المستقبل لهـذا الـديــن  113
حفظ البيانات؟
البوابةالرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيل
المواضيع الأخيرة
» محل للبيع بدمياط الجديدة يصلح جميع الانشطة وبسعر تجاري مميز
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء مارس 22, 2017 8:08 pm من طرف المدينة المنورة

» منزل للبيع بدمياط الجديدة 180م بالحي الرابع بسعر ممتاز
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء مارس 22, 2017 8:07 pm من طرف المدينة المنورة

» ارض للبيع بدمياط الجديدة المجاورة 13 امتلك بأفضل مجاورة بالحي الثالث
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء مارس 22, 2017 8:02 pm من طرف المدينة المنورة

» بدمياط الجديدة شقة للبيع 140م ممتازة جدا جدا بسعر مغري جدا بالمجاورة 15
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء مارس 22, 2017 7:58 pm من طرف المدينة المنورة

» منزل بيع في دمياط الجديدة بالمجاورة 25 بسعر تجاري جدا 189م ممتاز
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء مارس 22, 2017 7:56 pm من طرف المدينة المنورة

» ارض للبيع بدمياط الجديدة بسعر جيد امتلك في دمياط الجديدة
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء مارس 22, 2017 7:53 pm من طرف المدينة المنورة

» منزل 135م لوكس للبيع بدمياط الجديدة علي شارع رئيسي
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء مارس 22, 2017 7:50 pm من طرف المدينة المنورة

» رقم صيانة كريازى 01273604050 توكيل كريازى 01273604050
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالإثنين أكتوبر 31, 2016 4:58 pm من طرف نورالهدايا

» دورة برنامج المنظومة المتكاملة للتخطيط الإستراتيجى وتطوير تقييم الأداء الإداري(بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 14, 2015 6:17 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة الإستراتيجيات الحديثة في إدارة نظم مواجهة الكوارث والحرائق(بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالسبت ديسمبر 12, 2015 5:25 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة التخطيـط والمتـابعـة الإداريــة مــن منظـور استـراتيجــي (بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالخميس ديسمبر 10, 2015 5:11 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة المجالس التأديبية والتحقيق مع الموظفين في المؤسسات الحكومية(بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالخميس ديسمبر 10, 2015 12:09 am من طرف هبه الشاذلي

» دورة توظيف العلاقات العامة لدعم العمليات الإدارية ، وأسس العلاقات العامة الالكترونية ( بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالإثنين ديسمبر 07, 2015 12:39 am من طرف هبه الشاذلي

» من ترك صلاة العصر فليس في رزقه بركة
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأحد ديسمبر 06, 2015 6:25 am من طرف حلم مطر

» دورة أساليب إدارة العلاقات العامة في تحسين الصورة الذهنية للمؤسسات (بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 01, 2015 7:43 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة التوجهات المعاصرة فى إدارة وتنفيذ أنشطة المشتريات والمخازن واللوجستيات والخدمات اللوجستية
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأحد نوفمبر 29, 2015 11:24 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة إدارة الاتصال الفعَّال والابتكاري للسكرتارية التنفيذية ومدراء المكاتب والمساعد الإداري
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالسبت نوفمبر 28, 2015 10:01 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة برنامج إدارة المخاطر المالية فى القطاع النفطى (بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 27, 2015 4:07 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة برنامج البريمافيرا الحل المتكامل لإدارة المشروعات (بروتيك )
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 25, 2015 11:13 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة إستراتيجية السوق الازرق " اكتسح السوق واترك المنافسين خارج الملعب "
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 25, 2015 7:33 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة التميز فى المشتريات , العطاءات , إختيار الموردين والتفاوض الشرائى
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 24, 2015 2:05 am من طرف هبه الشاذلي

» دورة برنامج الإبداع الإداري في التنظيم والتخطيط والتنسيق (بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأحد نوفمبر 22, 2015 5:20 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة الإدارة الإستراتيجية للبرامج التسويقية (بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالسبت نوفمبر 21, 2015 5:21 pm من طرف هبه الشاذلي

» جهاز تريا الأمريكى لإزالة الشعر بالليزر Tria laser X4
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 20, 2015 4:34 pm من طرف hur eyn225

» دورة إدارة المطالبات والمنازعات فى مشروعات التشييد (بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 20, 2015 3:43 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة التسويات الجردية والأخطاء المحاسبية ومعالجتها ( بروتيك )
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 18, 2015 7:49 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة برنامج إدارة المستودعات والمشتريات وخفض الكلفة ومعالجة المخزون الراكد
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 18, 2015 7:27 pm من طرف هبه الشاذلي

» العقاب بالضرب في التربية الإسلامية
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 18, 2015 3:37 pm من طرف حلم مطر

» دورة إعداد الهياكل التنظيمية والوظيفية والبشرية على ضوء وصف وتوصيف وتحليل وظائف المنظمة
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالإثنين نوفمبر 16, 2015 6:40 pm من طرف هبه الشاذلي

» دورة تقييم التأثيرات البيئية للمشروعات والأنشطة التنموية (بروتيك)
المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالأحد نوفمبر 15, 2015 6:41 pm من طرف هبه الشاذلي


شاطر|

المستقبل لهـذا الـديــن

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
مصطفانى
أقلام عَطِرة
أقلام عَطِرة
مصطفانى
ذكر
التسجيل : 09/12/2010
المشاركات : 11311
النشاط : 34214
تقييم الأعضاء : 115
المستقبل لهـذا الـديــن  08122910
المستقبل لهـذا الـديــن  Wesam310




المستقبل لهـذا الـديــن  Empty
مُساهمةموضوع: المستقبل لهـذا الـديــن المستقبل لهـذا الـديــن  Icon_minitimeالسبت مايو 21, 2011 10:56 pm
المستقبل لهـذا الـديــن  210
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
المستقبل لهـذا الـديــن

الإسلام منهج حياة:

الإسلام منهج حياة بشرية واقعية بكل مقوماتها، منهج يشمل التصور الاعتقادي الذي يفسر طبيعة الوجود، ويحدد مكان الإنسان في هذا الوجود، كما يحدد غاية وجوده الإنساني.. ويشمل التنظيمات الواقعية التي تنبثق من ذلك التصور الاعتقادي وتستند إليه، وتجعل له صورة واقعية متمثلة في حياة البشر، كالنظام الأخلاقي والينبوع الذي ينبثق منه، والأسس التي يقوم عليها، والسلطة التي يستمد منها. والنظام السياسي وشكله وخصائصه، والنظام الاجتماعي وأسسه ومقوماته، والنظام الاقتصادي وفلسفته وتشكيلاته، والنظام الدولي وعلاقاته وارتباطاته..

