بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين

إلى الجيش الحر: كي نضع بعض النقاط على الحروف / عبد الغني المصري

انطلقت الثورة سلمية. لم يستوعب النظام أن جماهيرا عزلاء قد طرحت أرضا كل جبروته، وغروره، وصدعت بنيانه بهتافات صادقة.
كان الثوار، يتوضؤون، ويصلون ركعتين قبل الخروج في أية مظاهرة، حيث إنهم كانوا يتوقعون الشهادة مع كل خروج.
كانت النفوس موحدة، اسقطت كل جدران الخوف، والذل، بوحدتها. لقد كان شعار “إيد وحدة، إيد وحدة”، يخرج صادقا من صميم القلب، ومن عميق الوجدان. لقد تآلفت الحناجر، والأكف، والاجساد، والمشاعر.
وعندما اشتد القتل في بدايات السلمية، غدا العديد من أبطال شعبنا، ومن رواد المظاهرات، عازمي الأمر على الدفاع عن أهلهم، وسليمة ثورتهم في وجه السلطة الغاشمة.
لقد تشكلت أولى الكتائب في كل المحافظات من أولئك الأبطال الذين وضعوا ارواحهم على أكفهم، شبانا باعوا كل شيء دفاعا عن الشرف، والأرض، والإنسان، شبانا عرضوا انفسهم واهلهم للقتل والتشريد، نخوة، ومروءة في سبيل الحفاظ على كرامة الدار وأهلها. كل ذلك حدث، قبل حصول انشقاقات في صفوف الجيش، نظرا لسطوة القبضة الأمنية في الجيش.
لا ينكر أحدا فدائية، وشجاعة، اولئك الثلة السباقة، المباركة، فهم السابقون.
لكن مالذي حصل بعد ذلك؟!!.
أنتم أيها الأبطال، ثوار ولستم شبيحة. أنتم كرام ولستم أنذالا، أنتم عمر، وابو بكر، وخالد، وهم بشار، ورامي مخلوف، وعلي مملوك، أنتم أحرار، كرام، وهم عبيد، مناكيد.
وبما أن الثورة قد قامت ضد الكذب، والوهم، والظلم، فلا بد للثورة من مراجعة للوقوف على أخطائها، وتصحيح المسار ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لا بد للثوار من مواجهة أنفسهم بالأخطاء، فكما قال رسولنا الكريم كل ابن خطاء، وخير الخطائين التوابون. والشجعان لا يهابون المواجهة في أي ساح، لذلك فهم يستمعون للنقد، ويدرسونه، بصدر رحب، لأن هدفهم إسقاط النظام، وانقاذ البلد.
ومن الأخطاء التي تراكمت وكبرت مع الزمن ما يأتي:
– حب الزعامة، وبريق المنصب: لقد انخدع بعض قادة الكتائب، بتحرير منطقة ما، هنا، أو هناك، لقد خدعهم الشيطان، وتهيأ لهم أنه بترؤسهم لمجموعة، قد أصبحوا قادة عظاما، وكأنهم لا يدرون أنهم ضعافا، وأن المعركة هي تحرير سوريا، وازالة النظام، وأن أية منطقة مهما كبرت، تبقى منطقة صغيرة، يمكن للنظام حصارها، وقصفها بكل أنواع الإجرام، أشهرا متواصلة، وإرهاق مقاتليها بذلك. فعلام الزعامة؟، وعلام الغرور؟، والمركب واحد، فإما نجاة للجميع، وإما غرق للمركب بأهله.

– توزيع المال، وتسييسه: إن من أشد أنواع الجريمة، وأكثرها فتكا، هو تسييس المال، أو جعله سببا للفرقة. لقد ميز كثير من المال، مجموعات عن أخرى، وأصبح من يوصل المال من الخارج، يوزعه إما لمن يظن أنه الأفضل، أو طمعا في تكوين مجموعات ترجع له. لقد أصابت هذه التصرفات وحدة الكتائب في مقتل، حيث أصبحت هناك كتائب قوية التسليح، واخرى ضعيفة، والقوية لم تعد تقبل العمل مع الضعيفة، بل إن الغرور قد أصاب بعض من يظنون انفسهم قادة بمجهود فردي أو موهبة فريدة!!!، وقد نسوا أن تضحيات أصدقائهم، واهلهم، والشهداء، وتلك المجهودات الجبارة هي من جعلت منهم قادة.
لقد بلغ الغرور، ومرض النفس، أن هناك كتائب أصبحت تمنع السلاح، والمال عن غيرها!!!. لقد وصل الأمر إدعاء الاشتراك في الهجوم على حواجز تقوم بها كتائب الأخرى.
لقد أدت فوضى المال إلى ذهاب جهد كبير، للتصوير، والاستعراض، واهمال كثير من التخطيط، لتسريع اسقاط النظام، والقضاء عليه.
فليتق الله كل من يوصل المال للداخل، فأحيانا يكون ضرره أكثر من نفعه، إن لم يتم ايصاله إلى المجلس الخاص بالمنطقة، والمسؤول عن توزيعه.

تلك أخطاء، حاصلة، ويعرف عنها النظام جيدا، بل إن له يدا في كثير منها، وهذا ليس نشر للغسيل، بل رسم، بوضوح لأخطاء، يجب مواجهتها، وعدم التعامي عنها، لأنها أخطاء تؤدي إلى أفول الثورة، وانفضاض الحاضنة الإجتماعية، وخسارة المعركة.
إن عدم معالجة تلك الإخطاء، هو جريمة بحق، الشهداء، والمعاقين، والمساجين، والمشردين، وأرزاق الناس.
إن كل هذه القوة، لم تكن لتتم لولا احتضان الناس، المدنيين للثورة.

أيها الأخوة الكرام، احسب أن كثيرا من اطمئنان بشار في مقابلته يعود إلى معلوماته عن الأرض، وعن خلافات الثوار، وعن مشاكلهم، لذلك هو يزيد القصف، والحصار، والضغط، لأسابيع، واشهر، ماضية، وقادمة، املا في ملل الناس من القصف، مشاكل الثوار، فهل تحققون له امنيته بعد كل هذا الذبح، والإجرام الذي تم؟!!!!!.
أخيرا، إن ما يحقق النصر، هو وحدة الصف، وتنطيف الصف، والمحاسبة على الأخطاء، وقد حققت الثورة النصر في محطات عديدة، بوحدة ثوارها، رغم كونها عزلاء.
ولن يحقق النصر سوى تكامل التخطيط، والتنسيق. ولابد من العمل بخطة، ونظام، واجهزة امنية، وشرطة عسكرية لمحاسبة المتمردين، والخارجين عن الخط. وإلا فإن استمرار القصف، مع الفرقة، وكثرة الضغط، مؤداها الخسارة، التي لن تحصل بأي حال، بإذن الله.

المصدر: سوريون نت