أخواني اقدم لكم الجزء الثالث من
سلسلة عذاب القبر ونعيمه على بركة الله
الموت في الدنيا إن كل ما على الأرض زائل , يلحقه
الفناء لا محالة , ومصائر الخلائق إلى نهاية , وكل نفس ذائقة الموت , وفى أي مكان يوجد
الإنسان لابد أن يدركه الموت حين ينتهي أجله , ويفاجئه ولو تحصن منه بحصن منيع أو
تستر بستار كثيف عظيم من جند وأنصار .
فقد قال تعالى :
( أينما تكونوا يدرككم
الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) النساء
: 78
إذن الموت حق في هذه الحياة الدنيا ,
وهو بلا شك مصيبة كبرى .
قال تعالى :
( فأصابتكم مصيبة الموت )
المائدة : 106 [
أما في الآخرة فلا موت ولا فناء ولا
زوال بل هناك خلود أبدى . كما أن الموت لا يفرق بين الأحياء بعضهم البعض فالكل لا
محالة ميت
قال تعالى :
( انك ميت وإنهم ميتون *
ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) الزمر: 30* 31
ولن يستطيع أي مخلوق أن يهرب من هذا
الأجل المحتوم مهما بعد وسار في الدنيا ليبعد عن الموت .
قال تعالى :
( قل إن الموت الذي تفرون
منه فانه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) الجمعة
: 8
فانه لا يغنى حذر من قدر .
هذا وان لكل نفس أجلا لا يتقدم ولا
يتأخر , والجبن لا يزيد في الحياة , كما أن الشجاعة لا تنقص منها , والإنسان لا
يموت قبل بلوغ الأجل المكتوب له كتابا موقوتا بوقت معلوم .
قال تعالى :
( وما كان لنفس أن تموت
إلا بأذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة
نؤته منها وسنجزي الشاكرين ) أل
عمران : 145
ذكر الموت والاستعداد له وفضله إن الموت حق لا ريب فيه , ويقين لاشك
فيه , وكل إنسان لابد له من الموت , وكل نفس تتمتع بالحياة لابد لها من الموت .
قال تعالى :
( كل نفس ذائقة الموت ثم
إلينا ترجعون ) العنكبوت : 57
فكان لزاما على الإنسان وهو المخلوق
الوحيد فوق الأرض الذي يتمتع بنعمة العقل
أن يتذكر الموت ويكون دائما على
استعداد له ويأخذ منه الموعظة .
روى النسائي عن أبى هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله علية وسلم :
" أكثروا ذكر هادم
اللذات " يعنى الموت .
وبذكر الموت يهون على الإنسان ما هو
فيه من صعاب الحياة التي لا تدوم لأن الموت ينهى هذه الصعاب والمتاعب
وبذكر الموت ينتهي الإنسان عن الاغترار بنفسه
وبما هي فيه من نعمة زائلة .
وقد اتفقت الأمة على أن الموت ليس له
سن معلومة , ولا زمن معلوم , ولا مرض معلوم ,
وذلك حتى
يكون الإنسان دائما على استعداد له .
كيفية الاستعداد للموت الاستعداد للموت يكون بالتوبة من
المعاصي , والخروج من المظالم .
قال تعالى :
( فمن كان يرجو لقاء ربه
فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
الكهف : 110
أي فمن كان يرجو ثواب الله ويخاف
عقابه فليخلص له العبادة , ولا يرائي بعمله , ولا يبتغى بما يعمل غير وجه الله
سبحانه وتعالى , ولا يخالف هدى رسوله الله صلى الله علية وسلم فأنه تعالى لا يقبل
إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم , وموافقا لهدي النبي الأمين الله صلى الله علية
وسلم .
و اكتفى بهذا القدر ولنا بأذن الله
لقاء أن كان في العمر بقاء
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على
دينك