الرعاية والحنان، فهنا يكون الرجل قد نجح في إشباع حاجتها، حينما يُنصت لزوجته وهي تُعبِّر عن مشاعرها من دون إصدار حكم، وإنما بتعاطف وتواصل، تشعر هي أنها مسموعة ومفهومة، وموقع "التفهم" هذا يدفع المرأة إلى تقبل زوجها. وعندما يستجيب الزوج لزوجته بطريقة تعترف وتعطي أفضلية لحقوقها ورغباتها، تشعر هي بأنها محترمة وعندما يتصرف آخذًا بعين الاعتبار أفكارها ومشاعرها، ستشعر بكل تأكيد أنها محترمة، وهي حين تشعر بالاحترام يكون من السهل عليها جدًا أن تعطي زوجها التقدير الذي يستحقه) [الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، جون جراي، ص(192-193)، بتصرف]. إن الإنسان خلقه الله عز وجل وله حاجات يجب أن يشبعها، وإن زوجتك الحبيبة تحتاج إلى أن تسمع منك كلمة رقيقة كفيلة بأن تذهب عنها عناءها، أو لمسة حانية تمسح من عليها آثار التعب والتوتر. 2. شجع زوجتك: إن من الأشياء التي يجب على الزوج أن يأخوها في حسبانه، الكلمة التي تشجع الزوجة، وتشد من أزرها (من أجل أن يكسب الرجل ود زوجته ومحتها وإخلاصها, ويقودها إلى ما يريد عليه احترام أفكارها وآرائها والإشادة بعملها وتنظيمها لبيتها. لو سأل كل رجل نفسه: كم مرة أثنى على وظيفة زوجته في منزلها, لوجد أن رصيده من هذا القبيل متواضع، فكلنا يعرف دور التشجيع وأثره في حفز الهمم وبعثث النشاط, فهو الوقود الذي يحرِّك الحياة ويبعث فيها البهجة والسرور والحيوية والنشاط. وكل زوجة تتمنى أن يحس بها زوجها, وبدورها وبوجودها, وأن يدفعها إلى دورها الإيجابي للقيام بدورها ومهمتها ورسالتها) [الشهد والشوك في الحياة الزوجية, صالح بن عبد الله الغنيم, ص(114)، بتصرف يسير]. 3.شاورها في الأمر: فعندما تقوم باستشارة زوجتك في بعض الأمور، فهذا يُشعرها بأهميتها في حياتك، (فشجِّع زوجتك على إبداء رأيها واشكرها إذا كان رأيها صوابًا, وأظهر لها أركان الموضوع إذا كان رأيها معارضًا, ولا يخرج النقاش في أي موضوع عن حدوده, فينقلب إلى مشاحنة) [المفاتيح الذهبية في احتواء المشكلات الزوجية, نبيل بن محمد محمود، ص(316)، بتصرف]. 4. الصراحة: إن الصراحة هي بمثابة جدار الثقة الذي تبحث عنه كل زوجة، فالزوجة تحب أن يكون زوجها صريح معها في حواره، وفي تعامله، بل وحتى في مشاعره، فالصدق في الأقوال والأفعال والمشاعر، هو المصباح الهادي والنور المرشد إلى حياة زوجية موفقة يسودها الحب والسعادة والمودة والرحمة, وترفرف عليها السعادة الزوجية, ولكي نحقق ذلك علينا أن نعمل كل ما في وسعنا، ونتقبل الأمور بصدر رحب، ومعرفة دقيقة ونتجاوب مع شريك حياتنا في إطار من الصدق والصراحة والإخلاص. ولكن حينما نتكلم عن الصراحة، نعني الصراحة التي تبني جدار الثقة بين الزوجين، وليست الصراحة التي تقود إلى هدم عش السعادة الزوجية، ولننظر إلى هذه القصة حتى يتبين لنا ذلك المعنى. فقد (أخرج ابن جرير عن أبي غرزة رضي الله عنه أنه أخذ بيد ابن الأرقم رضي الله عنه فأدخله على امرأته فقال: أتبغضينني؟ قالت: نعم. قال ابن الأرقم: ما حملك على ما فعلت؟ قالت: كثرت علي مقالة الناس (وذلك لكثرة زواجه وتطليقه النساء). فأتى ابن الأرقم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخبره, فأرسل إلى أبي غرزة فقال له: ما حملك على هذا؟ قال: كثرت علي مقالة الناس. فأرسل عمر إلى امرأته فجاءته ومعها عمته منكرة فقالت: إن سألك فقولي استحلفني فكرهت أن أكذب. فقال عمر: ما حملك على ما قلت؟ قالت: إنه استحلفني فكرهت أن أكذب. فقال عمر: بلى فلتكذب إحداكن ولتجمل (أي تقول القول الجميل) فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام) [كنز العمال، التقي الهندي، (16/555)]. 5. رفقًا بالقوارير: إن المرأة بطبيعتها ضعيفة البنية، قوية العاطفة، ولقد خلقها الله تبارك وتعالى من ضلع أعوج، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (إن المرأة خُلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها) [رواه مسلم] فهكذا العوج من طبيعية المرأة، فإذا أراد الرجل أن يقيمه أخفق وانكسر الضلع، ولا يعني هذا العوج نقصًا في المرأة وإمكاناتها، وإنما نقص في جانب من الجوانب، ووفرة في جانب آخر، يقابلها في الرجل نقص ووفرة أيضًا، ولكن بصورة عكسية، وهكذا يسد كل واحد من طرفي الحياة الزوجية نقص الآخر. (وليتذكر الزوج أنها لا تتعمد هذا السلوك لمضايقته وإحراجه، إنما هو نتيجة ما قدره الله على المرأة من طبيعة خاصة، فليصبر، وليكن سمحًا كريمًا، وليعلم أن هذه الخاصية من خصائص المرأة يمكن أن يكون لها أثر طيب في اقتدارها على أداء مهمتها الأساسية من حمل وارضاع وحضانة إذ تحتاج إلى عاطفة بالغة ، وحساسية مرهفة) [تحرير المرأة في عصر الرسالة، عبد الحليم محمد أبو شقة، باختصار]. ماذا بعد الكلام؟ 1. أشبع الحاجات العاطفية لدى زوجتك، فاستمع لها باهتمام وكن حريصًا على أن تؤكد أنك تقف بجانبها دائمًا. 2. شاور زوجتك في أمورك، أشعرها أنك حريص على أن تأخذ برأيها. 3. لا تنسى تشجيع زوجتك، خاصة إذا أظهرت تميزًا في شيء، كأن تطهي لك طعام أنت تحبه فتقول لها (أنتِ أمهر طاهية رأيتها). 4. كن صريحًا مع زوجتك، ولا تتبع الدوران والمداراة، فالمرأة ذكية وستعرف أنك صادق أم غير صادق في كلامك، مع الأخذ في الاعتبار الابتعاد عن الصراحة التي تهدم البيوت. المصادر: · تحرير المرأة في عصر الرسالة، عبد الحليم محمد أبو شقة. · كنز العمال، التقي الهندي. · المفاتيح الذهبية في احتواء المشكلات الزوجية, نبيل بن محمد محمود. · الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، جون جراي. · الشهد والشوك في الحياة الزوجية, صالح بن عبد الله الغنيم.