ونحن نعتقد أن المستقبل لهذا الدين، بهذا الاعتبار: باعتباره منهج حياة، يشتمل على تلك المقومات كلها مترابطة، غير منفصل بعضها عن بعض، المقومات المنظمة لشتى جوانب الحياة البشرية، الملبية لشتى حاجات الإنسان الحقيقية، المهيمنة على شتى أوجه النشاط الإنسانية.

وهذا الدين بهذا الاعتبار ليس مجرد عقيدة وجدانية منعزلة عن واقع الحياة، وليس مجرد شعائر تعبدية يؤديها المؤمنون بهذا الدين فرادى أو مجتمعين، وليس مجرد طريق إلى الآخرة لتحقيق الفردوس الأخروي؛ بينما هناك طريق، أو طرق أخرى لتحقيق الفردوس الأرضي، غير منهج الدين، وغير نظم وتنظيمات الدين !

وهذا الدين من الوضوح في هذا المعنى بحيث يبدو أن ليس هنالك أمل في نجاح أية محاولة لتصويره في صورة العقيدة المنعزلة عن واقع الحياة البشرية، والتي لا علاقة لها بتنظيمات الحياة الواقعية، وتشكيلاتها وأجهزتها العملية. أو العقيدة التي تعد الناس فردوس الآخرة إذا هم أدوا شعائرها وعباداتها، دون أن يحققوا – في واقع مجتمعهم – أنظمتها وشرائعها وأوضاعها المتميزة المتفردة الخاصة ! فهذا الدين ليس هذا.. ولم يكن هذا.. ولا يمكن أن يكون هذا..

و هناك جهود جبارة تبذل-منذ قرون- لحصر الإسلام في دائرة الاعتقاد الوجداني، والشعائر التعبدية، وكفه عن التدخل في نظام الحياة الواقعية؛ ومنعه من الهيمنة الكاملة على كل نشاط واقعي للحياة البشرية-كما هي طبيعته، كما هي حقيقته، وكما هي وظيفته-.

لقد كانت هذه الخصائص في هذا الدين.. خصائص الشمول والواقعية والهيمنة.. هي التي تعبت منها الصليبية العالمية في هجومها على الأمة المسلمة في الوطن الإسلامي. كما أنها هي التي تعبت منها الصهيونية العالمية كذلك، منذ عهد بعيد! ومن ثم لم يكن بد أن تبذلا معاً الجهود الجبارة لحصر هذا الدين في دائرة الاعتقاد الوجداني والشعائر التعبدية؛ وكفه عن التدخل في نظام الحياة الواقعية؛ ومنعه من الهيمنة على نشاط الحياة البشرية.. وذلك كله كخطوة أولى، أو كموقعة أولى، في معركة القضاء عليه في النهاية!

وبعد أن أفلحت تلك الجهود الجبارة؛ ونالت انتصارها الحاسم على يد [أتاتورك]-البطل!!!- في إلغاء الخلافة الإسلامية؛ وفصل الدين عن الدولة؛ وإعلانها دولة [علمانية] خالصة. عقب محاولات ضخمة بذلت في شتى أقطار الأمة المسلمة التي وقعت في قبضة الاستعمار قبل ذلك، لزحزحة الشريعة الإسلامية عن أن تكون هي المصدر الوحيد للتشريع؛ والاستمداد من التشريع الأوروبي؛ وحصر الشريعة في ذلك الركن الضيق المسدود: ركن ما سموه:الأحوال الشخصية!

بعد أن أفلحت تلك الجهود الضخمة، ونالت انتصارها الحاسم على يد [البطل!!!] أتاتورك.. تحولت إذن إلى الخطوة التالية - أو الموقعة التالية- ممثلة في الجهود النهائية، التي تبذل الآن في شتى أنحاء الوطن الإسلامي؛ لكف هذا الدين عن الوجود أصلاً؛ وتنحيته حتى عن مكان العقيدة، وإحلال تصورات وضعية أخرى مكانه ؛ تنبثق منها مفاهيم وقيم، وأنظمة وأوضاع ، تملأ فراغ [ العقيدة ] ! وتسمى مثلها .. عقيدة ..

وصاحب هذه المحاولة ضربات وحشية تكال لطلائع البعث الإسلامي في كل مكان على ظهر هذه الأرض؛ تشترك فيه كل المعسكرات المتخاصمة التي لا تلتقي على شيء في مشارق الأرض ومغاربها، إلا على الخوف من البعث الإسلامي الوشيك؛ الذي تحتمه طبائع الأشياء، وحقائق الوجود والحياة، ودلالات الواقع البشري من هنا و من هناك ..

ولكننا نعلم كذلك أن هذا الدين أضخم حقيقة، وأصلب عوداً، وأعمق جذوراً، من أن تفلح في معالجته تلك الجهود كلها، ولا هذه الضربات الوحشية كذلك.. كما أننا نعلم أن حاجة البشرية إلى هذا المنهج أكبر من حقد الحاقدين على هذا الدين؛ وهي تتردى بسرعة مخيفة في هاوية الدمار السحيقة؛ ويتنادى الواعون منها بصيحة الخطر، ويتلمسون لها طريق النجاة.. ولا نجاة إلا بالرجوع إلى الله.. والى منهجه القويم للحياة.

