بسم الله الرحمن الرحيم
أذكر الله
من الحقائق الشائعة مُنذ مُنتصف القرن العشرين أن الصّراصير يُمكنها أن تصمد أمام انفجار قنبلةٍ نوويّةٍ. تعود جذور هذه الحقيقة إلى كارثة هيروشيما، حيث كانت الصّراصير ضمن النّاجين القلائل من هذه الكارثة، وتبيّن بعد عدة أبحاثٍ أنّ الإشعاعات النوويّة تؤثّر على الكائنات الحيّة على المُستوى الخَلَوي وخاصةً أثناء انقسام الخلايا، وهو أمر يحدث كلّ لحظةٍ في جسم الإنسان على عكس الصّراصير التي تنقسم خلاياها بمُعدّل أسبوعيّ، وبالتّالي فهي أقل عرضةً للتّأثّر بالإشعاعات النوويّة، ما يعني أنّ الصّراصير يمكنها أن تنجو بالفعل من مُعدّلات مرتفعة جدًّا من الإشعاعات النوويّة، ولكنّها لن تتمكّن من الصّمود أمام حرارة الانفجار بالطّبع.
قد تَتعجّب الآن عندما أُخبرك أنّ الصّراصير لا تحملُ لقب مقالنا هذا وإنّما كائنٌ أصغرُ وأبسط من ذلك بكثير جدًّا ولكنّه لا يُقهر ويستحقّ لقب أعظم ناجٍ على الأرض عن جدارة، إنه دُبّ الماء أو Tardigrades ومن المُرجّح أنّك لم تسمع به من قبل ولكنّه من الحيوانات المُدهشة حقًّا، إذ يُمكنه أن يعيش ببساطةٍ في أقسى الظّروف الّتي تُعدّ مُهلكةً لغيره من الكائنات.
دُبّ الماء يُعدّ من الحيوانات الميكروسكوبية، أي أنه حيوان لافقاري وليس من الفيروسات أو البكتيريا أو الفطريات، ولكنّه لا يُرى إلا بالمِجهر (الميكروسكوب). تمّ وصفه أوّل مرّة عام 1773 واكتشف العلماء 1150 نوعًا منه حتّى الآن. له ثمانية أرجلٍ ومع ذلك يتميّز بحركة بطيئة نسبيًا كما يشير اسمه (Tardigrades) الذي يعني السائر البطئ، ويتغذى على الخلايا النباتيّة والعوالق اللافقارية.
قد لا يبدو شكله جذّابًا ولكنّه كما ذكرنا له أشكالٌ مُتعدّدةٌ ويمكن أن يتواجد في أيّ مكان في العالم من أعلى القِمم وحتّى أعمق نُقطة في المحيط.
يمكنك أن تغلي هذا الكائن أو تُجمّده أو تُجَفّفه أو تُعرّضه للإشعاعات النوويّة وسيفاجئك أنّه قد يستمرّ في العيش حتّى 200 عام بعد هذا التّعذيب!
حجم هذا الكائن عند البلوغ أقلّ من 0.5 ملّيمتر تقريبًا ويمكن إيجاده في البحر والمياه العذبة والتُّربة ولكنّه يتواجد بكثرة في الطحالب.
يتحمّل درجات حرارة وبرودة لا يُمكن لغيره من الكائنات تحمّلها، فيمكنه أن يصمد في جوٍّ باردٍ تصل درجة حرارته إلى -457 ويمكنه أن يتحمّل الحرارة المرتفعة حتّى 357 درجة.
يمكنه أن يتحمّل قوة ضغط أكبر ستّ مراتٍ من قوّة الضّغط في أعمق نقطةٍ في المحيط، أي أنّه يصمد أمام قوة ضغط أكبر ستّ مراتٍ من أكبر ضغط على الكرة الأرضية.
يتحمّل درجات إشعاعٍ كبيرةٍ جدًّا تصل حتى 5700 وحدة جراي بينما 10 وحدات فقط تكفي لقتل إنسانٍ بالغٍ في الحال وكافة أنواع الكائنات الأخرى.
يُمكنه أن يعيش عشرات السّنين دون ماءٍ أو طعامٍ ويمكنه أن يعيش في الفضاء ويتحمّل ظروفه الّتي لا يُمكن للإنسان أن يتحمّلها لعدّة ثوان، وبهذا يكون الحيوان الوحيد القادر على العيش في الفضاء.
يمكنه أن ينجو حتّى في حالة تجفيفه وامتصاص 97% من الماء الموجود في جسمه. السبب خلف هذه القدرات الخارقة هو قدرته على تخفيض معدّل وظائفه الحيوية أقل 10000 مرّة عن الطبيعي كما يمكنه التعايش مع انخفاض نسبة السوائل في جسمه إلى 1% فقط عن المعدّل الطبيعي، هذا يعني أنّه حيويًّا يُعد ميتًا ويستطيع أن يستمر على هذا الحال لمدة 120 سنة إلى أن تتحسن الأوضاع مرّة أخرى ليعود لحالته الطبيعية.
إليكم بعض الصور الأخرى لهذا الكائن العجيب: