( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) التوبة 71 - الحلقة 4
كاتب الموضوع
رسالة
موضوع: ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) التوبة 71 - الحلقة 4 الخميس نوفمبر 10, 2011 11:59 am
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين مسلمو الهند أقلية ... بل أكثرية تحتاج إعادة نظر (4) في الحلقة الماضية استعرضنا أحوال الإسلام والمسلمين منذ دخول الإسلام إلى الهند حتى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين, وفي حلقة اليوم والتي ستكون الأخيرة إن شاء الله في الحديث عن المسلمين في الهند.
واستكمالاً لما بدأناه فإن المسلمين الذين قدموا إلى الهند كتجار أصبحوا حكامًا ثم أقلية ثم أقلية حساسة إثر التقسيم، ليس لأن عددهم قد تناقص فحسب، ولكن أصواتهم قد ضاعت حيث وجدوا أنفسهم في موقع الشبهة دائمًا كأناس كانوا سببًا لتقسيم الهند.
في الوقت الذي أصبحت مناطق الأغلبية المسلمة موطنًا للمسلمين فإن عددًا كبيرًا من المسلمين قرروا البقاء على الأرض الذي ولدوا فيه.
لقد جعل تقسيم الهند المسلمين في موقع حساس إذ أوجد وضعًا غير عاديٍّ بين عشية وضحاها، وقد هز تأسيس باكستان الصورة العلمانية للهندوس الذين باشروا في تضميد الإحساس بجرح مزمن من جراء ذلك، في حين أن المسلمين قد تملكهم الشعور بانعدام الأمن والإحباط وعدم الاستقرار نتيجة الاستقلال والتقسيم، إلا أن الهند ظلت علمانية بمخططات غاندي الذي قدم حياته في سبيل الهند العلمانية، كما أعطت التزامات جواهر لال نهرو تجاه الهند العلمانية الطمأنينة الضرورية والأمن لمسلمي الهند، بيد أن انشغال المسلمين بمسألة أمنهم أكثر من حقوقهم حال دون تطلعهم أبعد من المطالبة بحماية أرواحهم وممتلكاتهم.
انشغل القادة المسلمون دومًا بقضايا دينية وثقافية أكثر من اهتمامهم بقضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية للجالية، وقد كانت سياسة المسلمين سياسة نخبوية، وتقيدوا جميعًا بمناقشات حول قانون الأحوال الشخصية للمسلمين وصفة جامعة "عليكر" (الجدل الدائر حول وضعها الأقلياتي) ووضع لغة الأوردو، وهذه المشاكل كونها دينية وثقافية في طبيعتها تميل إلى إصباغ المناقشات صبغة دينية، ويعود السبب في ذلك جزئيًّا إلى أن الهوية الثقافية تنمو في بيئة تعيش فيها الجالية تحت التهديدات، وجزئيًّا إلى أن المعطيات والعناصر والمراجع في هذه المناقشة تبقي الجاليات الأخرى خارج الميدان تقريبًا، أما القضايا التعليمية والبطالة والفقر وقلة التمثيل في الأجهزة المنتخبة بالكاد حظيت بأي اهتمام في أجندتهم.
بعد انقضاء العهد النهروي، وفي وجه التحديات التي تعرضت لها قيادتها، بذلت إنديرا غاندي - ابنة نهرو - جهودًا واعية لبناء قاعدة جماهيرية لها، وأطلقت مشاريع شعبية تستهدف أقليات طبقية وقبلية من غير المسلمين، وفي حين أن هذه الأقليات حصلت في إطار هذه المشاريع على نصيبها من برامج تخفيف الفقر والتنمية الريفية، اقتصرت مكاسب المسلمين على ضمانات بمواصلة السياسة العلمانية وحماية أرواحهم وممتلكاتهم.
ومن جانب آخر عمدت الحكومات المتعاقبة إلى التطرق للقضايا الرمزية والعاطفية للمسلمين كوسيلة لاستغلالهم من أجل المكاسب السياسية أكثر من التركيز على قضايا ذات علاقة بتنميتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وكنتيجة لم يتطرق أحد قط إلى قضايا أساسية مثل الفقر والتعليم والتوظيف.
وبرزت قضايا عاطفية مثل منع كتاب يسيء إلى مشاعر المسلمين، والإجازة في يوم الميلاد النبوي الشريف، والدعم الحكومي للحجاج كآيات لالتزامات الحكومات تجاه المسلمين، وهذه القضايا أضفت مصداقية للدعاية اليمينية القائلة باسترضاء المسلمين من قبل الأحزاب العلمانية بدلاً من أن تجني أي فوائد جذرية للمسلمين.
