أخواني اقدم لكم الجزء الثاني من سلسلة عذاب القبر ونعيمه على بركة الله
الموت ليس شرا كله
ثم أنه سبحانه وتعالى في المقابل مدح المؤمنين الذين أمنوا به أكرمهم في الدنيا والآخرة وبين تعالى أن من فعل الصالحات ذكرا كان أو أنثى وهو مؤمن فسوف يجعله يحيا حياة طيبة بالقناعة والرزق الحلال , وسوف يجزيه في الآخرة بجزاء أحسن أعمالة , وقد قيل : لا تطيب الحياة لأحد ألا في الجنة , لأنها حياة خالدة بلا موت , وسعادة بلا شقاء .
( إذن فالموت ليس شرا وإذا كان الله أذل الجبابرة بالموت فيالة من مريح للخلق )
الرد على الدهريين
ولقد ذم الله تعالى الكفار الذين لم يؤمنوا بالبعث وقالوا : لا حياة إلا هذه الحياة الدنيا , يموت بعضنا , ويولد بعضنا إلى مالا نهاية , حيث لا بعث ولا نشور ولا قيامة ولا حشر . ولكن كان ردة سبحانه وتعالى عليهم بأن الآخرة هي دار الحياة الحقيقية التي لا موت فيها ولا تنغيص , وأن الحياة الدنيا هي التي تغر الناس بلهوها , ثم أنها سوف تنقضي بعد كل هذا وتزول وتفنى , فيرد الله على هؤلاء الدهريين
ويقول تعالى : ( وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين * ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنت تكفرون * وقد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على مافرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء مايزرون * وما الحياة الدنيا الا لعب ولهو وللدار الأخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ) الأنعام : 29 – 32
فهيهات لما يقول هؤلاء الكفار , فهذا هو الترتيب الالهى لحياة البشر . حياة دنيا ولهو ولعب ومتاع وشهوات وسهرات وملذات ,
ثم موت ونشور وحساب .
وليس كما يقول الدهرييون : أن هي إلا أرحام تدفع وقبور تبلع وما نحن بمبعوثين .
فسبحان من له ملك الدنيا والآخرة .
ثم أن الإنسان لا يدرى ولا يعلم ما يحدث له في الغد , كما لا يدرى أين ولا متى يموت ولا في أي مكان يقبر .
قال تعالى : ( أن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافي الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسبت غدا وما تدرى نفس بأي أرض تموت أن الله عليم خبير ) لقمان : 34
الموت نوعان
أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتوفى الأنفس ويقبضها من الأبدان عند فناء أجلها وهى الوفاة الكبرى , ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها , أي حين ينام الإنسان وهى الوفاة الصغرى
فالوفاة إذن تكون على وجهين :
أحدهما : وفاة كاملة حقيقية وتكون بمفارقة الروح الجسد وهو الموت .
والأخر : وفاة النوم , وذلك لأن النائم كالميت في كونه لا يبصر ولا يسمع , ولكن تفارقه الروح .
يقول تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى أن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) الزمر : 42
ولكم في القصاص حياة
ويجب أن نعلم أن الروح خلق الله وهى ملكه لا يتصرف فيها إلا هو , من هنا فقد حكم الله سبحانه وتعالى بأن من يقتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا , وأن من تسبب في بقاء حياتها واستنقذها من الهلكة والموت فكأنه أحيا جميع الناس .
قال تعالى : ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) ] المائدة : 32
هذا وان من قتل نفسا ظلما وعدوانا بغير أن تستحق هذه النفس القصاص لقيامها بقتل بشر أو أن تقوم بفساد يوجب إهدار دمها كالردة عن الإسلام والرجوع إلى الكفر والشرك , وقتل النفس بغير حق وزنى المحصن , وأيضا قطع الطريق بشروطه , فكأن من فعل هذه الجريمة الكبرى , وهى قتل النفس ظلما قد قتل جميع الناس وسن جريمة القتل , وجرأ الناس عليه .
والمقصود هو تعظيم قتل النفس ترهيبا عن التعرض لايذائها وإعدامها , وترغيبا في المحاماة عليها وصيانتها . فقد كان العرب يقولون قبل نزول القران ( القتل أنفى للقتل ) ولكن الله قال
وهو خير القائلين : ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ) البقرة : 179
لأن كل قتل ليس قصاصا .
أخيرا :-
فالحياة والموت فيهما كل العظات والاختبار والابتلاء , وقد أرشدنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن نتعوذ من فتنتهما . فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : كان النبي صلى الله علية وسلم يقول : " اللهم أنى أعوذ بك من العجز والكسل , والجبن والهرم , أعوذ بك من عذاب القبر , أعوذ بك من فتنة المحيا والممات " .
و اكتفى بهذا القدر ولنا بأذن الله لقاء أن كان في العمر بقاء