بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

الثورة الليبية في عيون "إسرائيلية"الاربعاء 23 فبراير 2011
بقلم: د. سامح عباس

مع تصاعد الأحداث الدامية في ليبيا، وسط الغموض والتعتيم الإعلامي على المجازر التي يرتكبها أحد أبرز رموز الاستبداد والطغيان في العالم العربي، معمر القذافي، في حق أبناء الشعب الليبي الشريف الذي يتطلع للحرية التي سُلبت منه لعقود طويلة استمرت لأكثر من أربعين عاماً ظل خلالها حبيس معتقل الجهل والتخلف الذي شيده وبناه نظام القذافي على مدار حكمه الطويل، مدعياً كذباً ورياءً أن الأوضاع الاقتصادية لليبيين من الأفضل في العالم العربي، وأنه يقوم بتوزيع ثروات البلاد الطبيعية عليهم، لكنه لم يدرك أن الحرية أغلى وأهم، وأن الحصول على الحقوق الإنسانية المشروعة لا يضاهيه ثمن، أو يُكال بموازين الذهب أو الفضة التي استولى عليها نظام القذافي وأشباهه الغابرين في مصر وتونس.

وعلى ضوء غياب صورة حية من واقع الأحداث الدامية في داخل ليبيا، تباينت المعالجات الإعلامية العربية والدولية في التعاطي مع أحداث الثورة الليبية ورصد تطوراتها. لكن مع ذلك لاحظنا انفراد الإعلام الصهيوني الموجهة من قبل قيادات جهاز الموساد، برصد عدة تحركات على الساحة الليبية، والاهتمام بتحركات القذافي نفسه، على اعتبار أن تلك الأيام، هي الأيام الأخيرة في عهد الرجل، الذي كاد أن يفتح أبواب دولته على مصراعيها "للإسرائيليين" تمهيداً لعودة يهود ليبيا إلى ديارهم، في مقابل تحسين كامل للعلاقات بين ليبيا والغرب، والتي شهدت تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة على حساب وكرامة الشعب الليبي التي انتقص منها القذافي الكثير بسبب تصرفاته الهوجاء، ورغبته في البقاء على كرسي الحكم، بل وتوريثه لنجله من بعده على اعتبار أنه "ملك الملوك".

وفى حقيقة الأمر جاءت القراءة "الإسرائيلية" للثورة في ليبيا مختلفة عن باقي القراءات الإعلامية العربية والدولية، فـ"إسرائيل" تضع الأمر أمام نصب عينيها، على أن تداعياته المباشرة وغير المباشرة ستنعكس عليها بلا محالة، وكما سبق وأن أولت اهتماماً غير مسبوق بثورتي تونس ومصر، ركزت التغطية الإعلامية الصهيونية في سياق تناولها لأحداث ليبيا، على عدة محاور رئيسية يمكننا إجمالها في النقاط التالية:

المحور الأول: شخصية القذافي:
ركزت وسائل الإعلام العبرية في دولة الاحتلال على شخصية القذافي باعتباره أنه شخصية غير متزنة ومهووسة بحب السيطرة والسلطة والنساء أيضاً، وهو ما انعكس على تعامله الوحشي في قمعه للمتظاهرين، مبرزة أن هذا الهوس القذافي كان يصب في الأساس للمصالح الغربية، وهنا كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عن برقية أرسلها السفير الأمريكي في ليبيا لوزارته بواشنطن في 2008 أكد فيها على ضرورة تمسك الولايات المتحدة الأمريكية بالقذافي واعتباره شريكا لواشنطن في المنطقة، فرغم تصرفاته الغريبة، وشخصيته المعقدة، إلا أنه نجح في فرض سيطرته على بلاده لأكثر من 40عاماً، وهذا مبرر وجيه يجعل من الضروري على الولايات المتحدة تدعيم علاقاتها معه ومع الدوائر المقربة منه.
وتعجبت الصحيفة العبرية في سياق تحليلها لشخصية القذافي من التناقض الخطير في سلوكه وتصرفاته قائلة إنه بالرغم من تورطه في عملية إسقاط طائرة مسافرين أمريكية والمعروفة بكارثة ليوكيربي، نجده فجأة يتخلى عن برنامجه النووي طواعية ودون أن يطلب أحد منه ذلك. كذلك في الوقت الذي كان يُعلم فيه زعماء أفريقيا مبادئ الإسلام، نجده يُعلم رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني فنون الرذيلة وممارسة الجنس مع القاصرات، مشيرة إلى أن تصرفات القذافي المشينة والغريبة في الوقت ذاته هي التي دفعت الشعب للثورة عليه والانقلاب ضده، وأن شخصية القذافي المريضة السلطوية هي التي جعلته يرتكب المجازر ضد هذا الشعب ويقتل المئات من أبنائه.
كما أحصت صحيفة يديعوت أحرونوت في سياق تقريرها عن شخصية القذافي المريضة وتحليلها في معاملته الوحشية الحالية مع الثورة الليبية، عدة سمات نفسية مؤثرة؛ أولها هوسه اللا محدود بالكاميرا والتصوير، وظهوره أمامها في أحسن صورة، وذلك لاعتقاده أن الصورة أبلغ تعبير عن شخصية الرجل، أكثر مما أن يفتح فمه، كما أنها الوسيلة لجذب الانتباه أكثر من أي شيء آخر. ونقلت الصحيفة العبرية عن مصادر غربية قولها إن الدبلوماسيين الذين التقوا مع القذافي كانوا يخرجون بانطباع موحد، وهو أنه شخصية مريضة، متعجرف ووقح بلا حدود، وأن تصريحاته تثبت ذلك.
علاقات مشينة:

أبرزت الصحيفة العبرية في تقريرها أيضاً، جانباً كان خفياً لسنوات في حياة القذافي، وهو علاقاته النسائية المشينة، التي وصفتها الصحيفة بأنها لا يجب أن تليق بزعيم عربي، مشيرة إلى تعلم بيرلسكوني كيفية ملاطفة الفتيات القاصرات على يد القذافي وضعه في ورطة سياسية غير مسبوقة، خاصة في حال إدانته قريباً أمام المحكمة بتهمة اغتصاب قاصرات. كما كشفت الصحيفة عن علاقة القذافي المشبوهة مع ممرضة بولندية عمرها 38 عاماً ترافقه في كل مكان يذهب إليه. إلى جانب ذلك ألقت الصحيفة الضوء في تقريرها على العلاقة العاطفية المشبوهة التي كانت تربط نجله ووريثه في الحكم سيف الإسلام القذافي بالممثلة الصهيونية أورلي وينرمان. وتهكمت الصحيفة في ختام تقريرها متسائلة هل كانت العلاقات النسائية للقذافي السبب في التناقض الشديد في شخصيته وإصابته بأعراض الجنون التي كانت تظهر على ملامح وجهه؟.
أصول يهودية:
مع تفاقم الأحداث في ليبيا عاد الإعلام "الإسرائيلي" ليطرح مجدداً مسألة الأصول اليهودية للقذافي من جهة أمه، وفتحت في هذا الإطار صحيفة يديعوت احرونوت على نسختها الإلكترونية حواراً مع القراء بعد درس ديني ألقاه أحد أبرز الحاخامات اليهود في "إسرائيل"، وهو الحاخام أوري شاركي حول إمكانية عودة القذافي لليهودية بعد سقوط نظامه الوشيك في ليبيا. وقد أجمع القراء الصهاينة في تعليقاتهم على ترحيبهم بإمكانية عودة القذافي إلى أرض الميعاد (فلسطين) على اعتبار أنه أدى مهمته (كيهودي) بنجاح في ليبيا طوال 42 عاماً، على حد وصف أحد القراء.

ولعل الحديث عن يهودية القذافي قد ظهرت على الساحة عقب تقرير خطير نشرته صحيفة معاريف العبرية يتحدث عن أصول القذافي اليهودية من حيث أمه، التي كانت تحمل اسم "رزالا تمام" والتي تزوجت من شاب مسلم وهي لا زالت ابنة الـ 18 ربيعاً، أنجبت منه خمسة أولاد من بينهم "معمر". وربما تلك الأصول اليهودية للقذافي هي التي تفسر المقدار الهائل من الحقد الذي يحمله تجاه الشعب الليبـي المسلم والذي أظهره بالفعل في أقواله وأفعاله بهم طوال الأيام القليلة الماضية.

وعن محاولات القذافي مداهنة اليهود والتصالح معهم، ضارباً بعرض الحائط حقوق الفلسطينيين المشروعة الذي زعم أنه يدافع عنها كذباً ورياءً، كشف يعقوب حجاج، مؤرخ يهودي من أصول ليبية مقيم في "إسرائيل" ورئيس معهد دراسات وأبحاث يهود ليبيا النقاب عن إرسال القذافي قبل عام، ممثلين ليبيين من العاصمة الأردنية عمان للالتقاء مع مسئولي المنظمة العالمية ليهود ليبيا في "إسرائيل"، وأنه بالفعل تم ترتيب زيارة للوفد الرسمي الليبي إلى تل أبيب، وخلال اللقاءات التي عقدها تم مناقشة مصير ممتلكات اليهود في ليبيا، مشيراً إلى أن ذلك كانت محاولة من القذافي للتصالح مع المجتمع الدولي وإرضاء الغرب، لاسيما الولايات المتحدة. كما ترددت أنباء عن لقاء سري تم بين يهود ليبيين والقذافي مؤخراً في إيطاليا، لمناقشة إمكانية عودتهم للبلاد مرة أخرى، أو الحصول على تعويضات عن ممتلكاتهم التي تركوها في ليبيا، قبل رحيلهم عنها. ويقول يعقوب حجاج، الذي كان يتمنى أن يكون أول سفير لـ "إسرائيل" في ليبيا في عهد القذافي، إنه كانت تربطه علاقات جيدة به، وأنه أرسل جميع مؤلفاته عن تاريخ يهود ليبيا للقذافي، الذي اهتم بها واطلع عليها شخصياً.
المحور الثاني: دوافع الثورة
جاء التناول الإعلامي "الإسرائيلي" لأحداث الثورة الليبية على أنها امتداد للتغيير الجذري الذي يشهده العالم العربي، والذي بدأ بالثورة في تونس ومصر، لكنه توقع صمود أقوى للقذافي مع بداية أحداث الثورة أكثر مما كان عليه سابقيه زين العابدين في تونس وحسني مبارك في مصر، زاعماً بأن القذافي اكتسب مزيد من الخبرة والاستعدادات المتمثلة في تشديد الإجراءات الأمنية وقمع المتظاهرين بعنف وقسوة منذ البداية، لكن ما لبث أن تبدد هذا السيناريو وانهار تحت أقدام الشعب الليبي الذي يصبو للحرية وتحطيم أغلال القمع والقهر الذي عانى منه تحت حكم القذافي لأكثر من أربعة عقود متتالية.

حاول الإعلام "الإسرائيلي" في إطار قراءته للثورة الليبية رصد الأسباب التي دفعت الليبيين للثورة على زعيمهم، رغم أوضاعهم الاقتصادية الجيدة إلى حد ما، والتركيبة القبائلية للبلاد، التي كانت دوماً حصناً يعيق اندلاع مثل هذه الثورة، وهنا ذكرت دراسة أكاديمية صادرة عن مركز ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا أن البطالة التي تفشت بين صفوف الشباب الليبي وأزماته الاقتصادية المتصاعدة، كانت أحد أبرز هذه الأسباب. بالإضافة إلى عامل مهم آخر، هو التهميش السياسي ومنع مشاركة أوسع للطبقات الاجتماعية المختلفة في الحياة السياسية، والعيش في ظل معادلة عدم العدل والمساواة والحرية والمشاركة في إدارة شؤون الدولة.
كما حاولت الدراسة التي أجرتها الخبيرة الشئون الاستراتيجية، يهوديت رونين عقد مقارنة بين الأنظمة الساقطة في مصر وتونس والنظام الليبي برئاسة القذافي على اعتبار أنه الأقرب حالياً للحاق بهما، وقالت إن النظام الحاكم في ليبيا الذي يُختزل في شخص الرئيس القذافي يحمل خصائص قد لا تكون متطابقة تطابقاً كبيراً مع الأنظمة السابقة في كل من تونس ومصر. لكن القواسم المشتركة بين نظام القذافي ونظام زين العابدين بن علي الرئيس التونسي السابق والرئيس المصري يمكن أن تتلخص في النقاط التالية:

1 - حكم سلطوي واسع الصلاحيات؛ حيث لا وجود لمؤسسات تشريعية وقضائية وحرية تعبير أو حرية صحافة باعتبار الصحافة هي السلطة الرابعة. هذا الحكم السلطوي الذي برز على المسرح السياسي في تونس وفي مصر وفي ليبيا قضى على أية فرصة أمام التداول وانتقال السلطة؛ فمعمر القذافي يجلس على سدّة السلطة منذ أربعين عاما ونيّف والرئيس المصري المخلوع منذ ثلاثين عاماً والرئيس التونسي الهارب منذ 23 عاماً،. لذا يمكن اعتبار مركزية الحكم الفردي وخيار التوريث، هو العامل المشترك بين الأنظمة الاستبدادية في مصر وتونس وليبيا.
2 - الاعتماد الكلي على الأجهزة الأمنية في الإبقاء على النظام واستخدام هذه الأجهزة كقبضة حديدية لقمع أي شكل من أشكال المعارضة، والاستناد إلى الحزب الحاكم أي الذي يرأسه الرئيس لا على القاعدة الشعبية العريضة في ممارسة السلطة. ففي تونس التجمع الدستوري الديمقراطي الذي ظلّ يفوز بالأغلبية المطلقة نتيجة للتلاعب في نتائج الانتخابات سواء في عهد الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة أو الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وفي مصر الحزب الوطني الديمقراطي الذي يرأسه حسني مبارك ونجله جمال وأحد الموالين لمبارك صفوت الشريف. أما في ليبيا لا وجود لحزب حاكم ولا وجود لأحزاب معارضة حتى ولو كانت مجرد أطر بدون مضمون، وكل ما هناك لجان ثورية وهي ذراع أمني أكثر من كونها حزب سياسي أو منظومة سياسية.

3 - أزمات اجتماعية واقتصادية يعاني منها غالبية سكان ليبيا البالغ عددهم ستة ملايين ونصف من بطالة وتضخم وارتفاع أسعار السلع السياسية وأزمة السكن وانخفاض الأجور، وهى نفس الأزمات التي عانى منها الشعبين المصري والتونسي.

وتابعت الدراسة "الإسرائيلية" أن الاختلاف الوحيد، لكنّه ليس بالاختلاف الهيكلي والجوهري، بين الوضع في تونس ومصر وفى ليبيا هو وجود هامش من الحرية السياسية ووجود أحزاب لكنها ليست فاعلة وغير ممثلة في مجلس الشعب في مصر والبرلمان التونسي ورغم تعددها الإيديولوجي يسار ووسط ويمين وكذلك هامش من حرية التعبير، وهو ما ليس له وجود في ليبيا من الأساس.
المحور الثالث: المنظور الإسرائيلي لمستقبل الثورة الليبية
لعل مستقبل الثورة الليبية لن يصعب التوقع به كحال الثورتين السابقتين في تونس ومصر، وهو نجاحاها في نهاية المطاف في إسقاط نظام القذافي الذي بات يترنح بشدة ويبدو أن أول رد فعل "إسرائيلي" رسمي على السقوط الوشيك لمعمر القذافى جاء من جانب الرئيس "الإسرائيلي" شيمون بيريز، الذي أعرب عن سعادته من إسقاط نظام القذافي - رغم خدماته الجليلة للكيان الصهيوني - معرباً عن رغبته في أن يرى ليبيا بدون القذافي، واستبعد أن يظل رئيساً لها، بعد الثورة ضده. وأضاف بيريز مبتهجاً أن القذافى صرح منذ أسبوعين بأنه يرغب في أن يرى الشرق الأوسط بدون إسرائيل، وهاهو الآن بات بدون حكم.
وعن سيناريو مستقبل ليبيا ما بعد عصر القذافي أكدت دراسة معهد ديان على أنه من خلال استقراء السلوك الأمريكي والأوروبي على ضوء الأحداث والتطورات في تونس ومصر يمكن القول إن هناك اقتناع غربي بوجود بدائل للقذافي موجودة في المنفى، وبالأخص في الولايات المتحدة وأوروبا وأنها تحظى بالمصداقية.
وتابعت الدراسة أن هذه المعارضة التي تعيش في الخارج يطلق عليها اسم المعارضة العلمانية تقيم في كل من بريطانيا والولايات المتحدة حيث يتواجد ثقلها. وعلى الرغم من انقسامات المعارضة الليبية في الخارج، لكنها اجتمعت على هدف واحد وهو إسقاط نظام القذافي، مشيرة إلى أن أهم قوى المعارضة العلمانية في ليبيا، هي جبهة إنقاذ ليبيا بزعامة الدكتور إبراهيم صهد.
وترى الدراسة العبرية ضرورة دعم الولايات المتحدة للمعارضة الليبية بالخارج، لأنها علمانية في الأساس لمواجهة تعاظم المعارضة الدينية في داخل ليبيا، والتي تتمثل في الحركات والتيارات الإسلامية التي عانت سنوات طويلة من قمع وبطش نظام القذافي؛ وذلك بهدف ضمان الطابع العلماني لليبيا، وعدم تحولها إلى إمارات ودويلات إسلامية.