وهكذا وبعد 60 عامًا من الاستقلال، فإن الجالية المسلمة المغيبة ذهنيًّا عن واقع الأوضاع في الهند العلمانية الهندوسية بقيت أكثر الجاليات تخلفًا في النواحي الاقتصادية والتعليمية، بل وعلى كافة الأصعدة.
وعلى الرغم من وجود العديد من الهيئات والمؤسسات الإسلامية في الهند والتي قد بلغ عددها حوالي 400 هيئة ومؤسسة وجمعية فقد تسبب هذا في إثارة الكثير من المشكلات، مما أدى إلى تفتيت وحدة المسلمين بالهند، ولقد حرم هذا المسلمين من مظلة تحميهم وتحافظ على هويتهم الإسلامية، وكذلك بالرغم من وجود كثير من الجامعات والمعاهد المعاصرة كجامعة "أليگره" المسلمة، ووقف تعليم دار السلام (التي تضم كليات مثل كلية الدكن للهندسة، مدرسة الدكن لإدارة المستشفيات، كلية الدكن للعلوم الطبية), الجمعية الملية الإسلامية, جامعة همدارد, مؤسسات البركات التعليمية, جمعية تعليم مولانا أزاد في أورانگ آباد, الحرم الجامعي للدكتور رفيق زكريا في أورانگ آباد, جمعية الأمين التعليمية, كلية الهلال للهندسة وجمعية الكبير التعليمية.
كما أن هناك أيضًا الجامعات الإسلامية التقليدية كمركز "كرالا" السني (أكبر مؤسسة إسلامية خيرية، غير حكومية، غير ربحية في الهند), أكاديمية رضا, الجمعية الأشرفية، أعظم گره, دار العلوم، ديوبند ودار العلوم ندوة العلوم "إلا أن المسلمين يعدون أكثر الجاليات تخلفًا في المجال التعليمي، هذا ما اعترفت به السياسة التعليمية الجديدة التي وضعت في عام 1986م حيث وُجد المسلمون كأكثر الجاليات تخلفًا في المجال التعليمي مع البوذيين الجدد. ويظهر تحليل مقارن لبيانات مستويات التعليم بين الجاليات المختلفة بأن المسلمين أكثر تخلفًا بين كافة الجاليات في المجال التعليمي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي دراسة أمر رئيس الوزراء الهندي بإجرائها وجدت أن المسلمين الذين يمثلون أقلية في الهند يشعرون بأنهم ينظر إليهم على أنهم غير وطنيين، ويحتاجون لأن يثبتوا باستمرار أنهم ليسو إرهابيين.
وقال التقرير الذي قدم إلى البرلمان: "إنهم يحملون على عاتقهم عبئًا مزدوجًا بوصمهم أنهم غير وطنيين, وبأنه يجري استرضاؤهم في نفس الوقت".
ويواجه حزب المؤتمر الهندي الحاكم الذي يتباهى بأنه حزب متعدد الأطياف اتهامات من جانب القوميين الهندوس باسترضاء مسلمي الهند البالغ عددهم 138 مليون نسمة والذين يشكلون أكثر من 13%من عدد السكان.
ويقول الهندوس المتشددون: إنه يجب عدم السماح للمسلمين بتطبيق قوانينهم الخاصة فيما يتعلق بالميراث والطلاق والزواج مثلما هو الحال الآن.
وقال التقرير الذي سرب على نطاق واسع: إنه على الرغم من أن المسلمين يشعرون بضرورة أن يثبتوا باستمرار أنهم غير إرهابيين فإن عملية الاسترضاء المزعومة لم تنجح في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمسلمين.
وقال محللون: "إنها خطوة جريئة من جانب رئيس الوزراء مانموهان سينغ وهو سيخي أن يأمر بإعداد هذا التقرير ووصفوه بأنه نداء للصحوة".
وقال المعلق ماهيش رانجاراجان: "هذه أكبر أقلية مسلمة على وجه الأرض، معاملة المسلمين كوحوش أو ضحايا ليست هي الإجابة".
و80% من سكان الهند العلمانية رسميًّا هندوس، ولكنها تضم أقليات كبيرة من "المسيحيين" والبوذيين والسيخ، بالإضافة إلى ثالث أكبر عدد من المسلمين في العالم.
وكثيرًا ما نشبت اشتباكات بين الهندوس والمسلمين منذ استقلال الهند عن الحكم البريطاني في عام 1947 وإنشاء باكستان، وقتل آلاف المسلمين في أعمال شغب مع اتهام الشرطة في الغالب بتجاهل الهجمات عليهم.
