بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وأخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم "

يقول الله عز وجل في سورة الأنفال:

"وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ"


قال سيدنا عبد الله ابن عباس: القوة ههنا السلاح والقسي.

وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول:

"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي" قالها ثلاثا

وأخرج ابن المنذر عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل} ألا إن القوة الرمي ثلاثا، إن الأرض ستفتح لكم وتكفون المؤنة، فلا يعجزن أحدكم أن يلهو بأسهمه"


اخواني الكرام

كلنا يسمع قول الله عز وجل: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، ونسمع دائما أن معناها هو كل ما يستطيع المسلمون إعداده من قوة، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو سياسية أو غير ذلك. وهذا الكلام حق بكل تأكيد.

ولكن هل فكرنا في فتح التفسير ومعرفة معنى قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"؟

إذا ما فتحناه معا اخواني الكرام، نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان واقفا على المنبر، وقال: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي.

إذن، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر هذه الآية، بوحي من الله عز وجل، بأن القوة المقصودة في هذه الآية، هي الرمي بالذات. ليس معنى ذلك أن ما سوى الرمي ليس بقوة، وأن إعداد ما سوى الرمي ليس بقوة، ولكن معنى ذلك أن الرمي هو أهم ما يمكن إعداده وهو ما يقصده الله عز وجل في هذه الآية بالذات، دون غيره، الذي هو من القوة أيضا.

ولذلك فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى بأنه الرمي، وكرره ثلاثا.

إذن، الرمي اخواني الكرام، هو القوة المقصودة بقول الله عز وجل وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة.

فما هو الرمي؟

اخواني الكرام

في الماضي، كانت الحرب عبارة عن مداراة بالسيوف وطعن بالرماح ورمي بالقوس والسهم. وكان الأكثر في الحروب فيما مضى هو السيوف.

في وقتنا الحاضر، نجد أن الحروب كلها رمي، رمي بالبندقية، ورمي بالمدفع، ورمي بالرشاشات، ورمي بالدبابات ورمي بالقنابل من الطائرات والبواخر والسفن ورمي بالصواريخ الضادة للمركبات والمضادة للطائرات، ورمي بالصواريخ من على ظهر السفن، ورمي بالطوربيدات في البحار، رمي رمي رمي رمي رمي.

إذن، الحروب الآن كلها رمي، والرمي هو الرمي في كل الأنواع السابقة عبارة عن شيئين لا غير:

1- تصويب ونشان.
2- إطلاق قذيفة لإصابة الهدف من على بعد.

إذن اخواني الكرام، الآية معجزة علمية، وتفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إعجاز علمي وتاريخي، إذ أن الحروب الآن كلها رمي، وبدون الرمي، لا توجد حرب في عصرنا الحاضر.

إذن، عندما يأمرنا الله عز وجل بإعداد القوة، ويفسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه الرمي، فهذا من إعجاز القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

الرمي اخواني الكرام، عبادة من العبادات التي غفلنا عنها، وهي أمر الله عز وجل لنا بإعدادها بالذات، فهي مقصودة لذاتها.

وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرمي، وهذا ما سنعرفه في الحلقة 2 بإذن الله عز وجل.

"إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"