بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين

خليل الجبالي يكتب ـ حزب النور والعشق الممنوع

حزب النور والعشق الممنوع

يظن البعض أن ما يقوم به حزب النور من تخبط في الأراء وتشويه لصورة الإخوان المسلمين نتيجة جهلهم بالعمل السياسي، وقرب إنخراطهم في المجتمع، ولكن الحقيقة التي يعيها المحللون السياسيون أن ما يقوم به حزب النور هي محاولة تسلقه السريع ليكون له الريادة السياسية، وبديلاً للإخوان المسلمين علي الرغم من تواجده السياسي الذي لا يتعدى عامين!.

إن الناظر لأول وهلة بين علاقة حزب النور وجبهة الإنقاذ هذه الأيام يأتي إلي ذهنه المقولة السينمائية الشهيرة التي تقول) زواج عتريس من فؤادة باطل (.
فما الهدف الإستراتيجي الذي يجمع جبهة ليبرالية ، علمانية ، شيوعية، ناصرية [ كوكتيل من كل لون ] ذات أهداف محدودة لا ترقي إلي مصالح شخصية نتيجة تطبيقها أهدافاً أمريكية صهيوينة تدفع بهم أيدي خارجية لعرقلة المشروع الإسلامي المتنامي في منطقة الشرق الأوسط ، وبين الهدف الإستراتيجي لحزب النور الذي يتغير كثيراً في هذا التوقيت حتي أصبح كالماء ) لا لون ولا طعم ولا رئحة له(.

إنه العشق الممنوع الذي يتحالف فيه أصحاب الهوى مع أصحاب المصالح الشخصية ليملئوا قلوب الناس خوفاً من الإسلاميين المدركين لأبعاد قضيتهم.
إن إلتصاق حزب النور بجبهة الإنقاذ، وتقوية شوكتها، وتحقيق مطامعها في تشويه صورة الإخوان المسلمين وعرقلة الدكتور مرسي عن تحقيق أهدافه الداخلية في الإستقرار يجعلك تسخط عليهم ، وعلي الأيام التي خرج فيها هؤلاء من جحورهم ليركبوا موجة العمل السياسي، فقد أساءوا للإسلام والمسلمين .

إن اللهث وراء جبهة الإنقاذ من قبل حزب النور ستكشف الأيام القادمة حقيقته ولن نخوض في ظنون حتي يراها الناس حقيقة مرئية، ولكننا نلفت نظر المنصفين من التيارالإسلامي والحريصين علي مصلحة هذا البلد أن ما يقوم به حزب النور من التنقل بين الفضائيات الليبرالية والعلمانية والجلوس علي مائدة اللئام للنيل من الإخوان المسلمين ماهو إلا تشويه لصورة الإسلاميين عامة والسلفيين خاصة، حيث أن الإخوان يعلمون جيداً كيف يتعاملون مع المجتمع وكيف يصدون هذه الإفتراءات بالنزول للواقع والإلتحام مع الشعب يداً بيد، والسعي لخدمتهم وقضاء حوائجهم وسد إحتياجاتهم الأساسية.

) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ( سورة النساء.
إن كثيراً من العقلاء السلفيين لأدركوا حقيقة نادر بكار ويونس مخيون وياسر برهامي ومن علي شاكلتهم مما أدي إلي إنفصالهم عن حزب النور.

ومما لا جدال فيه فإن القائمين علي حزب النور الحالي يقومون بثلاثة أهداف محددة وواضحة للجميع:
ـ عرقلة المشروع الإسلامي الذي يسعي إلي تحقيقه الإسلاميون عامة والإخوان المسلمون خاصة.
ـ دعم الليبراليين والعلمانيين المتمثلين في جبهة الإنقاذ ورفضهم مساندة الحكم الإسلامي الحالي المتمثل في الدكتور محمد مرسي.
ـ نشر الشبهات والإفتراءات حول جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي.

يقوم حزب النور بعرض بعض القضايا وإستخدام بعض المصطلحات السياسية وتغليفها بالعباءة الدينية ليحاولوا تخويف الناس من جماعة الإخوان المسلمين حتي تتحقق أهدافهم المشتركة مع جبهة الإنقاذ، ومن هذه العبارات )أخونة الدولة ، التطبيع مع الشيعة مثل التطبيع مع إسرائيل، السياحة الإيرانية تعني نشر الفكر الشيعي في مصر، الإخوان ينفردون بالحكم ويقصون الأخرين، مخالفة الصكوك للشريعة الإسلامية، وغيرها (.

يقول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في بيانه عن موقفه من إيران : "التعاملات الدولية" تقتضي أن نتعامل معهم كدولة ولا نقبل بهم كمنهج وعقيدة ...... ليس هناك اختلاف بين موقفي الإخوان والسلفيين بين عقيدة الشيعة، ولكن هناك بعض الأخوة - هداهم الله - يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون ".

عندما تقرأ كلاماً عن الرئيس محمد مرسي وهو عالم جليل، وخبير سياسي محنك، وإسلامي واعي لأبعاد قضيته، وولي أمر مصر من قبل أقزام يقولون [ علي الرئيس أن يضبط لغة جسده وسقطات لسانه ] لا يسعك إلا أن تقول لهؤلاء الصمت خيرٌ لكم ولنا من سماع أصواتكم، فالتزموا بحديث الرسول أيها المتشدقون )ومَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلْيَقُلْ خيرًا أو لِيَصمُتْ) رواه أبو شريح العدوي الخزاعي الكعبي ـ صحيح البخاري.

في إنتخابات الرئاسة نفى حزب النور أنه قد تقابل أحد منهم مع أحمد شفيق ليدعموه علي حساب الإسلاميين ، فخرج شفيق بعدها وسرد حقيقة المكالمات التليفونية والمقابلات التي تمت بينه وبين رئيس حزب النور وياسر برهامي معه، واليوم يصرح نادر بكار ـ بعد نفيه السابق ـ فيقول: [نعم اجتمعنا بـ«شفيق» سراً أثناء الإنتخابات..و اشمعني الإخوان قعدوا مع عمر سليمان] يا خيبة الرجى، ولا تعليق.

إن هؤلاء الذين يتشدقون اليوم بمعسول الكلام، وتراهم يطعنون في الرئيس محمد مرسي ليهزوا مكانته، ويقللوا من أعماله، بل يخرجون عليه في تنفيذ خطته المرحلية ، هم الذين حرموا سابقاً الخروج علي الحاكم ) حسني مبارك (.

(الَذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وعِندَ الَذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)سورة غافر.
أيها المتخبطون من حزب النور : السياسية لها رجالها والدين له رجاله، والحرب علي المشروع الإسلامي شرسة قوية، وإن الثبات في ميدان الحرب ليحتاج إلي رجال أخلصوا نياتهم لله ، لا يبغون مأرباً ولا مغنماً ، يجاهدون في سبيله كأنهم بنيان مرصوص( يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4)سورة الصف.

فهل تعووا أين مكانتكم الحقيقة في قلوب الشعب، فتعملوا علي تحسينها قبل أن تعصف الريح بكم وبغيركم، ويُؤتى الإسلام من قبلكم ، فتكونوا شوكة في ظهور الإسلاميين بدلاً من أن تكونوا عوناً لهم.

خليل الجبالي