وفي السنوات الأخيرة اعتقلت الشرطة مسلمين بسبب هجمات في الهند كان أحدثها سلسلة التفجيرات التي وقعت في مومباي المركز المالي للهند، وأدت إلى مقتل 186 شخصًا على الأقل.
واعتقل مئات المسلمين بعد التفجيرات في حملات للشرطة ولكن أفرج عن أغلبهم دون توجيه اتهامات لهم.
وكشفت الدراسة التي أمر بها رئيس الوزراء الهندي بأن ارتداء زي إسلامي يكفي لإثارة الشكوك، وقال التقرير: إن الشرطة "غالبًا ما تعتقل الرجال المسلمين الذين يطلقون لحاهم ويرتدون عمامة لاستجوابهم من الأماكن العامة مثل المتنزهات ومحطات السكك الحديدية والأسواق.
"وتشكو النساء المسلمات اللائي يرتدين النقاب من أن يواجهن عداء في الأسواق والمستشفيات والمدارس ويصعب عليهن العثور على وظيفة".
وقد توصل مكتب رئيس الوزراء الهندي الذي اطلع على التقرير إلى تلخيص للنتائج التي توصلت إليها اللجنة وأوجزها فيما يلي:
«الأقلية المسلمة تعاني من الفقر ونسبة الأمية بينهم أكبر من غيرهم، وفرص التعليم المتوفرة أمامهم غير كافية، وتمثيلهم في وظائف القطاعين العام والخاص أقل، فضلاً عن قلة توفر الائتمانات المصرفية لمن يريدون منهم إنشاء أعمال تجارية خاصة بهم، وفي المناطق الريفية يعيش المسلمون في الغالب في الأحياء المزدحمة الفقيرة التي تفتقر إلى البنيات التحتية».
هذا ويشكل المسلمون نسبة 13% من تعداد سكان الهند 1.17مليار نسمة، ويساوي عددهم جملة تعداد سكان باكستان التي انفصلت عن الهند قبل نحو 60 عامًا. وظل الجدل حول حقوق المسلمين في الهند يظهر من حين إلى آخر خصوصًا عقب اندلاع أعمال العنف ذات الدوافع الدينية، وقد تسببت النتائج التي أعلنت في الآونة الأخيرة في عودة الجدل حول هذه القضية مجددًا، وكان عدد من رجال الدين والقادة السياسيين المسلمين قد بدأ مسبقًا يقف إلى جانب فكرة العمل بنظام الحصص أو النسب، إلا أن حزب بهاراتيا جاناتا القومي الهندوسي شدد على أن القانون الهندي يحظر نظام الحصص والنسب القائمة على أساس المعتقدات.
وقال أمين عام اللجنة التي أصدرت التقرير: "إن مؤشرات التعليم والفقر في بعض الولايات الهندية أظهرت أن المسلمين يأتون في مرتبة بعد طبقة المنبوذين الهندوس".
ومن ضمن الإحصائيات المثيرة للجدل، التي أوردتها «إنديا اكسبريس» حول التقرير العدد الكبير من النزلاء المسلمين في السجون الهندية بمختلف الولايات. ففي ولاية مهاراشترا الغربية - على سبيل المثال - يشكل المسلمون نسبة 10.6% من النزلاء ونسبة 32.4% من المدانين والذين ينتظرون المحاكمة، كما يشكل المسلمون نسبة 2% من العاملين في «خدمة الإدارة الهندية» الذي يشكل الجهاز الوطني للموظفين، أما في القضاء، فإن نسبة المسلمين الذين يعملون كقضاة فلا تتعدى 2.7% فقط. ويظهر التفاوت بين المسلمين والمجموعات الأخرى في مجال التعليم أيضًا؛ إذ تبلغ نسبة التعليم وسط المسلمين 59% مقابل 65 هي نسبة التعليم في الهند، وفي المتوسط يبقى التلاميذ المسلمون في المدرسة لفترة متوسطها ثلاث سنوات وأربعة شهور مقارنة بأربع سنوات، وهي المتوسط العام في البلاد. وتبلغ نسبة المسلمين الذين يكملون مرحلة التعليم العام أقل من 4% مقابل نسبة 6% من التعداد الكلي للسكان، كما أن عدد المسلمين في معاهد التكنولوجيا - وهي مؤسسات تعليمية نخبوية - أقل من 2%، فيما يبلغ عدد أطفال المسلمين الذين يلتحقون بالمدارس الدينية 4%.
ومن المرجح أن تكون الهوة الكبيرة في مجال العمل بين المسلمين والمجموعات الأخرى في الهند من القضايا الساخنة، إذ يعمل كثير من المسلمين في القطاع غير الرسمي، مثل البناء ونظافة الشوارع، فيما يقل عددهم في القطاع العام. ومن جملة وظائف الحكومة يشغل المسلمون 15%؛ أي أقل بكثير مقارنة بنسبة العاملين في الوظائف الحكومية المنحدرين من الطوائف «المتخلفة» والطبقات الدنيا الأخرى في المجتمع الهندي.
والتقرير تعرض إلى المناطق التي يقطنها المسلمون داخل المدن، واصفًا إياها بأنها ذات بنية تحتية محلية فقيرة، ومع ذلك فقد أشار إلى وجود تباين شديد في ظروف المعيشة بين المسلمين على مستوى مناطق الهند.
وتتراجع الحالة التعليمية والاقتصادية للمسلمين بنسبة تقل عن الحد الأدنى للطبقات الهندوسية، بحسب التقرير الذي أكد حاجة المسلمين إلى برامج للمساعدة في وضع الجسر على تلك الفجوة الواسعة.
وقال التقرير: إن 94.9% من المسلمين يعيشون تحت خط الفقر، مشيرًا إلى أن العائلات المسلمة في المناطق الريفية لا تحصل على حقوقها المجانية في المحاصيل الغذائية، وأن نسبة 60.2% من الذين يقطنون المناطق الريفية لا يمتلكون أرضًا زراعية.
أما نسبة من يمتلكون جرارات زراعية بين الفلاحين المسلمين فتبلغ 2.1%، فيما تمتلك نسبة 1% فقط مضخات مياه، ويحصل 3.2% فقط من المسلمين على قروض دعم، فيما يستفيد 1.9% من برامج الأغذية الحكومية المجانية.
ورغم أن الدستور الهندي العلماني يضمن حقوقًا وفرصًا متساوية لكافة أفراد المجتمع دون تمييز، فإن المسلمين يعيشون في مستويات أقل في كافة النواحي، وبخاصة الناحية التعليمية، التي قادت بدورها إلى ارتفاع معدلات البطالة بين المسلمين بدرجة بالغة.
وكان مسئولون وتقارير إعلامية هندية أفادت أنه لا يعمل أي مسلم تقريبًا في وكالة المخابرات الخارجية الهندية التي يعمل بها 10 آلاف فرد، كما لا يعمل المسلمون أو السيخ حراسًا شخصيين لكبار قادة البلاد. ومع كل ما يتعرض له المسلمون في الهند من ظلم واضطهاد فقد ارتفعت نسبتهم بين التعداد الكلي لسكان الهند من 12.21% عام 2001م إلى 30.38% في آخر الإحصائيات, ونلاحظ في المقابل هبوط نسبة كل من "المسيحيين" والهندوس فقد هبطت نسبة النصارى بنسبة 0.26% أي أسلم 3000000 "مسيحي" هندي، والإسلام هو الوحيد النامي بين الديانات في الهند مما يعني أنهم سيشكلون الأغلبية في المستقبل إن شاء الله.
وأخيرًا فقد كان للحضارة الغربية المادية تأثير قوي في المجتمع الهندي المسلم كغيره من المجتمعات المسلمة في أنحاء المعمورة، ولذا كانوا منصرفين عن الهداية الربانية إلى اتباع الأهواء وإشباع الرغبات وإرضاء النـزعات، ثم إن الجهل بأحكام الدين قد منعهم من التمييز بين التوحيد والشرك وبين السنة والبدعة، وضعف الإيمان بالله قد جرهم إلى دعاء الموتى والاستغاثة بالأولياء والصلحاء وشد الرحال إلى القبور والتبرك بها والدعاء عندها وغير ذلك من الأعمال المتفشية في أغلب المجتمع المسلم.
أما غير المسلمين فحدث ولا حرج، فالوثنية تعتبر دين الأغلبية، والمجتمع منقسم في طبقات أربع، لذا لم يعرف فيه معنى العدل والمساواة، والشعب الذي يؤمن بالوثنية ويعبد الحيوان والأشجار والأحجار وغيرها من الجمادات ويضع المال فوق كل شيء كيف يتوقع منه أنه يعرف حقوق الله تعالى، ويخضع لأحكام شريعته؟ فلله در المسلمين في الهند, وندعو لهم بفرج ونصر قريب.
إلى اللقاء في قضية جديدة من قضايا الأقليات المسلمة التي لا تنتهي إن أحيانا الله.