بسم الله الرحمن الرحيم
وجّه العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية نداءً إلى الأمة العربية والإسلامية دعا فيه إلى التحرّك العاجل لنصرة قضية القدس بكل الوسائل المتاحة، كل من موقعه وبحسب قدرته
. النداء يأتي عشية انتهاء الاحتفالات بعيد الفصح اليهودي، الذي استمر من الاثنين في 18/4/2011 حتى يوم أمس في 25/4/2011، وقد رافق الاحتفالات هذا العام عدة اقتحامات للمسجد الأقصى المبارك شهد إحداها إلقاء قنبلة على المنطقة الحرجية في باحات المسجد.
وقد ألقى النداء الضوء على التطورات الخطيرة وغير المسبوقة في مشروع تهويد القدس من انتهاكات واعتداءات في أحياء مدينة القدس كما هو الحال في حي الشيخ جراح وضاحية سلوان، ومن تكثيف للاستيطان في المدينة حيث أقرّت سلطات الاحتلال منذ مطلع العام بناء ما يزيد عن 1500 وحدة استيطانية، ومن اقتحامات شبه يومية للمسجد الأقصى بموافقة ورعاية برلمان الاحتلال الذي ينتظر اللحظة السياسية الملائمة لتقسيم المسجد بين المسلمين واليهود.
ودعا القرضاوي الثوار في الأمة العربية والمثقفين والقيادات والمنظمات المعنية إلى تحمّل المسؤولية الشرعية والأخلاقية والتاريخيّة تجاه القدس، وإلى الالتفات لقضيّة القدس وتفويت الفرصة على الاحتلال بحسم مصيرها كـ"عاصمةٍ يهوديّة"، وإرسال رسالةٍ له بأنّ التغيير في المنطقة يصبّ في صالح مدينة القدس وأهلها الصامدين لا في صالح مشروعه الاستيطانيّ الغريب عن المنطقة وأهلها.وهذا نص النداء :نداء إلى الأمة العربية والإسلامية حول"
التهويد الذي تتعرض له مدينة القدس والمسجد الأقصى"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعــد،
إلى قيادات الأمة وزعاماتها التي ولاّها الله شؤون البلاد والعباد...
إلى قادة الأحزاب والقوى والمنظمات الحرّة والشريفة في أمتنا...
إلى العلماء والأدباء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين من أبناء الأمة....
إليكم أيها الأحرار والثوار المنتفضون في وجه الظلم والاستبداد...ها هي قدسكم ومقدساتكم يكاد الصهاينة يُجهزون عليها، يستغلون أعيادهم ومناسباتهم لتدنيسها، وها هم في هذه الأيام يحوّلون عيد الفصح اليهودي إلى مناسبة للاعتداء على المقدسيين وأملاكهم، وفرصة لاقتحامات جماعية لمسجدنا الأقصى الأسير.
إن قدسنا تتعرّض اليوم لمشروع تهويديٍّ منهجيّ يهدف إلى الاستعاضة عن الهويّة العربية والإسلامية بالهوية اليهودية، وأوّل ما يطاله هذا المشروع هو المسجد الأقصى المبارك الذي أصبح أمر تقسيمه بين المسلمين واليهود وشيكًا إذا استمر الصمت العربي والإسلامي والعالمي في مقابل غطرستهم وتفكيرهم العدواني؛ فاقتحام اليهود للمسجد الأقصى بات أمرًا يوميًّا يتمّ تحت حماية شرطة الاحتلال، وأصبح المتطرفون اليهود يُنظّمون الصلوات في ساحات المسجد بشكلٍ دوريّ، فيما أيّد برلمان الاحتلال فتح المسجد الأقصى أمام اليهود بشكلٍ كاملٍ بانتظار اللحظة السياسيّة الملائمة لتطبيق ذلك.
وها هم الصهاينة يتمادون على مقدساتنا حتى وصل بهم الأمر أن ألقوا قنبلة حارقة على أحراش المسجد في سابقة خطيرة لم تحدث منذ عقود، ومرّت مع الأسف من دون ردٍّ عربيٍّ وإسلاميّ ملائم.
المقدسيّون القاطنون في محيط المسجد الأقصى باتوا هم أيضًا في عين العاصفة، إذ بدأ الاحتلال منذ مطلع العام ببناء مستوطنةٍ في حيّ الشيخ جرّاح هي الأكبر في محيط البلدة القديمة منذ أن أكمل الاحتلال سيطرته على القدس عام 1967م. أمّا ضاحية سلوان جنوب المسجد الأقصى فهي تتعرّض لاعتداءات وحملات اعتقالاتٍ يوميّة تستهدف الأطفال، وليس بعيدًا عن الذاكرة مشهد ذلك الطفل الذي دهسه المستوطنون اليهود بوحشيّةٍ في سلوان منذ أسابيع قليلة.
ويُشكّل الاستيطان أهمّ عناصر مشروع تهويد المدينة المقدسة، فعبره يضمن الاحتلال استمرار تفوّقه السكانيّ المتآكل في القدس، ولذلك فإنّ الاحتلال يضع التوسّع الاستيطانيّ في المدينة على رأس قائمة أولويّاته الداخليّة والخارجيّة، وقد أقرّ الاحتلال منذ مطلع هذا العام بناء أكثر من 1500 وحدةٍ سكنيّة جديدة في مستوطنات شرقيّ القدس، فيما بذل جهداً دبلوماسيّاً استثنائيًّا لاحتواء الضغوط الأميركيّة والأوروبيّة الهادفة لوقف توسّع المستوطنات وقد نجح بالفعل في ذلك.
أمام هذه التطورات الخطيرة وغير المسبوقة في القدس، ومع إدراكنا لدقّة المرحلة وعظم حجم التغيير الذي يمرّ به العالم العربيّ اليوم، وأمام المسؤولية الشرعية والأخلاقية والتاريخيّة الملقاةِ على كاهِل كلّ منّا تجاه القدس، فإنّنا ندعو إلى الالتفات لقضيّة القدس وتفويت الفرصة على الاحتلال بحسم مصيرها كـ"عاصمةٍ يهوديّة"، وإرسال رسالةٍ له بأنّ التغيير في المنطقة يصبّ في صالح مدينة القدس وأهلها الصامدين لا في صالح مشروعه الاستيطانيّ الغريب عن المنطقة وأهلها.
ندائي إلى الجميع في أوطاننا العربية والإسلامية، كلّ من موقعه، وبحسب قدرته، للتحرّك العاجل بكلِّ الأدواتٍ والوسائل المتاحة. ندائي إلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ليقوموا بتشكيلِ حالة ضغطٍ متنامية على دولة الاحتلال المتمادية في غطرستها واعتدائها.
ندائي إلى المنتفضين في بلادنا من أجل الحرية..ها هي قدسكم سليبة الحرية، أنتم أيها الثوار تصنعون غدنا المشرق فقدسكم تنتظركم لتخلصوها من القهر والظلم والاحتلال الغاشم.
ندائي إلى كل الأحرار والشرفاء في العالم، وكل من له ضمير حي يناصر الحق والعدل وكرامة الإنسان. ندائي إلى الجميع أن تقفوا في وجه الظلم والطغيان، وبغي الإنسان على أخيه الإنسان.
{
وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}
رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية
د. يوسف القرضاوي
26/4/2011