موضوع: سيناريو انهيار الإمبراطورية الأمريكية الثلاثاء يناير 10, 2012 10:49 am
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
سيناريو انهيار الإمبراطورية الأمريكية
ثمة من يقول إن هناك عدة مسامير جري دقها فعلا في نعش ماصار يسمي الإمبراطورية الأمريكية, وهذه المسامير هي: حرب فيتنام التي تورطت فيها الولايات المتحدة خلال الفترة مابين عامي ستة وخمسين وخمسة وسبعين من القرن المنصرم.
ثم حرب افغانستان والعراق ثم أخيرا الأزمة المالية العالمية التي اندلعت شرارتها الكبري في خريف عام الفين وثمانية.
ويقول الفريد ماكوي أستاذ التاريخ في جامعة وسكنسون الأمريكية ومؤلف كتب عديدة منها الامبراطورية الشرطية الأمريكية وقضية التعذيب: من الحرب الباردة إلي الحرب علي الإرهاب إن انهيار الولايات المتحدة كقوة عظمي عالمية لم يسبق لها مثيل في التاريخ قد يكون أسرع مما قد يتخيله كثيرون. ويستطرد البروفيسور ماكوي في كلامه بقوله إنه إذا كانت الولايات المتحدة تمني نفسها بأنها ستظل القطب السياسي والاقتصادي الأكبر في العالم حتي عام ألفين وأربعين أو ألفين وخمسين لتستكمل مايوصف بالقرن الأمريكي فان هذا علي مايبدو لايشكل سوي حلم كاذب لاتدعمه معطيات الواقع الراهن بكل تفاصيله الجديدة المعقدة سواء علي مستوي الواقع المحلي في أمريكا, نفسها أو علي المستوي العالم بأسره.
وأضاف ماكوي: الإمبراطورية الأمريكية ستشهد افولها الفعلي بحلول عام2025 اي بعد نحو ثلاثة عشر عاما من الآن أو بحلول عام ألفين وثلاثين علي اقصي تقدير. وثمة رؤية يتبناها ماكوي في تفسير تاريخ الإبراطوريات عموما وليس في تفسير قصة صعود وهبوط الإمبراطورية الأمريكية علي وجه التحديد.وتتمثل هذه الرؤية في أن الأمبراطوريات عموما عبر التاريخ هي اشبه بكائنات حية هشة, وذلك علي الرغم من أن هذه الإمبراطوريات بدت تاريخيا وكأنها قوي سياسية واقتصادية لا حدود لسطوتها. بيئة الامبراطوريات ويعني هذا الأمر أن التاريخ يقول لنا إن البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيش عليها أغلب الأمبراطوريات عادة ماتكون ذات طبيعة حساسة ومرهفة ودقيقة بل وهشه لدرجة أنه بمجرد حدوث اي شيء يمكن أن يعكر صفو هذه البيئة, فانه سرعان ماينفرط عقد الامبراطورية التي تعيش وتتعايش عليها وبأسرع مما قد نتخيله. وإذا ماطبقنا هذه القاعدة علي الامبراطوريات السابقة التي كان بعضها لاتغيب عنه الشمس سنجدها صحيحة إلي حد كبير.. فانهيار الامبراطورية البرتغالية لم يستغرق سوي عام واحد وانهيار الاتحاد السوفيتي لم يستغرق سوي عامين وانهيار الأمبراطورية الفرنسية استغرق ثمانية أعوام فقط وانهيار الامبراطورية العثمانية لم يستغرق إلا احد عشر عاما. أما انهيار الامبراطورية البريطانية فلم يستغرق سوي سبعة عشر عاما. وبالنسبة للولايات المتحدة. فان انهيارها ـ حسب هذه النظرية ـ سيستغرق علي الأرجح اثنين وعشرين عاما وهي فترة محسوبة من ثاني أكبر مسمار في نعشها ألا وهو حرب العراق في عام ألفين وثلاثة. بداية النهاية ويعني هذا الأمر أن اندفاع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لغزو العراق يشكل بداية العطب السريع للبيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية الهشة التي تعيش وتعتاش عليها الأمبراطورية الأمريكية. وإذا كانت نهاية العديد من الامبراطوريات عبر التاريخ كانت مخضبة بالدماء واحتراق الأخضر واليابس في العديد من بقاع الدنيا إلا أن افول الامبراطورية الأمريكية التي صعد نجمها خلال النصف الثاني من القرن العشرين سيكون وفق سيناريو أقل دموية مما حدث إبان عصر الامبراطوريات البائدة. لكن في المقابل فان الشعب الأمريكي سيشعر كل يوم بل وفي كل ساعة بعد انهيار إمبراطورية العم سام بآلام السقوط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبلادهم بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ هذا الشعب. هزات الإمبراطوريات فقد شهدت شعوب الإمبراطوريات الأوروبية البائدة سلسلة من الهزات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بعيد افولها مباشرة وبرهن التاريخ علي أنه عندما تبرد اقتصاديات الإمبراطوريات ـ اي عندما يصيبها الكساد ـ فانه سرعان ما ترتفع درجة حرارتها السياسية إلي درجة الغليان أو بالقرب منها وهو ماقد يعني اندلاع اضطرابات اجتماعية محلية ربما تكون خطيرة. ولكن ماهي المعطيات العامة أو الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية التي قد ترجح صحة الرأي القائل باقتراب موعد أفول الإمبراطورية الأمريكية, تلك الامبراطورية التي خرجت للعالم بكل جبروتها السياسي والعسكري والاقتصادي مع بداية الحرب العالمية الثانية. شاهد من أهلها في عام ألفين وثمانية اعترف مجلس الاستخبارات القومي التابع للحكومة الأمريكية للمرة الأولي علي أن السلطة العالمية للولايات المتحدة تتدهور بمرور الزمن اي انها تسير في اتجاه نزولي. وعزا هذا المجلس ذلك الأمر إلي عوامل في مقدمتها التحول الهائل للثروة والأصول المالية من الغرب إلي الشرق( لاحظ انه بعد الأزمة المالية العالمية لم تعد الولايات المتحدة قاطرة الاقتصاد العالمي, وانما صارت دول مثل الصين والهند والبرازيل القاطرة الجديدة للاقتصاد الدولي, كما لم تعد مجموعة الدول الصناعية السبع الكبري هي مجلس ادارة العالم, وانما صارت مجموعة دول العشرين هي التي تتولي الآن إدارة دفة الشئون الاقتصادية للمشهد العالمي) حتي صندوق النقد الدولي المتهم بأنه ألعوبة في يد الولايات المتحدة توقع أن يتخطي الاقتصاد الصيني نظيره الأمريكي بحلول عام ألفين وستة عشر. بل إن هناك من الخبراء من رجح ان الإقتصاد الصيني فاق حجمه فعلا حجم نظيره الأمريكي في عام ألفين وعشرة. أمريكا والهند أكثر من ذلك فان الاقتصاد الأمريكي لن يتخلف فقط عن الاقتصاد الصيني, بل سيتخلف كذلك عن الاقتصاد الهندي بحلول عام ألفين وخمسين. أما في مجال الابتكارات والعلوم التطبيقية والتكنولوجيات العسكرية فان الصين ـ والكلام هنا للبروفيسير ماكوي ـ تمضي قدما كي تكون لها زعامة العالم في هذه المجالات خلال الفترة ما بين ألفين وعشرين وألفين وثلاثين. يقول ماكوي في هذا الصدد: إن هذه الفترة علي وجه التحديد ستشهد وصول العلماء والمهندسين العباقرة في الولايات المتحدة إلي سن التقاعد بدون أن يكون هناك طابور جديد من العلماء العباقرة القادر علي أن يحل محل هؤلاء المتقاعدين بسبب سوء العملية التعليمية في بلاد العم سام. السوبر كمبيوتر كما كشفت الصين اخيرا عن نجاحها في إنتاج أول'' سوبر كمبيوتر'' صيني يستخدم معالجات صينية التصميم والصنع وهي المعالجات التي تحمل اسم شينوي.1600 وقد اعتبر هذا الامر سابقة في تاريخ صناعة السوبر كمبيوتر, وذلك لأن أغلب هذه الأجهزة تستخدم معالجات شركات غربية كبري مثل'' إنتل''. كما اعتبر كثيرون هذا الأمر بمثابة بداية'' عهد معلوماتي'' جديد للصين يكشف عن السرعة والقوة الهائلة الاقتصادية والتكنولوجية التي يسير بها العملاق الصيني الصاعد. اعتراف من الداخل الأمريكي بل إن القائمين علي الأمور السياسية والاستراتيجية الآن في البيت الأبيض يبدون وكأنهم يقرون ببدء العد التنازلي للإمبراطورية الأمريكية. فقد أعلن جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي أنه لا مفر من الإيمان بنبوءة المؤرخ الأمريكي الكبير بول كيندي صاحب كتاب صعود القوي العظمي وسقوطها وهي النبوءة التي تكهن فبها كيندي بأفول نجم الولايات المتحدة وبصعود النجوم الصينية واليابانية والأوروبية علي حساب النجم الأمريكي. أكبر دولة مدينة في العالم أصبحت الولايات المتحدة أكبر دولة مدينة في العالم بعد وصول قيمة ديونها العامة إلي أكثر من خمسة عشر تريليون دولار. وثمة من يقول أن تراكم الديون كثيرا ما كان عبر التاريخ بمثابة مقدمات كبري لانهيار الإمبراطوريات كما حدث مع الإمبراطوريتين العثمانية والبريطانية. الحلفاء يستعدون كما بدا من الواضح أن العديد من اقرب حلفاء الولايات المتحدة بدأوا يبتعدون عنها شيئا فشيئا ويتوددون للصين بدلا منها. فعلي سبيل المثال تعمدت تركيا واستراليا ـ وهما دولتان حليفتان بشكل وثيق للولايات المتحدة ـ تعمدتا إلي القيام بمناورات مشتركة مع الصين وبأسلحة أمريكية الصنع. ويقول الخبراء ان هناك ثلاثة تحديات اقتصادية استراتيجية تواجه الولايات المتحدة وتنذر بافول نجم الأمبراطورية الأمريكية. وهذه التحديات هي: تهاوي حصة الولايات المتحدة من التجارة العالمية, وتراجع القدرات الإبتكارية التكنولوجية الأمريكية ويتراجع الدور المهيمن للدولار الأمريكي علي المشهد الإقتصادي العالمي خاصة علي صعيد ثقة البنوك المركزية الكبري في العالم في قدرة العملة الخضراء علي لعب دور عملة الإحتياطي النقدي الإستراتيجي الأولي علي مستوي العالم. فبحلول عام ألفين وثمانية تراجعت الولايات المتحدة إلي المرتبة الثالثة علي صعيد قطاع التصدير العالمي اي اصبحت ثالث أكبر مصدر للسلع في العالم بعد الاتحاد الأوروبي والصين وهوت حصة أمريكا من الصادرات العالمية الي11 في المائة فقط, وذلك مقارنة مع12 في المائة للصين و16 في المائة للاتحاد الأوروبي ولا توجد أي بوادر اقتصادية أو سياسية تبشر بان هذا الاتجاه سوف يعكس نفسه ان عاجلا او آجلا. ونفس الكلام تقريبا يمكن ان ينسحب علي خطة العام ليشمل قضية الابتكارات التكنولوجية, فبحلول عام ألفين وثمانية تفوقت اليابان علي الولايات المتحدة في عدد طلبات براءات الاختراعات, ورغم ان الصين في المركز الثالث او الرابع في هذا المجال إلا انها تتقدم بسرعة البرق مع زيادة عدد طلبات براءات الاختراع لديها بنسبة هائلة تصل الي400 في المائة منذ عام ألفين. أكثر من ذلك فان المنتدي الاقتصادي العالمي اكد ان الولايات المتحدة صارت تحتل المرتبة رقم52 بين139 دولة في مجال جودة ونوعية دراسة الرياضيات والعلوم في الجامعات خلال عام ألفين وعشرة كما ان نحو نصف الطلاب الخريجين من الجامعات والمعاهد التعليمية الامريكية في مجالات العلوم هم الآن من الأجانب وان اغلبهم يفضل العودة الي بلاده. وباختصار فانه بحلول عام2025 ستواجه الولايات المتحدة نقصا حادا في العلماء العباقرة. أسطورة الدولار اما بالنسبة للدولار الذي تعتبره الولايات المتحدة اداة من أدوات هيمنتها السياسية والاقتصادية علي العالم, فان هناك مطالب عالمية متزايدة بان تحد البنوك المركزية في شتي ارجاء العالم من مشترياتها من الدولار ومن سندات الخزانة الامريكية وذلك بعد ان وصلت قيمة حيازات هذه البنوك من هذه السندات الي ماقيمته اربعة تريليونات دولار. وقد دفع هذا الامر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الي وقف هيمنة العملة الامريكية علي النظام النقدي العالمي. وسيؤدي هذا الامر الي عجز الولايات المتحدة عن سد العجز الهائل في موازناتها العامة وفي موازينها الاقتصادية( تبلغ قيمة العجز في الميزانية الاتحادية الأمريكية أكثر من تريليون وثلث التريليون دولار). هذا الأمر سيؤدي علي الأرجح الي زيادة قيمة الواردات الأمريكية وستعجز واشنطن عن تسويق سنداتها التي تبيعها الآن للعالم بسعر لا تستحقه وبفائدة بخسة. أما النتيجة التالية فسوف تتمثل في اضطرار الإمبراطورية الأمريكية الي الانكفاء علي ذاتها عسكريا وذلك عبر سحب قواتها من كل بقاع العالم بعد تقليص الميزانيات العسكرية. وسيأتي هذا كله فيما تواجه الولايات المتحدة تحديات سياسية وعسكرية واقتصادية متنامية من جانب الصين والهند وإيران وروسيا في البر والبحر والجو والفضاء. ومع تراجع القوة الاقتصادية للولايات المتحدة في عام2020, سيعاني الشعب الأمريكي من ارتفاعات هائلة في الأسعار وفي معدلات البطالة( وهي المعدلات التي تدور حاليا حول عشرة في المائة) وهو ما قد يسفر عن اضطرابات اجتماعية وعرقية قد تهدد النسيج الاجتماعي القومي الامريكي. وقد يؤدي هذا الامر الي صعود اليمين المتطرف الي سدة الحكم علي نحو قد يسفر عن تهديدات بحروب عسكرية واقتصادية. صدمة نفطية جديدة ومما سيزيد الطين بلة بالنسبة للاقتصاد الامريكي تلك التوقعات التي تتكهن بان يتعرض العالم الي صدمة نفطية قد تماثل في شراستها وقوتها تلك الصدمة التي تعرض لها العالم بعد حرب عام1973 عندما قفزت اسعار النفط الي ثلاثة او اربعة امثالها بعد الحظر النفطي الذي فرضه العرب علي تصدير النفط للقوي الغربية المساندة لإسرائيل. وبالنظر الي استمرار الاعتماد الامريكي علي النفط المستورد, فان الولايات المتحدة ستكون من اكثر المتأثرين بهذه الصدمة التي ستحدث جراء تحكم الصين في الطلب العالمي علي النفط بعد ان اصبحت اكبر مستهلك للطاقة علي وجه البسيطة.. ويقول مؤيدو هذه النظريات ان المغامرات العسكرية غير المحسوبة العواقب كانت من أهم نذر انهيار العديد من الامبراطوريات. المصدر: المرصد الاسلامى لمقاومة التنصير