إن هتافات كثيرة من هنا ومن هناك تنبعث من القلوب الحائرة.. تهتف بمنقذ، وتتلفت على مُخَلِّص. وتتصور لهذا المخلص سمات وملامح معينة تطلبها فيه، وهذه السمات والملامح المعينة لا تنطبق على أحد إلا على هذا الدين!

فمن طبيعة المنهج الذي يرسمه هذا الدين، ومن حاجة البشرية إلى هذا المنهج، نستمد نحن يقيننا الذي لا يتزعزع، في أن المستقبل لهذا الدين، وأن له دوراً في هذه الأرض هو مدعو لأدائه - أراد أعداؤه كلهم أم لم يريدوا - وأن دوره هذا المرتقب لا تملك عقيدة أخرى- كما لا يملك منهج آخر- أن يؤديه. وأن البشرية بجملتها لا تملك أن تستغني طويلاً عنه.

إن البشرية قد تمضي في اعتساف تجارب متنوعة هنا وهناك- كما هي الآن ماضية في الشرق وفي الغرب سواء- ولكننا نحن مطمئنون إلى نهاية هذه التجارب، واثقون من الأمر في نهاية المطاف.

إن هذه التجارب كلها تدور في حلقة مفرغة، وداخل حلقة التصور والخبرة البشرية المشوبة بالجهل، والنقص، والضعف، والهوى، في حين يحتاج الخلاص إلى الخروج من هذه الحلقة المفرغة، وبدء تجربة جديدة أصيلة، تقوم على قاعدة مختلفة كل الاختلاف: قاعدة المنهج الرباني الصادر عن علم [بدل الجهل] وكمال [بدل النقص] وقدرة [بدل الضعف] وحكمة [بدل الهوى].. القائم على أساس: إخراج البشر من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده دون سواه.

مفرق الطريق بين منهج هذا الدين، وسائر المناهج غيره:

إن مفرق الطريق بين منهج هذا الدين، وسائر المناهج غيره: أن الناس في نظام الحياة الإسلامي يعبدون إلهاً واحداً، يفردونه بالألوهية، والربوبية، والقوامة، فيتلقون منه وحده التصورات والقيم والموازين، والأنظمة والشرائع والقوانين، والتوجيهات والأخلاق والآداب.. بينما هم في سائر النظم يعبدون آلهة وأرباباً متفرقة، يجعلون لها القوامة عليهم من دون الله، حين يتلقون التصورات والقيم والموازين، والأنظمة والشرائع والقوانين، والتوجيهات والآداب والأخلاق، من بشر مثلهم. فيجعلونهم بهذا التلقي أرباباً، ويمنحونهم حقوق الألوهية والربوبية والقوامة عليهم.. وهم مثلهم عبيد كما أنهم عبيد..

ونحن نسمي هذه النظم التي يتعبد الناس فيها الناس-كما يسيمها الله سبحانه- نظماً جاهلية. مهما تعددت أشكالها، وبيئاتها، وأزمانها. فهي قائمة على ذات الأساس الذي جاء هذا الدين-يوم جاء- ليحطمه، وليحرر البشر منه، وليقيم في الأرض ألوهية واحدة للناس؛ وليطلقهم من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده؛ بالمعنى الواسع الشامل لمفهوم [العبادة] ومفهوم [ الإله] ومفهوم [الرب] ومفهوم [الدين] .

لقد جاء هذا الدين ليلغي عبودية البشر للبشر، في كل صورة من الصور، وليوحد العبودية لله في الأرض، كما أنها عبودية واحدة لله في هذا الكون العريض..{ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ[83]}[سورة آل عمران].

والمنهج الإسلامي المنبثق من هذا الدين- بهذا الاعتبار- ليس نظاماً تاريخياً لفترة من فترات التاريخ، كما أنه ليس نظاماً محلياً لمجموعة من البشر في جيل من الأجيال، ولا في بيئة من البيئات.. إنما هو المنهج الثابت الذي ارتضاه الله لحياة البشر المتجددة، ولتبقى هذه الحياة مكيفة بالصورة العليا التي أكرم الله فيها الإنسان عن العبودية لغير الله.

والناس إما أن يعيشوا بمنهج الله بكليته فهم في توافق مع نواميس الكون، وفطرة الوجود، وفطرتهم هم أنفسهم. وإما أن يعيشوا بأي منهج آخر من صنع البشر، فهم في خصام مع نواميس الكون، وتصادم مع فطرة الوجود، ومع فطرتهم هم أنفسهم، بوصفهم قطاعاً في هذا الوجود.. تصادم تظهر نتائجه المدمرة من قريب أو من بعيد.

ونحن- كما قلنا- نستيقن أن الناس عائدون إلى الله؛ عائدون إلى منهجه هذا للحياة. وأن المستقبل لهذا الدين عن يقين. ونحن مستيقنون كذلك أن كل الجهود التي بذلت أو سوف تبذل لزحزحة هذا الدين عن طبيعته كمنهج للحياة البشرية الواقعية، في كل مجالاتها العملية والشعورية؛ سوف تبوء بالفشل والخيبة. وقد بانت بوادر الفشل والخيبة.. لأن هذه العزلة ليست من طبيعة هذا الدين.

كُلُّ ديِن منهَج حَيَاة
ونظراً لهذه الحقيقة.. لم يكن هناك دين إلهي هو مجرد عقيدة وجدانية، منعزلة عن واقع الحياة البشرية في كل مجالاتها الواقعية، ولا مجرد شعائر تعبدية يؤديها المؤمنون بهذا الدين فرادى أو مجتمعين، ولا مجرد [أحوال شخصية] تحكمها شريعة هذا الدين، بينما تحكم سائر نواحي الحياة شريعة أخرى مستمدة من مصدر آخر، تؤلف منهجاً آخر للحياة غير منبثق انبثاقاً من [دين الله].

وما يملك أحد يدرك مفهوم كلمة [دين] أن يتصور إمكان وجود دين الهي ينعزل في وجدان الناس، أو يتمثل فحسب في شعائرهم التعبدية، أو[أحوالهم الشخصية]، ولا يشمل نشاط حياتهم كله، ولا يهيمن على واقع حياتهم كله، ولا يقود خطى حياتهم في كل اتجاه، ولا يوجه تصوراتهم، وأفكارهم، ومشاعرهم، وأخلاقهم، ونشاطهم، وارتباطاتهم في كل اتجاه.

لا.. وليس هناك دين من عند الله هو منهج للآخرة وحدها، ليتولى دين آخر من عند غير الله وضع منهج للحياة الدنيا.. فهذا تصور مضحك لحقيقة الواقع الكوني والبشري.. وذلك أن مقتضى هذا التقسيم المفتعل أن يكون لله جانب واحد من جوانب هذه الحياة ينظمه، ويشرف عليه، وينحصر [اختصاصه] فيه، ويكون لغير الله جوانب أخرى كثيرة ينظمها ويشرف عليها [أرباب] آخرون، يتعلق بها اختصاصهم.

إنه تصور مضحك إلى حد أن الذين يفكرون على هذا النحو، سيضحكون من أنفسهم، ومن تفكيرهم، ويسخرون من سذاجتهم وركة أفكارهم.. لو أنهم رأوا الأمر حقيقة من هذه الزاوية الصحيحة، وتحت هذا النور الهادئ الهادي..

وإلا يقم نظام الحياة كله على هذا التفسير الشامل الكامل، فهي إذن أهواء البشر. وهي إذن الجاهلية التي جاء كل دين من عند الله لإخراج الناس منها، ورفعهم إلى الربانية.. وإلا تكن العبودية لله وحده-ممثلة في التلقي عنه في هذا كله-فهي العبودية للعبيد.. وقد جاء دين الله لتحرير العباد من عبادة العبيد!

لا حاجة بنا للإطالة أكثر من هذا في هذه الحقيقة البديهية التي ما كان يجوز أن تكون موضع جدال، لولا تلك الملابسات النكدة التي قامت في أوروبا، وأدت إلى ذلك [الفصام النكد] بين الدين والدولة. بل بين الدين والحياة.

الفصَــامُ النَّكِـــدْ

ليس من طبيعة [الدين] أن ينفصل عن الدنيا، وليس من طبيعة المنهج الإلهي أن ينحصر في المشاعر الوجدانية، والأخلاقيات التهذيبية، والشعائر التعبدية. أو في ركن ضيق من أركان الحياة البشرية.. ركن ما يسمونه [الأحوال الشخصية].

ليس من طبيعة [الدين] أن يفرد لله -سبحانه- قطاعاً ضيقاً في ركن ضئيل-أو سلبي- في الحياة البشرية، ثم يسلم سائر قطاعات الحياة الإيجابية العملية الواقعية لآلهة أخرى وأرباب متفرقين، يضعون القواعد والمذاهب، والأنظمة والأوضاع، والقوانين والتشكيلات على أهوائهم، دون الرجوع إلى الله!

ليس من طبيعة [الدين] أن يشرع طريقاً للآخرة، لا يمر بالحياة الدنيا! طريقاً ينتظر الناس في نهايته فردوس الآخرة عن غير طريق العمل في الأرض، وعمارتها، والخلافة فيها عن الله، وفق منهجه الذي ارتضاه!

ليس من طبيعة [الدين] أن يكون هذا المسخ الشائه الهزيل! ولا هذه الألعوبة المزوقة التي يلهو بها الأطفال! ولا هذه المراسم التقليدية التي لا علاقة لها بنظم الحياة العملية!

ليس من طبيعة [الدين] -أي دين فضلاً عن دين الله- أن يكون هذا العبث الممسوخ الهزيل.. فمن أين إذن جاءته هذه السلبية الهازلة ؟ وكيف إذن وقع ذلك [الفصام النكد] بين الدين والحياة ؟.

لقد تم ذلك [الفصام النكد] في ظروف نكدة! وكانت له آثاره المدمرة في أوروبا.. ثم في الأرض كلها، حين طغت التصورات الغربية، والأنظمة الغربية، والأوضاع الغربية، على البشرية كلها في مشارق الأرض ومغاربها..

ولم يكن بد-وقد انفصمت حياة المخاليق عن منهج الخالق- أن تسير في هذا الطريق البائس؛ وأن تنتهي إلى هذه النهاية التعيسة؛ وأن تحيط بالبشر الدائرة التي يتعذبون الآن في داخلها، ويذوق بعضهم بأس بعض، بينما هم عاجزون عن معرفة طريق الخلاص منها.. وهم يصطرخون فيها..!!.

انتهى دور الرجل الأبيض

لقد انتهى العصر الذي يسود فيه الرجل الأبيض؛ لأن حضارة الرجل الأبيض قد استنفدت أغراضها المحدودة القريبة، ولم يعد لديها ما تعطيه للبشرية من تصورات ومفاهيم ومبادئ وقيم، تصلح لقيادة البشرية، وتسمح لها بالنمو والترقي الحقيقيين.. النمو والترقي للعنصر الإنساني، وللقيم الإنسانية، وللحياة [الإنسانية].

إنها مبتوتة عن الأصل الكبير الذي لا تقوم الأنظمة الاجتماعية، ولا تعيش المبادئ والقيم، إلا إذا انبثقت منه، وقامت عليه. الأصل الاعتقادي المرتبط بالله، والتفسير الكلي للوجود، ومركز الإنسان فيه، وغاية وجوده الإنساني.. ومن ثم كانت قيماً محدودة موقوتة؛ لأنها في الأصل قيم مبتوتة!.. نبات لا جذور له في أعماق الفطرة البشرية؛ لأنه ليس آتياً من المصدر الذي جاءت منه الفطرة البشرية.

ومن أجل أنها لم تنبثق من ذلك الأصل؛ ولم تجئ من هذا المصدر، فإنها قامت على أساس مناقض لفطرة الإنسان؛ ولم تراع في الأسس التي قامت عليها، ولا في الوسائل التي اتخذتها، ولا في الطريق التي سارت فيه.. لم تراع في هذا كله احتياجات [الإنسان] الحقيقية، المنبثقة من طبيعة تكوينه، وأصل خلقته وحقيقة فطرته، وأهملت إهمالاً شنيعاً أهم مقوماته-التي بها صار الإنسان إنساناً- ولم تهملها فحسب، بل طاردتها في جفوة وعنف.. وسارت في طريق معارض للحقيقة الإنسانية، وللحاجات الحقيقية لبني الإنسان، وللقيم الصحيحة التي ينبغي أن تطبع الحياة الإنسانية وتميزها.

ومن ثم أخذ [الإنسان] يشقى شقاءً مريراً بالحضارة، التي قامت-أو المفروض أنها قامت- لخدمته وترقيته وإسعاده.. وحين تتناقض[الحضارة] مع [الإنسان] فالنتيجة الحتمية بعد فترة-تطول أو تقصر- من صراع الإنسان مع الحضارة، ومن الآلام والتضحيات، والخسائر والمرارات، أن ينتصر الإنسان، لأنه هو الأصل. ولأن فطرته أعمق وأبقى من أنماط الحضارة الطارئة عليها.. الحضارة المنبتة عن الله، وعن منهجه للحياة.
ثم ماذا؟

ثم إنه الخواء ينخر في روح الحضارة الغربية، بمذاهبها جميعاً، وبأنظمتها جميعاً، الخواء الذي تختنق فيه روح [الإنسان]، وتنهدر فيه قيمة [الإنسان]، وتنحدر فيه خصائص [الإنسان].. بينما تتكدس [الأشياء] وتعلو قيمتها، وتطغى على كل قيمة للإنسان!

إن بريق الحضارة المادية لا يجوز أن يغشي أبصارنا عن حقيقة الشقاء الذي باتت تعانيه البشرية في ظل هذه الحضارة. وإن الصواريخ المطلقة، والأقمار الصاعدة، لا يجوز أن تلهينا عن الدرك الذي ينحدر إليه [الإنسان] ومقومات [الإنسان]!

إن الإنسان هو أكرم ما في هذه الأرض. إنه هو الكائن الأساسي فيها، والمستخلف في مقدراتها. وكل شيء فيها في خدمته-أو ينبغي أن يكون كذلك-و[إنسانيته] هي المقوم الأعلى الذي يقاس به مدى صعوده أو هبوطه. وسعادة روحه هي مقياس ما في الحضارة التي يعيش فيها من ملاءمة لطبيعته أو مصادمة..

فإذا رأينا [الإنسان] ينحدر في صفاته [الإنسانية] وفي تصوره للقيم الإنسانية..

إذا رأيناه وقوداً للآلة، أو عبداً لها، أو تابعاً ذليلاً من توابعها..

إذا رأيناه- تبعاً لهذا- ينحط في تصوره وذكائه وأخلاقه..

إذا رأيناه يهبط في علاقاته الجنسية إلى أدنأ من درك البهيمة..

إذا رأينا وظائفه الأساسية تعطل وتذوي وتتراجع..

إذا رأيناه يشقى ويقلق ويتحير، ويعاني من القلق والحيرة ما لم يعانيه قط في تاريخه من الشقاء والتعاسة، والأمراض العصبية والنفسية، والشذوذ والعته، والجنون والجريمة.

إذا رأيناه هارباً من نفسه، ومن المخاوف، والقلاقل التي تلفه بها الحضارة المادية، والأنظمة الاجتماعية، والسياسية، والأخلاقية، والفكرية.

إذا رأيناه هائما على وجهه يقتل سآمته وملله، بما يقتل به روحه وجسمه وأعصابه، من المكيفات والخمور، أو ما يشبه المكيفات والخمور من الأفكار السود، ومذاهب اليأس والقنوط الملبس والضياع الأليم.. كما في [الوجودية] وغيرها من مذاهب الفكر التعيسة.

إذا رأيناه يئد نسله، أو يبيع أولاده، ليشتري بهم ثلاجات وغسالات كهربائية-كما جاءتنا الأنباء عن أوروبا الضائعة.

إذا رأيناه في مثل هذه الحال النكدة.. فإن جميع ما يصل إليه [العلم] في معزل عن [روح الإنسان] من تيسيرات للحياة المادية، ومن رفاهيات حضارية.. لا يغير شيئاً من حقيقة الانحدار الذي تهوي إليه البشرية؛ ومن حقيقة الشقاء الذي تعانيه؛ ومن حقيقة التعاسة التي تزاولها.. ثم.. من حقيقة فشل هذه الحضارة وقرب نهايتها.. ومن ثم حقيقة الحاجة الماسة إلي نظام آخر أصيل، بريء-في أساسه- من العيوب الأساسية التي أفسدت حياة البشر؛ وضيعت عليهم ثمار العلم والمعرفة والتقدم الحضاري.. نظام يسمح للإنسانية بأن تحقق غاية وجودها الإنساني-كما أرادها خالقها العظيم- وأن تستخدم [العقل] و[العلم] و[التجربة] استخداماً آخر، يتناسق مع احتياجاتها الحقيقية؛ ومع مقتضيات فطرتها الأصيلة.

لقد انتهى دور الرجل الأبيض.. انتهى دوره سواء أكان روسياً أم أمريكياً، إنجليزياً أم فرنسوياً، أم سويسرياً أم سويدياً.. إنه لابد من قاعدة من التصور الاعتقادي لكافة المذاهب والمناهج والنظم والأوضاع التي تقوم عليها حياة [الإنسان]. لابد من تفسير صحيح للوجود، ولمركز الإنسان فيه، ولغاية وجوده الإنساني. وهذا ما أغفلته حضارة الرجل الأبيض، بل حاربته حرباً شعواء، يستوي في هذا جميع الأنظمة السائدة في الغرب، وفي الشرق جميعاً.

والإنسان في حاجة إلى [عقيدة] تعمر قلبه؛ وتنبثق منها تصوراته؛ وتقدم له التفسير الشامل لحياته وللكون من حوله؛ ولعلاقته هو والكون بالخالق الأعلى..[عقيدة] ترسم له أهدافاً أكبر من ذاته، وأعم من جيله، وأبعد من حاضره، وأرفع من واقعه؛ وتربطه بذات علوية، لها عليه رقابة وسيطرة؛ يحبها ويخشاها؛ ويتقي غضبها ويطلب رضاها؛ وينتظر عونها على الخير؛ ويستحي من مواجهتها بالشر؛ ويرجو جزاءها العادل الكامل، الذي يعوض عليه ما يفوته في صراعه للشر في هذه الحياة الدنيا؛ ويربط حياته كلها بها؛ ويتلقى عنها نظام حياته، ومناهج فكره وسلوكه؛ كما يتلقى عنها شعائر عبادته سواء بسواء.. فتستقيم حياته كلها حزمة واحدة، لا فصام فيها ولا صدام..

ولقد يشغل الإنسان بعض الوقت بجوعة الجسد، وما يتعلق بها من الإنتاج بشتى وسائله وصنوفه، ومن المتاع الحسي بشتى ألوانه ومذاقاته.. وما أن تهدأ هذه الجوعة حتى تتحرك في الكائن الإنساني جوعة أخرى. جوعة لا يسدها الطعام، ولا يرويها الشراب، ولا يكفيها الكساء، ولا تسكنها كل ضروب المتاع.. إنها جوعة من نوع آخر. جوعة إلى الإيمان بقوة أكبر من البشر؛ وعالم أكبر من المحسوس؛ ومجال أكبر من الحياة الدنيا.. وجوعة إلى الوئام بين ضمير الإنسان وواقعه، بين الشريعة التي تحكم ضميره والشريعة التي تحكم حياته. بين منهج حركته الذاتية، ومنهج الحركة الكونية من حوله. جوعة إلى [إله] واحد؛ يتلقى منه شريعة قلبه، وشريعة مجتمعه على السواء.. وكل نظام للحياة لا يحقق السعادة للكائن البشري إلا إذا تضمن كفاية هذه الجوعات المتعددة في كينونته الواحدة.. وهذه السمة هي التي خلت منها حضارة الرجل الأبيض!

ولهذا السبب-من وراء كل سبب- انتهى دور الرجل الأبيض..

المُخَلِّــص

'إن هتافات كثيرة من هنا ومن هناك، تنبعث من القلوب الحائرة وترتفع من الحناجر المتعبة .. تهتف بمنقذ، وتتلفت على [مخلص]، وتتصور لهذا المخلص سمات وملامح معينة تطلبها فيه..وهذه السمات والملامح المعينة لا تنطبق على أحد إلا على [هذا الدين] .

المستَقبل لهذا الدّين

وحين يتقرر أن الإسلام:

هو وحده القادر على إنقاذ البشرية مما يحدق بها من أخطار ماحقة، تدلف إليها مقودة بسلاسل الحضارة المادية البراقة.

وهو وحده القادر على منحها المنهج الملائم لفطرتها، ولاحتياجاتها الحقيقية.

وهو وحده الذي ينسق بين خطاها في الإبداع المادي، وخطاها في الاستشراف الروحي.

وهو وحده الذي يملك أن يقيم لها نظاماً واقعياً للحياة يتم فيه هذا التناسق الذي لم تعرفه البشرية قط إلا في النظام الإسلامي وحده على مدى التاريخ ..

حين يتقرر هذا كله تتضح معه شناعة الجريمة التي يرتكبها - في حق البشرية كلها - أولئك الذين يوجهون الضربات الوحشية لطلائع البعث الإسلامي في كل مكان، والذين يجندون قواهم كلها، لطمس معالم المنهج الإسلامي، ومواراته عن أعين البشرية المتطلعة إلى منقذ، المتلفتة على [مخلِّص]، وتنفيرها منه بشتى الخدع والتمويهات والأكاذيب!

إنها جريمة بشعة في حق البشرية المنكوبة بهذه الحضارة المناقضة لفطرتها ولاحتياجاتها الحقيقة المهددة بغلبة الفلسفة المادية عليها..وهي في كل لحظة تقترب من الهوة الرعيبة، ولا منقذ لها إلا هذا الدين، الذي يحاربه أعداء البشرية، في كل مكان على وجه الأرض، بشتى الخطط، والمؤامرات، والأساليب!
إلا أن هذه الحرب المشبوبة على الإسلام لا تفقدنا الثقة المطلقة في أن [المستقبل لهذا الدين].

لقد صمد الإسلام في حياته المديدة، لما هو أعنف وأقسى من هذه الضربات الوحشية، التي توجه اليوم إلى طلائع البعث الإسلامي في كل مكان. وكافح - وهو مجرد من كل قوة غير قوته الذاتية- وانتصر، وبقى، وأبقى على شخصية الجماعات والأوطان، التي كان يحميها، وهو مجرد من السلاح!

إن الإسلام هو الذي حمى الوطن الإٍسلامي في الشرق من هجمات التتار؛ كما حماه من هجمات الصليبيين على السواء .. ولو انتصر الصليبيون في الشرق كما انتصروا في الأندلس قديماً، أو كما انتصر الصهيونيون في فلسطين حديثاً، ما بقيت قومية عربية، ولا جنس عربي، ولا وطن عربي .. والأندلس قديماً وفلسطين حديثاً كلاهما شاهد على أنه حين يطرد الإسلام من أرض، فإنه لا تبقى فيها لغة ولا قومية، بعد اقتلاع الجذر الأصيل!

والمماليك الذين حموا هذه البقعة من التتار، لم يكونوا من جنس العرب إنما كانوا من جنس التتار! ولكنهم صمدوا في وجه بني جنسهم المهاجمين، حمية للإسلام، لأنهم كانوا مسلمين! صمدوا بإيحاء من العقيدة الإسلامية، وبقيادة روحية إسلامية من الإمام المسلم [ابن تيمية] الذي قاد التعبئة الروحية، وقاتل في مقدمة الصفوف!

ولقد حمى صلاح الدين هذه البقعة من اندثار العروبة منها، والعرب، واللغة العربية .. وهو كردي لا عربي، ولكنه حفظ لها عروبتها ولغتها حين حفظ لها إسلامها من غارة الصليبيين. وكان الإسلام في ضميره هو الذين كافح الصليبيين، كما كان الإسلام في ضمير الظاهر بيبرس، والمظفر قطز، والملك الناصر .. هو الذي كافح التتار المتبربرين!

والإسلام هو الذي كافح في الجزائر مئة وخمسين عاماً. وهو الذي استبقى أرومة العروبة فيها. حتى بعد أن تحطمت مقوماتها الممثلة في اللغة والثقافة، حينما اعتبرت فرنسا اللغة العربية –في الجزائر- لغة أجنبية محظوراً تعليمها! هنالك قام الإسلام - وحده - في الضمير، يكافح الغزاة، ويستعلي عليهم، ولا يحنى رأسه لهم لأنهم أعداؤه [الصليبيون]! وبهذا - وحده - بقيت روح المقاومة في الجزائر، حتى أزكتها من جديد الحركة الإسلامية التي قام بها عبد الحميد بن باديس، فأضاءت شعلتها من جديد .. وهذه الحقيقة التي حاول أن يطمسها المغفلون والمضلِّلون، يعرفها الفرنسيون والصليبيون جيداً لأنهم [صليبيون]!

إنهم على يقين أن [الإسلام]، باستعلاء روحه على أعدائه، هو الذي يقف في طريقهم. ومن ثم يعلنونها حرباً على [المسلمين] .. لا على [العرب]!

والإسلام هو الذي كافح في برقة وطرابلس ضد الغزو الطلياني .. وفي أربطة السنوسية وزواياها نمت بذرة المقاومة، ومنها انبثق جهاد عمر المختار الباسل النبيل..

وأول انتفاضة في مراكش، كانت منبثقة من الروح الإسلامي. وكان [الظهير البربري] الذي سنه الفرنسيون سنة 1931 وأرادوا به رد قبائل البربر هناك إلى الوثنية، وفصلهم عن الشريعة الإسلامية .. هو الشرارة التي ألهبت كفاح مراكش ضد الفرنسيين.

لقد كافح الإٍسلام - وهو أعزل - لأن عنصر القوة:

كامن في طبيعته، كامن في بساطته ووضوحه وشموله، وملاءمته للفطرة البشرية، وتلبيته لحاجاتها الحقيقية. كامن في الاستعلاء عن العبودية للعباد بالعبودية لله رب العباد؛ وفي رفض التلقي إلا منه، ورفض الخضوع إلا له من دون العالمين.

كامن كذلك في الاستعلاء بأهله على الملابسات العارضة كالوقوع تحت سلطان المتسلطين، فهذا السلطان يظل خارج نطاق الضمير مهما اشتدت وطأته .. ومن ثم لا تقع الهزيمة الروحية طالما عمر الإسلام القلب والضمير، وإن وقعت الهزيمة الظاهرية في بعض الأحايين.

ومن أجل هذه الخصائص في الإسلام يحاربه أعداؤه هذه الحرب المنكرة؛ لأنه يقف لهم في الطريق، يعوقهم عن أهدافهم الاستعمارية الاستغلالية، كما يعوقهم عن الطغيان والتأله في الأرض كما يريدون!

ومن أجل هذه الخصائص يطلقون عليه حملات القمع والإبادة، كما يطلقون عليه حملات التشويه والخداع والتضليل!

ومن أجل هذا يريدون أن يستبدلوا به قيماً أخرى، وتصورات أخرى، لا تمت بسبب إلى هذا المناضل العنيد؛ لتستريح الصهيونية العالمية، والصليبية العالمية، والاستعمار العالمي من هذا المناضل العنيد!

إن خصائص الإسلام الذاتية هي التي تحنق عليه أعداءه الطامعين في أسلاب الوطن الإسلامي .. هذه هي حقيقة المعركة؛ وهذا هو دافعها الأصيل..

ولكن الذي لا شك فيه - على الرغم من ذلك كله - هو أن [المستقبل لهذا الدين]..

فمن طبيعة المنهج الذي يرسمه هذا الدين؛ ومن حاجة البشرية إلى هذا المنهج نستمد نحن يقيننا الذي لا يتزعزع، في أن المستقبل لهذا الدين. وأن له دوراً في هذه الأرض هو مدعو لأدائه - أراد أعداؤه أم لم يريدوا - وأن دوره هذا المرتقب لا تملك عقيدة أخرى - كما لا يملك منهج آخر- أن يؤديه، وأن البشرية بجملتها لا تملك كذلك أن تستغني طويلاً عنه. ولا حاجة بنا إلى المضي في توكيد هذه الحقيقة على هذا النحو.

فنكتفي في هذا الموضع بعرض عبرة عن الواقع التاريخي للإسلام، لعلها أنسب العبر في هذا المقام:

بينما كان [سراقة بن مالك] يطارد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحبه أبا بكر رضي الله عنه - وهما مهاجران خفية عن أعين قريش .. وبينما كان سراقة يعثر به فرسه كلما هم أن يتابع الرسول وصاحبه، طمعاً في جائزة قريش المغرية التي رصدتها لمن يأتيها بمحمد، وصاحبه، أو يخبر عنهما .. وبينما هو يهم بالرجوع وقد عاهد النبي صلى الله لعيه وسلم أن يكفيهما من وراءه ..

في هذه اللحظة قال النبي صلى الله عليه وسلم: [يا سراقة. كيف بك وسوارى كسرى؟] .. يعده سوارى كسرى شاهنشاه الفرس! [ملك الملوك!].. والله وحده يعلم ما هي الخواطر التي دارت في رأس سراقة؛ حول هذا العرض العجيب؛ من ذلك المطارد الوحيد .. إلا من صاحبه الذي لا يغني شيئاً عنه، والمهاجــر - سرّا ً- معه!

ولكن كالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان عارفاً بالحق الذي معه، معرفته بالباطل الذي عليه الجاهلية في الأرض كلها يومذاك .. وكان واثقاً من أن هذا الحق لابد أن ينتصر على هذا الباطل. وأنه لا يمكن أن يوجد [الحق] في صورته هذه، وأن يوجد [الباطل] في صورته هذه، ثم لا يكون ما يكون!

كانت الشجرة القديمة قد تآكلت جذورها كلها، بحيث لا يصلها ري ولا سماد .. كانت قد خبثت بحيث يتحتم أن تجتث .. وكانت البذرة الطيبة في يده هي المعبأة للغرس والنماء .. وكان واثقاً من هذا كله ثقة اليقين .

نحن اليوم في مثل هذا الموقف بكل ملابساته، وكل سماته. مع الجاهلية كلها من حولنا.. فلا يجوز- من ثم - أن ينقصنا اليقين في العاقبة المحتومة. العاقبة التي يشير إليها كل شيء من حولنا. على الرغم من جميع المظاهر الخادعة التي تحيط بنا!

إن حاجة البشرية اليوم إلى هذا المنهج، ليست بأقل من حاجتها يومذاك .. وإن وزن هذا المنهج اليوم - بالقياس إلى كل ما لدى البشرية من مناهج - لا يقل عنه يومذاك ..

ومن ثم ينبغي ألا يخالجنا الشك في أن ما وقع مرة في مثل هذه الظروف لابد أن يقع. ولا يجوز أن يتطرق إلى قلوبنا الشك، بسبب ما نراه من حولنا، من الضربات الوحشية التي تكال لطلائع البعث الإسلامي في كل مكان، ولا بسبب ما نراه كذلك من ضخامة الأسس التي تقوم عليها الحضارة المادية.. إن الذي يفصل في الأمر ليس هو ضخامة الباطل، وليس هو قوة الضربات التي تكال للإسلام. إنما الذي يفصل في الأمر هو قوة الحق، ومدى الصمود للضربات!
إننا لسنا وحدنا .. إن رصيد الفطرة معنا .. فطرة الكون وفطرة الإنسان .. وهو رصيد هائل ضخم .. أضخم من كل ما يطرأ على الفطرة من أثقال الحضارة .. ومتى تعارضت الفطرة مع الحضارة، فلا بد أن يكتب النصر للفطرة .. قصر الصراع أم طال.

أمر واحد يجب أن يكون في حسابنا

إن أمامنا كفاحاً مريراً شاقاً طويلاً. لاستنقاذ الفطرة من الركام، ثم لتغليب الفطرة على هذا الركام، كفاحاً مريراً يجب أن نستعد له استعداداً طويلاً، يجب أن نستعد بأن نرتفع إلى مستوى هذا الدين ..نرتفع إلى مستواه في حقيقة إيماننا بالله. وفي حقيقة معرفتنا بالله، فإننا لن نؤمن به حق الإيمان حتى نعرفه حق المعرفة ..

ونرتفع إلى مستواه في عبادتنا لله. فإننا لن نعرف الله حق المعرفة إلا إذا عبدناه حق العبادة.

ونرتفع إلى مستواه في وعينا بما حولنا، ومعرفتنا لأساليب عصرنا .. ورحم الله رجلاً عرف زمانه واستقامت طريقته.

ونرتفع إلى مستواه في إحاطتنا لثقافة عصرنا وحضارته؛ وممارسة هذه الثقافة، وهذه الحضارة ممارسة اختبار واختيار .. فإننا لا نملك الحكم على ما ينبغي أن نأخذ منها، وما ينبغي أن ندع، إلا إذا سيطرنا عليها بالمعرفة والخبرة. فمن المعرفة والخبرة نستمد سلطان الاختيار ..

ونرتفع إلى مستواه في إدراكنا لطبيعة الحياة البشرية، وحاجاتها الحقيقية المتجددة، فنرفض ما نرفض من هذه الحضارة، ونستبقي ما نستبقي عن خبرة بالحياة ذاتها تعادل خبرتنا بهذه الحضارة كذلك!

وهذا كفاح مرير .. وكفاح طويل .. ولكنه كفاح بصير وكفاح أصيل.. والله معنا ..{...وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ[21]}[سورة يوسف] ..وصدق الله العظيم.


الموضوع : المستقبل لهـذا الـديــن الكاتب: مصطفانى المصدر : شبكة عطر الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

المستقبل لهـذا الـديــن

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
صفحة 1 من اصل 1

https://i.servimg.com/u/f61/12/61/25/01/210.png


خدمات الموضوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
المستقبل لهـذا الـديــن , المستقبل لهـذا الـديــن , المستقبل لهـذا الـديــن ,المستقبل لهـذا الـديــن ,المستقبل لهـذا الـديــن , المستقبل لهـذا الـديــن
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع أو أن الموضوع [ المستقبل لهـذا الـديــن ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة عطر الإسلام :: 
المنتديات الإسلامية
 :: الشريعة الإسلامية
-
انتقل الى:
شبكة عطر الإسلام...معاً إلى الجنة



جميع الحقوق محفوظة لــــ شبكة عطر الإسلام ©
جميع الآراء فى المنتدى تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط
Powered by phpBB © Copyright ©2008 - 2015