بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وأخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم "
في صحيح مسلم، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

"سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرَضُونَ. وَيَكْفِيكُمُ اللّهُ. فَلاَ يَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ"

أي أن الله عز وجل سيغنيكم من فضله ويفتح عليكم البلاد وستعيشون في رغد من العيش، فلا يعجز أحدكم عن أن يلهو بسهمه، أي يتدرب على الرمي به ولو على سبيل اللهو، الذي هو من الحق بعكس أي لهو آخر فهو من الباطل.

فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على كثرة التدريب على الرمي، وعدم تركه وإلا يصبح الإنسان ليس منا أو قد عصى، أو هي نعمة كفرها أو جحدها. وهو أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم للتدريب عليه وعدم تركه أبدا.

وأخرج أحمد والبخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم من أسلم يتناضلون في السوق فقال:

"ارموا يا بني إسمعيل فإن أباكم كان راميا، ارموا وأنا مع بني فلان - لأحد الفريقين - فأمسكوا بأيديهم فقال: ارموا...!قالوا: يا رسول الله كيف نرمي وأنت مع بني فلان؟ قال: ارموا وأنا معكم كلكم"

أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم في السوق وهم في مسابقة للرمي، فقال لهم ارموا بنو إسماعيل فإن أباكم كان راميا. وقال لهم ارموا وأنا مع بني فلان. أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل في فريق بني فلان، وهو أحد الفريقين في المسابقة. فأمسك الناس عن الرمي، وهو الريق الآخر، توقفوا عن الرمي لما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد انضم إلى الفريق الآخر. فقال لهم، ما لكم لا ترمون، فقالوا كيف نرمي وأنت معهم، ولا بد أنك ستنتصر لأنك معهم. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ارموا وأنا معكم كلكمـ، أي أنه انضم إلى الفريقين معا.

انظروا اخواني الكرام كيف حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرمي وكيف وقف يمدح الرامين في المسابقة وكيف حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على التسابق في الرمي. وتأملوا معي الحديث التالي:

خرج النسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر"

والسبق اخواني الكرام، هو الرهان. ومعنى الحديث أنه لا تجوز المراهنة في المسابقات أو غيرها إلا في ثلاثة أنواع من المسابقات:

النصل، والخف والحافر.

والنصل هو سن السهم، وهو الجزء الحديدي منه الذي يصيب الهدف. والمقصود أنه لا تجوز المراهنة إلا في مسابقة الرمي.

والخف هو الجمل والحافر هو الخيل. أي سباق الجمال وسباق الخيل لما فيه من الإعداد للقتال.

إذن اخواني الكرام، يجوز أيضا المسابقة في الرمي على المال، والمراهنة عليه. وفي هذا الأمر كتاب رائع لابن القيم هو كتاب الفروسية وفيه هذا الأمر بالتفصيل.

وفي الحديث في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يضرب خباءه، ومنا من ينتضل، إلى آخر الحديث.

والشاهد في الحديث كلمة، ومنا من ينتضل.

والمناضلة هي المسابقة في الرمي بالسهام، فكانوا يسمونها المناضلة، ومنها الفعل ينتضل أي يتسابق في مسابقة رمي.

وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم والقراب في فضل الرمي عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"كل شيء من لهو الدنيا باطل إلا ثلاثة. انتضالك بقوسك، وتأديبك فرسك، وملاعبتك أهلك فإنها من الحق، وقال عليه السلام: انتضلوا واركبوا وأن تنتضلوا أحب إلي، إن الله ليدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة. صانعه محتسبا، والمعين به، والرامي به في سبيل الله تعالى"


وأخرج الحاكم وصححه والقراب عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال: حاصرنا قصر الطائف، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"من رمى بسهم في سبيل الله فله عدل محرر"

قال: فبلغت يومئذ ستة عشر سهما

انظروا اخواني الكرام إلى فضل من يرمي في سبيل الله عز وجل فإن له بكل سهم عدل عتق رقبة.

وأخرج ابن ماجة والحاكم والقراب عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من رمى العدو بسهم فبلغ سهمه أو أخطأ أو أصاب فعدل رقبة"

وأخرج القراب عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال: حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الطائف، فسمعته يقول"من رمى بسهم في سبيل الله قصر أو بلغ كانت له درجة في الجنة"

وأخرج الطبراني والقراب عن أبي عمرة الأنصاري رضي الله عنه"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رمى بسهم في سبيل الله فبلغ أو قصر كان السهم نورا يوم القيامة

أي أن من يرمي في سبيل الله عز وجل، سواء أصاب سهمه أم لم يصب كان له نورا يوم القيامة وكان له عدل رقبة ورفعه الله به درجة في الجنة، فسبحان الله الذي يؤتي فضله من يشاء.

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الرمي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"حق الولد على الوالد أن يعلمه "

وأخرج ابن أبي الدنيا والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"تعلموا الرمي فإن ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة".


وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"من مشى بين العرضين كان له بكل خطوة حسنة

وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"علموا أبناءكم السباحة والرمي، والمرأة المغزل

إذن اخواني الكرام

حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرمي وتعلمه والمناضلة فيه وهي المسابقة حتى لو كانت برهان، وحث على المشي بين الغرضين وعلى اللهو بالأسهم وعلى تعلم الرمي والتدريب عليه وقال أن من تركه عاص أو جحد النعمة وقال أن الرمي أحب إليه من الركوب، وقال أن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة، صانعه وراميه ومنبله وهو المناول للرامي.

اخواني الكرام

الرمي الرمي الرمي.

الآن اخواني الكرام

كيف يمكننا تنفيذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرمي؟ هذا ما سنعرفه في الحلقة 4 بإذن الله عز وجل وجزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم

"إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"