بسم الله الرحمن الرحيم
هموم حاملة الدعوة

لاشك أن الشيطان لن يترك دعاة الحق في مسيرتهم دون أن يضع لهم العقبات في طريقهم أملا في ثنيهم عن الوصول إلى أهدافهم وتحقيقها وإن لم يستطع فلا اقل من تعطيلهم وتأخيرهم ولذا نجد أن هناك عقبات كثيرة تعترض المرأة حاملة الدعوة ، كما يعترض الرجل حامل الدعوة عقبات أخرى كثيرة، فمن العقبات التي تعترض المرأة الداعية.
أولاً: عقبات نفسية:

الشعور بالتقصير من البعض والغرور من البعض الآخر:
إن كثيرًا من الأخوات حاملات الدعوة تشعر بأنها ليست على مستوى المسؤولية التي ألقيت عليها، وهذه في الحقيقة مكرمة وليست عقبة...
بينما تكون المشكلة إذا شعرت بكمالها أو أهليتها التامة، ومعنى ذلك أنها لن تسعى إلى تكميل نفسها، أو تلافي عيبها، ولن تقبل النصيحة من الآخرين؛ لأنها ترى في نفسها الكفاية، أما شعورها بالنقص أو التقصير، فهو مدعاة إلى أن تستفيد مما عند الآخرين، وأن تقبل النصيحة. وينبغي أن تعلم الأخت الداعية أنه ما من إنسان صادق، إلا ويشعر بهذا الشعور ...
فكلما زاد فضل الإنسان، زاد شعوره بالنقص، وكلما زاد جهله وبعده، زاد شعوره بالكمال...
وباختصار فإنه ما دامت الروح في الجسد، فلن يكمل الإنسان، وكلما شعرنا بالتقصير وهضم النفس، كان أقرب إلى الله تعالى، وأبعد عن الكبر والغرور.

التخوف والإحجام :
— والتهيب من الدعوة والكلام أمام الأخريات, وخوض المجتمع وهذا لا يمكن أن يزول إلا بالتجربة والممارسة، ففي البداية: من الممكن أن تتكلم الفتاة وسط مجموعة قليلة، أن تلقي حديثًا مفيدًا -ولو كان مكتوبًا في ورقة-، ثم مع مجموعة أكثر، ثم تشارك في المسجد، والدروس ، ثم تبدأ بعد ذلك في إعداد بعض العناصر، ثم بعد ذلك يمكنها أن تلقي كلمة بطريقة الارتجال، ولابد من التدرج، وإلا ستظل المرأة، وسيظل الرجل يقول: لا أستطيع!

ثانيًا : عقبات اجتماعية:

فساد البيئة:
فإذا كانت البيئة التي تعمل فيها حاملة الدعوة فاسدة، سواء كانت هذه البيئة: مدرسة، أو مؤسسة، أو مستشفى، أو معهدًا - فإن ذلك يؤثر على المرأة تأثيرًا شديدًا، ويضغط عليها ضغطًا كبيرًا... وهنا عليها بالصبر وطول البال في دعوتها ...

عدم التجاوب من الأخريات:
من العقبات التي تواجهها أيضاً، عدم التجاوب من الأخريات من النساء، ورفض بعضهن للدعوة. فبدءًا أقول: هذه الأمة أمة مجربة، فلست أنت أول من دعا للمعروف ونهى عن المنكر ؛ وإنما دعا قبلك كثيرون وكثيرات، وكان التجاوب كثيرًا وكبيرًا، والكفار الآن يدخلون في دين الله أفواجًا، فمن باب أولى أن يستجيب المسلمون لله وللرسول إذا دعوا إلى ما يحييهم.

فأما أسباب عدم التجاوب فتنقسم إلى:
أ- أسباب ترجع إلى المدعوة نفسها :
وذلك كأن تكون شديدة الانحراف، أو طال مكثها في الشر، وأصبح خروجها منه ليس بالأمر السهل، وأصبحت جذورها ضاربة في تربة الفساد، أو صعوبة طبعها، وعدم ليونتها، ووجود شيء من العناد، وقد يكون ذلك راجعًا لوجود قرينات سوء يدعينها إلى الشر. وهذا كله يمكن أن يعالج بالصبر وطول النَّفَس، والأناة، وتكثيف الجهود، وربط هذه الفتاة ببيئة إسلامية جديدة تكون بديلاً عن البيئة الفاسدة التي تعيش فيها .

ب- أسباب ترجع إلى حاملة الدعوة نفسها:
ومن هذه الأسباب التي تتعلق بالداعية نفسها: عدم استخدامها الأسلوب المناسب الذي يتسلل إلى قلب المدعوّة ويؤثر فيها، وقد يعود ذلك إلى غلظتها وقسوتها، أو شدة تركيزها على أخطاء الآخرين، أو شعور الأخريات بأنها تمارس نوعًا من الأستاذية أو التسلط، مما يحرضهن على مخالفتها ومعاندتها؛ لأنهن يرين عملها هذا مسّاً للكرامة، أو جرحًا للكبرياء، والشيطان حاضر، فيؤجج في الفتاة مشاعر الكبرياء والعزة، فترفض الدعوة ولا تقبلها.

هذا من ناحية ...
ومن ناحية أخرى ... فقد يتساءل البعض كيف تخرج المرأة للدعوة إلى الله وبيتها الأحوج لذلك وكيف تقابل النساء بالنصح ولا ترى نفسها أنها بحاجة إلى النصح قبل غيرها ..

وحتى نجد جواباً لهذه التساؤلات أقول:

أن "حمل الدعوة " بحد ذاتها ليست المسؤولة عن ما تقع فيه " بعض " حاملات الدعوة من أخطاء أسرية قد تصل فيه إلى حد صعب وشائك .... وقد يُهدم بيت أسري صالح من جراء هذه الأخطاء والتي لا تكن في حسبان البعض ....

ولكن المسؤولية هي مسؤولية حاملة الدعوة ذاتها فكم من حاملة دعوة ناجحة لم يقف طريق حمل الدعوة أمام مسيرة حياتها وعلى النقيض من ذلك بعضهن واللاتي قد يؤثر عملهن في حمل الدعوة ايجابياً وبشكل واضح على حياتهن الأسرية ولو بعد حين ...

فإن أسباب فشل بعض الداعيات أسرياً يعود الى النقاط التالية :

أولاً : الفهم الخاطئ للدعوة إلى الله :

فبعض حملة الدعوة رجالاً ونساءً يظنون بأن الدعوة إلى الله يجب أن تأخذ كل وقته وكل جهده وكأن لا حق لنفسه عليه فحاملة الدعوة تخرج من بيتها صباحاً للدعوة إلى الله بمحاضرة أو بدرس او باي تكليف كان وربما تكون أماً لأطفال فتضطر أن تترك رعايتهم لشخص آخر فتعود إلى بيتها ظهراً وقد استهلكت قواها وأصبحت متعبه نفسياً وجسدياً وغير قادرة على بذل أي مجهود آخر ... فتقصر هنا في حق أولادها ..


هذا بالنسبة للأبناء أما الأزواج فلهم أيضاً نصيب ....

فالأخت حاملة الدعوة وأقول " البعض " فإن حديثنا في هذا الموضوع عن " البعض " وليس الكل .... تخرج من بيتها وتعود إليه في اقصى حالات التعب بينما الوضع الصحيح الطبيعي هو أن الزوج عندما يعود للبيت متعباً منهكاً يجد من يستقبله ببشاشة وصورة حسنة ولا يمكن أن نرجو ذلك في إمرأة تعود لمنزلها والتعب يعلو جبينها وفاقد الشيء لا يعطيه كما يقال فكيف تسعى لراحة زوجها وهي من يفتقد هذه الراحة في ظل خروجها من منزلها ..!


