بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
المياه تنفد في صنعاء بينما يستمر القتال بين رجال القبائل وقوات الرئيس صالح
نشرت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية تقريرا حول الأحداث الأخيرة في العاصمة اليمنية وتأثيرها على السكان، خصوصاً لجهة حرمانهم من امدادات الماء والكهرباء ومعاناة نسبة مرتفعة جداً من المواطنين من الفقر الشديد. وهنا نص التقرير الذي كتبته إيونا كريغ من صنعاء: "تضاعفت أسعار المياه ثلاث مرات في العاصمة اليمنية التي بدأت تظهر فيها آثار المعارك، وتناقصت المواد الأساسية بينما شق الآلاف من رجال القبائل طريقهم بالمعارك إلى صنعاء للانضمام إلى الثورة ضد الرئيس صالح.
واشتبك الثوار مع الحرس الجمهوري التابع للرئيس في الضواحي الشمالية للمدينة قرب المطار، بينما واجه رفاقهم من رجال القبائل للمرة الأولى القوات الخاصة التي تلقت تدريبا غربيا.
واتهمت المعارضة التي تحاول إنهاء حكم صالح الذي استمر 32 عاما، الحكومة بقطع المياه عن الأحياء غير الموالية للرئيس ومدينة تعز المرتفعة، على بعد 130 ميلا جنوب العاصمة، حيث قتل 50 متظاهرا على الأقل في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ووسط الأبراج السكنية العتيقة في البلدة القديمة في صنعاء، هرع الرجال والنساء والأطفال إلى صهريج للمياه حين وصل خارج أحد المساجد أمس. وتصاعد التوتر بينما تزاحم السكان لملء العلب والحاويات البلاستيكية بالمياه.
وقد ارتفعت تكلفة نقل صهريج المياه من 1300 ريال يمني عادة (3.5 جنيه استرليني)، إلى 7000 ريال في ظل الصراع المتصاعد. ويعيش نحو 40 بالمئة من سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون شخص على أقل من جنيه ونصف جنيه استرليني في اليوم، وسيؤدي ارتفاع الأسعار حتما إلى إضافة عنصر جديد لدائرة العنف. وصرخ احد السكان بينما كان ينتظر لملء حاوية من صهريج المياه: "إنهم ينفقون أموالهم على الرصاص، لكنني لا أملك ما يكفي لشراء الماء لعائلتي".
ومثل الكثير من المدن والبلدات في اليمن، يعتمد معظم سكان العاصمة على جلب المياه إليها. وبسبب نقص الوقود وزيادة الخطورة على الطرق، أصبح نظام النقل على حافة الانهيار.
الاشتباكات اليومية بين مقاتلي قبيلة حاشد بقيادة صادق الأحمر ضد قوات الحكومة دفعت الآلاف للنزوح من المدينة. ولأكثر من أسبوع، كانت القذائف تضرب المناطق المركزية.
قال صادق اللهبي، وهو أحد السكان، إن الوضع أصبح لا يحتمل، وأضاف: "شعرت بأن القذائف المدفعية كانت تطير بجوار رأسي. وكانت زوجتي وابنتي تصرخان. ليس هناك كهرباء ولا مياه، والضربات العنيفة تهز المنزل، هل هذه حياة؟".
واستمرت الانفجارات واصوات الأسلحة الرشاشة في ضرب الأحياء الشمالية. وكانت المعارك أكثر ضراوة قرب المطار، ما أجبر حركة الطيران على التوقف.
وأصبح ضجيج الحرب جزءا من خلفية الحياة اليومية في العاصمة في الأيام العشرة الماضية، وقتل 150 شخصا على الاقل. وبينما استعرت المعارك في الشمال، كانت صفوف المركبات في شوارع العاصمة تمتد أكثر من ميلين. وانتظر السائقون خلال الليل عند بضع محطات ما يزال الوقود فيها متوفرا لكنه محدد بثلاثين لترا لكل مركبة.
وقد اغلقت دكاكين كثيرة ابوابها. وبسبب وجود نقص في غاز الطبخ، وازمة قود وكون بعض مناطق العاصمة لا تحصل على التيار الكهربائي لاكثر من اربع ساعات يومياً، فان صبر الناس ينفد. وكان الساسة والدبلوماسيون الغربيون يأملون بان تحسم صفقة لتسليم السلطة بوساطة خليجية أزمة اليمن التي اثارتها الاحتجاجات ضد حكم الرئيس صالح القمعي وتعيد الاستقرار.
وتوجه مبعوث اميركي هو جون برينان امس الى اليمن لاجراء مزيد من المحادثات بشأن نقل سلمي للسلطة، مع ان الرئيس صالح لا يظهر أي دليل على انه مستعد للتخلي عن منصبه.
وتدور المعارك في اليمن على جبهات عدة، ولكن الصراعات على الارض والمياه تسببت في ازهاق ارواح اعداد من الناس اكثر من عدد من قضوا في القتال ضد التمرد الانفصالي في الجنوب، والتمرد المسلح في الشمال، وشبكة "القاعدة" مجتمعة. وتظهر الارقام الحكومية ان اكثر من 4000 شخص يقتلون سنوياً في صراعات على الاراضي والمياه.
وبدأت الحركة لاقصاء الرئيس صالح عن الحكم والتخلص من نظامه الفاسد بداية سلمية مستوحاة من الثورتين في مصر وتونس. اما الآن فقد طمستها الحرب القبلية.
ويشكل الانهيار الاقتصادي المقترب والكفاح اليومي من اجل البقاء تهديداً لليمنيين اكبر من خطر اندلاع حرب اهلية شاملة.
المصدر: القدس