وفى هذا السياق أعرب عدد من الخبراء "الإسرائيليين" المختصين في الشأن الليبي عن توقعهم بأن تشهد ليبيا حرباً أهلية في عصر ما بعد القذافي، نتيجة للتناحر المرتقب عقب إسقاطه نهائياً بسبب التركيبة العشائرية للمجتمع الليبي؛ حيث ستسعى كل عشيرة في فرض سيطرتها وهيمنتها على البلاد بعد القذافي، والسيطرة على مصادر الطاقة والثروات المعدنية في البلاد. فيما توقع البعض تقسيم ليبيا، لتتحول إلى دويلات، تتحكم فيها العشائر الكبرى.

ترقب "إسرائيلي"

الملحوظة الأبرز من خلال استطلاعنا لوسائل الإعلام "الإسرائيلية" في تناولها لأحداث الثورة الليبية، هي السعادة الغامرة التي يشعر بها اليهود من أصول ليبية، والذين غادروا البلاد تماماً في عهد القذافي، فهناك من يشعر بسعادة بالغة وتفاؤل حيال المستقبل وإمكانية العودة في إطار تأسيس مجتمع ديموقراطي بعد حقبة حكم القذافي، فيما شعر البعض منهم بالقلق حيال المستقبل، لأنهم بالفعل قد توصلوا مؤخراً لاتفاق مع القذافي نفسه للحصول على ممتلكاتهم في ليبيا، أو التعويض عنها.

على أية حال ستظل حالة الترقب والمتابعة "الإسرائيلية" لتطورات أحداث الثورة الليبية مستمرة، لأنها سترسخ أكثر من تغيير صورة الخريطة الجيو سياسية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، على ضوءها سيضع قادة تل أبيب مخططاتهم وبرامجهم للتعامل مستقبلاً مع الأنظمة العربية الجديدة من جهة، والتعامل مع قضايا النزاع العربي - "الإسرائيلي" من جهة أخرى. فتل أبيب تضع نصب أعينها المخاوف من أن تهب رياح تغيير الأنظمة الاستبدادية الحاكمة في الوطن العربي عليها من خلال دعم المقاومة ضدها، وبالتالي من المتوقع أن تتغير طريقة التعاطي "الإسرائيلي" مع كافة القضايا العربية، وبخاصة القضية الفلسطينية. فلا شك أن الصحوة العربية الحالية، ستدخل جرذان الكيان الصهيوني لجحورهم لفترة طويلة، بعد سقوط عملائهم من الأنظمة العربية الفاسدة واحد تلو الآخر، وذلك حتى إشعار آخر.