ثانياً : عدم تنظيم الوقت :
ومشكلة الوقت هذه تحتاج إلى تنظيم وعمل وتطبيق .... لأن عدم تنظيم الوقت وتقسيمه قد يحدث فوضى عارمة لا في المنزل فقط بل في كل مجالات الحياة ..
فالإنسان العامل سواء في مجال الدعوة أو أي مجال غيره بحاجة ماسة لتنظيم وقته وعدم خلط هذا بذاك فكل عمل يجب إعطائه حقه فلا يطغى شيء على شيء آخر ...

وهذا بالنسبة لحاملات الدعوة أيضاً فمن تخرج من منزلها للدعوة إلى الله تعالى يجب أن تضع جدولاً مقسماً وواضحاً تمشي عليه حتى لا تحدث الفوضى في حياتها الأسرية وحتى توفق بين عملها كحاملة دعوة وبين واجبها كزوجة وأم ....
فلا تكن الأعمال يومية بحيث تضطر للخروج من منزلها صباحاً أو مساءً بشكل يومي بل تختار أوقاتاً متفرقة تعطيها فرصة متابعة الأبناء بالشكل الصحيح وقضاء متطلبات الزوج.....
ولا يفوتنا هنا أن نذكربأن الزوج يستطيع مساعدة زوجته " حاملة الدعوة " قدر استطاعته فله ايضا الأجر والثواب من رب العالمين باذنه تعالى .. وهذل واجب عليه لأنها مكلفة بحمل الدعوة مثله ،،

وإن لم تستطع المرأة حاملة الدعوة التوفيق بين حمل الدعوة وبين بيتها يأتي مجال " الدعوة داخل المنزل" ...
وهذا النوع هو عبارة عن بديل لاسلوب حمل الدعوة .. فإن هناك نساء حباهن الله تعالى حب هذا الدين والدعوة إليه بحيث أنها لا تجد ذاتها إلا فيه وتعلقها بهذا الطريق يرغمها على المضي فيه رغبة منها ومشاركة لنيل الأجر من عنده سبحانه وتعالى فيأتي هذا البديل كي لا تضطر للخروج من منزلها مخلفة أبنائها فيه ومقصرة في حقوق زوجها فنعطيها هذه البدائل:

(1) دعوة الزوج :
وتذكيره بين الحين والآخر والدعاء له بالصلاح والثبات على دينه والإحسان إليه في المعشر والتأدب معه وحفظه غائباً وحاضراً ..,واقناعه فعلياً بأن حمل الدعوة لن يكون لها عائقاً في القيام بواجبها نحوه ونحو بيته وأولاده ،،

(2) دعوة الأبناء :
وحسن تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة وحثهم على التمسك بالدين شرعة ومنهاجاً في كل أمور حياتهم وعل الصلاة وحفظ القرآن منذ نعومة أظفارهم ليكونوا أصحاب شخصيات إسلامية سوية بالفكر والنفسية والاهتمام بكل متطلباتهم والسؤال عنهم وعن من يصاحبون.


(3) دعوة الجارات والأقارب والصديقات :
كتوزيع النشرات والمطبوعات بين النساء في التجمعات وإلقاء كلمة هي بمثابة البصمة لها في كل مجلس " بصمة خير تحفها الملائكة "... والمناقشة والحديث في أمور الدين والعقيدة وفرض العمل لإقامة دولة الإسلام في المجالس بدل الخوض في نقاشات تافهة وغير مفيدة ومضيعة للوقت ..

أخيراً فإن المرأة حاملة الدعوة هي القدوة في تربيتها وسلوكها فلا تجعل من بعض الأمور الصغيرة تؤثر على مسيرة حياتها الأسرية أو تعرقل من دورها في حمل الدعوة ولتبذل جهدها في التوفيق بين حمل الدعوة وبين واجبها في البيت والاسرة ،،،

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين