موضوع: الاعتدال في الدعوة الجمعة يونيو 10, 2011 7:04 pm
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الاعتدال في الدعوة
يتناول الدرس أهمية الدعوة إلى الله وأن الدعوة إلى الله صارت الآن وما زالت بين طرفين ووسط ثم ذكر التفريط وصوره في مجال الدعوة، وذكر الإفراط ونماذج تدل عليه، ثم ذكر الوسط والاعتدال وأهم ضوابطه ومظاهره . بسم الله ، ونصلي على رسول الله ، أما بعد : فإن موضوع الدعوة موضوع مهم ، فقد قال تعالى : [ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[33]] سورة فصلت ، أي : لا أحد أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً ، وقال إنني من المسلمين , والدعوة إلى الله تعالى هي الدعوة إلى شريعة الله الموصلة إلى كرامته ، وهي أحد أركان الأعمال الصالحة التي لا يتم الربح إلا بها كما قـال الله تعالى: [ وَالْعَصْرِ[1]إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ[2]إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَـاتِ وَتَوَاصَـوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[3] ] سورة العصر , فإن التواصي بالحقّ يلزم منه الدعوة إلى الحق ، والتواصي بالصبر يلزم منه الدعوة إلى الصبر على دين الله تعالى في أصوله وفروعه .
إن الدعوة إلى الله صارت الآن وما زالت بين طرفين ووسط ، أما الطرفان فهما قسمان :
1- الإفراط : وهذا القسم إما أن يكون :
أ-إفراط في الدين : بحيث يكون الداعية شديداً في دين الله , ولا يتسامح عن شيء الدين يتسامح به، بل إنه إذا رأى من الناس تقصيراً حتى في الأمور المستحبة ذهب يدعوهم دعاء الغليظ الجافي ، وكأنهم تركوا شيئاً من الواجبات، ومن الأمثلة على ذلك :
المثال الأول : رجل رأى جماعة من الناس لا يجلسون عند القيام إلى الركعة الثانية ، أو عند القيام إلى الركعة الرابعة جلسة الاستراحة ، فهو يرى أنها سنة ، ومع ذلك إذا رأى من لا يفعلـها اشتدّ عليه ، ويتكلم معه كأنه يقول بوجوبها ، مع أن بعض أهل العلم حكى الإجماع على أن هذه الجلسة ليست بواجبة .
المثال الثاني: بعض الناس يرى شخصاً إذا قام بعد الركوع وضع يده اليمنى على اليسرى ، فيقول له : أنت مبتدع لا بد أن تسدل يديك ، مع أن المسألة مسألة اجتهادية ، وقد يكون الدليل مع من قال : إن اليدين توضعان بعد الركوع على الصدر ؛ لأن هذا هو مقتضى الحديث الذي رواه سهل بن سعد رضي الله عنه قال : [كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ] رواه البخاري وأحمد ومالك.
المثال الثالث : كذلك بعض الناس ينكـر على من يصلّي إذا تـحرك أدنى حركـة ، وإن كانت هذه الحركة مباحة ، وقد ورد في السنة ما هو مثلها أو أكثر ، فقد كان أبو جحيفـة رضي الله عنه ذات يوم يصلي وقد أمسك زمام فرسه بيده ، فتقدمت الفرس ، فذهب رضي الله عنه وهو يصـلي يسايرها شيئاً فشيئاً ؛ حتى انتهى من صلاته ، فرآه رجل فجعل يقول : انظروا إلى هذا الرجل , فلما سلم أبو جحيفة بيّن لهذا الرجل أن مثل هذا العمل جائز، وأنه لو ترك فرسه لذهبت ولم يحصل عليها إلى الليل.
كذلك جاء عن أَبَي قَتَادَةَ أنه قال : [ بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيـعِ وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ صَبِيَّةٌ يَحْمِلُهَا فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّـى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ عَلَى عَاتِقِهِ يَضَعُهَا إِذَا رَكَعَ وَيُعِيدُهَا إِذَا قَامَ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهَا] رواه البخـاري ومسلم وأبوداود وأحمد ومالك , وهذا فيه حركة و ملاطفة للطفلة، وفيه أنه يؤمّ الناس فقد يلتفت بعضهم لينظر ماذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم مع هذه الطفلة , ومع ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم - وهو أتقى الناس لله تعـالى وأعلمهم بما يتقي - كان يفعل ذلك .
المثال الخامس : وهناك من يكون شديداً على أهله ، بحيث لا يتسـع صدره لما يكونون عليه من الأمور المباحة ، فتجده يريد منهم الالتزام بشريعة الله ، وهذا غير صحيح ، فالواجب عليه إذا رآهم على منكر أن ينهاهم عنه، أما إذا رآهم قد قصروا في أمر يسعهم التقصير فيه كترك بعض المستحبات فإنه لا ينبغي له أن يشتد معهم ، وكذلك في بعض الأمور الخلافية يجب عليه إذا كانوا مستندين إلى رأي أحد من أهل العلم أن لا يضيق بهم ذرعاً ، وأن لا يشتد عليهم .
وهذا كله يدل على أنه لا يجوز لنا أن نغلو في دين الله ، سواء أكان في دعاء غيرنا إلى دين الله ، أم في أعمالنا الخاصة بنا ، بل نكون وسطاً مستقيماً كما أمرنا الله تعالى بذلك ، وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فالله تعالى يقول: } وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[153] { سورة الأنعام , والنبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : [لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ] أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمد ومالك والدارمي كلهم من حديث ابن عباس ، وأخذ حصيات وهو في أثناء مسيره من مزدلفة إلى منى بكفه , وجعل يقول : [بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ ] رواه النسائي عن ابن عباس .
ب-إفراط ضد الدين : ومن التطرف ما يكون من بعض الآباء والأمهات في زمننا هذا , حيث صاروا يضايقون الشباب الطيبين من بنيهم وبناتهم ، وفي أعمالهم حتى إنهم لينهونهم عن المعروف ، مع أنه لا ضرر على الآباء في فعله ،ولا ضرر على الأبناء أو البنات في فعل هذا المعروف ، كمن يقول لأولاده: لا تكثروا النوافل لا تصوموا البيض ، أو الاثنين، أو الخميس , وأنا أخشى على هؤلاء القوم أن يكون هذا النهي منهم لأولادهم كراهة للحق والشريعـة ، وهذا على خطر ، فالذي يكره الحق أو الشريعة ربما يؤدي به ذلك إلى الـردة ؛ لأن الله تعـالى يقول : } ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَـرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ[9] {سورة محمد , ولا تحبط الأعمال إلا بردة عن الإسلام كما قال الله تعالى : } وَمَـنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَـابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[217] { سورة البقرة .
2- التفريط : فهو من يتهاون في الدعوة إلى الله تعالى , فتجده يرى الفرص مواتية للدعوة إلى الله ، ولكن يضيع ذلك ، وذلك لأعذار يعتذر بها مثل :
1- أن يملي عليه الشيطان أن هذا ليس وقتاً للدعوة.
2- أن هؤلاء المدعوين لن يقبلوا منه .
3-اليأس من صلاح صاحب المعصية : فبعض الناس إذا رأى مخالفاً له بمعصيـة بترك أمر أو فعل محظور كرهه ، واشمأز منه ، وابتعد عنه ، مع أن الله سبحانه بيّن لنا أن نصبر ، قال الله تعالى لنبيه : } فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَـارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ[35] { سورة الأحقاف ,4-الخوف من الضرر البدني : مع أن الإنسان يجب عليه أن يصبر ، وإذا رأى على نفسه شيئاً من الغضاضة، فليجعل ذلك في ذات الله تعـالى ، فهذا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَعْضِ الْمَشَاهِدِ وَقَدْ دَمِيَتْ إِصْبَعُهُ فَقَالَ : [ هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ هل أنت إلا إصبع دميت ، وفي سبيل الله ما لقيت]رواه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد عن جندب بن سفيان.
5-الخوف من تفرق الأمة : فنسمع أن بعض الناس يقول : يجب أن تجعل الأمة الإسلاميـة طائفة واحدة غير متميزة ، لا يفرق بين مبتدع وصاحب سنة ، وهذا لا شك خطأ وخطر ؛ لأن الحق يجب أن يميز عن الباطل ، ويجب أن يميز أصحاب الحق عن أصحاب الباطل حتى يتبيّن، أما لو اندمج الناس جميعاً، وقالوا :نعيش كلنا في ظل الإسلام، وبعضهم على بدعة قد تخرجه من الإسلام، فهذا لا يرضى به أحد ناصح لله، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين، وعامتهم.
6-الخوف من الضرر المعنوي : يوجد أناس يستطيعون الدعوة إلى الله ، ويشاهدون الناس يخلّون في أشياء ، ولكن يمنعهم خوف مسبة الناس لهم .
ضوابط الاعتدال في الدعوة
1- فالذي ينبغي للإنسان سواء أكان داعية لغيره إلى الله ، أم متعبداً لله أن يكون بين الغلو والتقصير، مستقيماً على دين الله تعالى كما أمر الله صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: } شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُـوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُـوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُـوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَـاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ [13] { سورة الشورى , وإقامة الدين: الإتيان به مستقيماً على ما شرعه الله تعالى
2- إذا دار الأمر بين الشدة واليسر فإنه يسلك طريق التيسير ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسـلم قال: [إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ ] رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وأحمد عن أبي هريرة ,ولما بعث معاذاً و أبا موسـى الأشعري إلى اليمن قـال: [ يسرا ولا تعسرا ، وبشرا ولا تنفرا ]، ولما مرّ يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال السّام عليك يا محمد – يريد المـوت عليك ؛ لأن السام بمعنى الموت - وكان عند النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضـي الله عنها فقالت : [[عليك السّام واللعنة ]] فقتال لها النبي عليه الصلاة والسـلام : [ إن الله رفيق يحب الرفق ، وإن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف ]، فإذا أخذنا بهذا الحديث في الجملة الأخـيرة منه: [ إن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف] عرفنا أنه إذا دار الأمـر بين أن استعمل الشدة ، أو استعمل السهولة كان الأولى أن أستعمل السهولة ثقة بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: [ إن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف ].
3-الحذر من الفرقة : وقد نهى عن ذلك سبحانه وتعالى؛ لأن التفرق خطره عظيم على الأمة أفراداً وجماعات , كما قال الله تعالى: } وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ …[46] {سورة الأنعام، فإذا تنازعوا فشلوا وخسروا وذهبت ريحهم، ولم يكن لهم وزن ، وأعداء الإسلام ممن ينتسبون للإسلام ظاهراً ، أو ممن هم أعداء للإسلام ظاهراً وباطناً يفرحون بهذا التفرق ، وهم الذين يشعلون ناره ، فالواجب أن نقف ضد كيد هؤلاء المعادين لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولدينه،ويدل على ذلك قوله تعالى : }وَلَا تَكُـونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُـمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[105] {سورة آل عمران ، وقوله: }إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ….[159] {سورة الأنعام ، وقوله : }شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ …[13] { سورة الشورى .
والصحابة -رضوان الله عليهم - حصل بينهم اختلاف حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم يحصل منهم التفرق ولا العداوة ، ومن ذلك أن النبي عليه الصـلاة والسـلام قال لأصحابه يَوْمَ الْأَحْزَاب: [ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمْ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ نُصَلِّي لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ] أخرجه الشيخان عن ابن عمر، فعندما حان وقت صلاة العصر اختلف الصحابة ، فمنهم من قال : لا نصلي إلا في بني قريظة ولو غابت الشمس ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : [لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ] فنقول سمعنا وأطعنا .
ومنهم من قال : إن النبي - عليه الصلاة والسلام - أراد بذلك المبادرة والإسراع إلى الخروج، وإذا حان الوقت صلينا الصلاة لوقتها، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعنف أحـداً منهم ، ولم يتفرقوا من أجل اختلاف الرأي في فهم حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وهكذا يجب علينا أن لا نتفرق، وأن نكون أمة واحدة .
الموقف من أصحاب البدع إن البدع تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول: بدع مكفرة .
القسم الثاني: بدع دون ذلك .
والواجب علينا في القسمين أن نتبع مرحلتين :
المرحلة الأولى : أن ندعوهما إلى الحق ببيانه بأدلته ، دون أن نهاجم ما هم عليه إلاّ بعد أن نعلم منهم الاستكبار عن قبول الحق .
المرحلة الثانية : إذا بين الحق فلم يستجب له وكانت البدعة مكفرة وجب هجر صاحبها ،وإذا كانت دون ذلك فإننا ننظر إلى الأمر، فإن كان في هجرهم مصلحة فعلناه،وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنبناه، وذلك أن الأصل في المؤمن تحريم هجره لقـول النبي صلى الله عليه وسلم : [لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ] رواه البخاري ومسلم والترمذي وأحمد
أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من الهداة المهتدين، والصلحاء المصلحين إنه جواد كريم ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين.