بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين

العربية.نت
الأصول الإسلامية تتجاوز حاجز التريليون دولار في 2011

أصبح التمويل الإسلامي معلماً مهماً في الآونة الأخيرة. فرغم الاضطرابات في أوروبا وتزايد المخاوف بفعل التباطؤ العالمي، زادت الأصول المتوافقة مع أحكام الشريعة لتتجاوز حاجز الألف مليار دولار، لتسجل سنة أخرى من النمو برقم من خانتين، وفق دراسة أعدتها مجلة ذي بانكر ومجموعة ماريس استراتيجيز للأبحاث والاستشارات.

وبحسب تقرير نشرته "القبس" الكويتية اليوم فقد ذكرت ان ذلك يعتبر انجازاً كبيراً نظراً للاضطرابات التي تسود ليس أوروبا فحسب، بل منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا التي تعد المنطقة الرئيسية للتمويل الإسلامي، الى جانب جنوب شرق آسيا، لاسيما ماليزيا التي لم تتأثر بالاضطرابات سواء في الغرب أو في الوطن.

يقول نيكولاس ايدموندس، الرئيس المشترك للتمويل الاسلامي في شركة تاورز آند هاملينز للمحاماة "التمويل الاسلامي يتقدم بقوة في شرق آسيا، ذلك أن الاقتصادات هناك تبلي بلاءً حسناً. وهو يبلي بلاءً حسناً في الشرق الأوسط أيضاً. اذ أصبح راسخاً هناك وجزءاً لا يتجزأ من المنطقة".

وقد شهدت تونس ومصر وليبيا تغييراً في الأنظمة الحاكمة، كما شهدت البحرين، وهي مركز رئيسي للتمويل الإسلامي، اضطرابات واحتجاجات. ويرى استراتيجيون أن المخاوف بشأن استقرار البحرين تسبب بعزوف الأعمال عن المملكة، رغم أن المصارف الغربية لاتزال حتى الآن تتخذ منها مقراً لها ولايزال هناك إقبال على منتجات التمويل الاسلامي فيها.
الأزمة العالمية

الأزمة المالية العالمية ألقت بظلال كبيرة على الشرق الأوسط، لاسيما الامارات والكويت، حيث تضررت المجموعات ذات المديونية العالية، مثل الشركات والبنوك الاستثمارية الاسلامية. كما تسبب القطاع العقاري الضعيف بخسائر وأضرار لها، اما لوجود العقارات والقروض في دفاتر البنوك الاسلامية وغيرها من المؤسسات أو نتيجة استخدام العقارات كضمانات.

لكن العكس هو الصحيح في ماليزيا. فالنمو الكبير الذي شهده هذا العام في اصدارات الصكوك بالعملة المحلية يشدد على أهمية ذلك البلد في هذا القطاع. ويؤكد صحة وسلامة سوق الصكوك ذلك الاهتمام المتزايد في التمويل الاسلامي، مع انتشار الطلب على المنتجات المتوافقة مع الشريعة الاسلامية في أنحاء منطقة آسيا الباسيفيك.

ويعود تاريخ الاستخدام الحديث للتمويل الاسلامي الى ستينات القرن الماضي، عندما شعر بعض المستثمرين الأثرياء بالحاجة الى طريقة لحماية وتعزيز ثرواتهم من دون انتهاك قواعد الشريعة الاسلامية. ولم تصدر أول صكوك حديثة الا في عام 2002 ما يعكس الوتيرة السريعة والواسعة لنمو اصدارات السندات الاسلامية في فترة زمنية قصيرة.
نمو الأصول

وفي 2011، نمت أصول التمويل الاسلامي الى 1086 مليار دولار، وهي زيادة بنسبة %21.4 مقارنة بالعام الماضي، لتحافظ على معدل نمو سنوي برقم من خانتين منذ أن أطلقت مجلة ذي بانكر دراستها حول مؤسسات التمويل الاسلامي في 2007، عندما اندلعت أول أزمة ائتمان عالمية.

وأقل قليلاً من ثلاثة أرباع، أو %72 من المؤسسات أعلنت عن تحقيق نمو، في حين سجلت %25 فقط تراجعاً في النمو، وفق مجلة ذي بانكر. وبالمثل، سجلت الغالبية العظمى، أي %80 نمواً إيجابياً في الأرباح قبل دفع الضرائب.

وبالتأكيد، فإن تجميد المطالبات بديون دبي عام 2009 الذي أثار شبح التعثر عن السداد في أنحاء منطقة الشرق الأوسط وجعل الكثير من المؤسسات تعيد النظر في استخدامها للتمويل الإسلامي كبديل عن الأداة التقليدية لجمع الأموال، لم تعد له آثار ضارة بعد الآن. ذلك لأن البنوك والشركات في الشرق الأوسط وإفريقيا بصورة عامة ليست مثقلة بالدين كما هو حال نظيراتها في البلدان الغربية. فهي في كثير من الحالات زادت بدلاً من أن تخفض من معدلات رأس المال لديها قبل صدمة الائتمان التي اندلعت في 2007.
أسواق جديدة

وتتمثل العوامل الأخرى لمرونة القطاع، في الاهتمام المتزايد بالأسواق البديلة في كل من العالم الاسلامي وعالم البلدان غير المسلمة. فالصين تتطلع على نحو متزايد الى التمويل الاسلامي كوسيلة مختلفة للاستثمار. وبوجود ما يزيد على أكثر من 80 مليون مسلم مقيم فيها، قدمت الصين أول رخصة للخدمات المصرفية الاسلامية فيها، كما تتواتر أنباء عن عدد من البنوك التقليدية الكبيرة التي تنظر في كيفية توفير منتجات متوافقة مع الشريعة الاسلامية.

وفي سبتمبر الماضي أطلقت خزانة الجبهة الوطنية، وهي صندوق الثروة السيادية في ماليزيا أول سندات إسلامية بالعملة الصينية في العالم. وقد تمت تغطية السندات المقومة بالرينمينبي بكثافة من قبل مجموعة متنوعة من المستثمرين من سنغافورة وهونغ كونغ وأوروبا.

وفي إندونيسيا، ظهرت تطورات إيجابية شملت قراراً يحل مشاكل الضرائب وإصلاح عملية الموافقة على المنتجات المصرفية الاسلامية. كما أن أستراليا تبحث أيضاً في الإصلاحات القانونية لتشجيع إصدار الصكوك، في حين عملت سنغافورة على تعديل القوانين لخلق سوق لصناديق العقارات الاستثمارية الإسلامية.
تحديات تشريعية ومعيارية

هناك مجال بحاجة الى أن يشهد تطويراً في الصناعة المالية الإسلامية وهو توحيد المعايير في مجالات مثل المحاسبة والتنظيم. ويعتبر التقدم في المواءمة، من قبل الكثيرين، أمراً مهماً على صعيد تطوير السوق. ولن يكون أمراً سهلاً إيجاد مزيد من الشفافية والتوحيد في صناعة تعتمد على التنويع. فالعلماء، بحكم طبيعتهم، سيختلفون، وما قد يكون متوافقاً مع الشريعة الاسلامية في ماليزيا قد لا تتم الموافقة عليه في الشرق الأوسط.

ويرى العديد من الاستراتيجيين أن حدوث مزيد من النمو في سوق التمويل الاسلامي أمر حتمي، ذلك أن عدداً هائلاً من المسلمين لا يستخدمون البنوك التقليدية. وهم الزبائن المحتملون الذين، وفق قناعة المحللين الاستراتيجيين، سيقدمون للقطاع الدعم الكبير في المستقبل.

الإحصائيات الصادرة عن البحوث الاحصائية والاقتصادية والاجتماعية ومركز التدريب للبلدان الاسلامية (سيسريك) تظهر أنه بينما تمثل المنتجات الاسلامية حوالي %1 من النظام المالي العالمي، تشكل البلدان الاسلامية حوالي %7.6 من الناتج المحلي الاجمالي الاسمي في العالم. كما أن النمو بين البلدان الاسلامية السبعة والخمسين أعلى بكثير من باقي دول العالم، بحسب سيسريك، مما يسلط الضوء على الامكانات الكبيرة لدى تلك الدول.

ومع تطور تلك الدول، يزداد عدد المواطنين فيها الذين سيستخدمون البنوك والمؤسسات المالية، وبالتالي عدد من سيحبذون أن تكون منتجاتها وخدماتها متوافقة مع الشريعة الاسلامية. ومع ذلك فان المنطقة الوحيدة التي أثبتت أنها مخيبة للآمال هي بريطانيا، المركز الرئيسي للتمويل الاسلامي في البلدان غير المسلمة. فمنذ أن قررت الحكومة البريطانية عدم اصدار صكوك سيادية، يسود احساس بفقدان السوق لزخمها.