رمضان غذاء للأرواح.. وليس الأبدان
كثيرمن الناس يعتبرون أن رمضان شهر للأكل والشرب واللهو واللعب..
فيستعدون له قبل قدومه بفترة طويلة..فتجد الأسواق مزدحمة بالناس لشراء كل أنواع الأطعمة
وادخار كميات كبيرة وكأننا مقبلون علي مجاعة.. وكثير من الناس يضاعف ميزانيته في
رمضان ويضطر البعض للاقتراض للوفاء بمتطلبات الشهر الكريم من المكسرات
والحلويات.. وهذا فهم خاطئ للدين.. فرمضان شرع من أجل اعتياد الزهد والتقشف
وترشيد النفقات والرضا بالقليل، وتهذيب النفس وتطهيرها وحبسها عن شهواتها
والشعور بحال الفقراء.. لا من أجل الإسراف والتبذير وكثرة الأكل.. فإذا
نظرنا إلي مائدة الطعام في رمضان نجدها مكتظة بكل أنواع الأطعمة.. وبمجرد
سماع الأذان تجد الصائمين ينقضون علي الأكل.. فيأكلون ويشربون بنهم مما
يصبهم بالتخمة ويؤثر ذلك علي عبادتهم.. فرمضان شهر لغذاء الأرواح والقلوب
لا ملء البطون وعن ذلك يقول الشيخ سعد النجار من علماء الجمعية الشرعية:
لقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى التوسط والاعتدال في كل شيء
خاصة في الأكل، ونهى النبي صلي الله عليه وسلم عن ملء البطن.. فكان من هديه
صلي الله عليه وسلم أن يأكل ما تيسر، فإن لم يجد طعاما صبر، حتى إنه ليربط
على بطنه الحجر من الجوع، ويرى الهلال والهلال والهلال ولا يوقد
في بيته نار.. فما شبع النبي صلي الله عليه وسلم من خبز ولا لحم مرتين في يوم
واحد.. قال صلى الله عليه وسلم : (نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا فلا
نشبع)، وقال صلي الله عليه وسلم: (ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن
آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث
لنفسه).. وهذا فيه إشارة إلى عدم المبالغة في تناول الطعام التي يقع فيها
كثير من الناس فيكون سببا في إصابتهم بكثير من الأمراض.. ولقد دعانا الله
عز وجل لعدم الإسراف في الأكل قال تعالي: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا
يحب المسرفين)..
ويضيف: كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يفطر على رطبات فإن لم يجد
أفطر على تمرات فإن لم يجد حسى حسوات من ماء ثم يصلي المغرب. إلا أن كثيرا
من الناس في هذه الأيام يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيكثر ويبالغ
في تناول الطعام خاصة في شهر رمضان مما يتسبب له في تخمة جسدية تؤدي به إلى
الخمول في العبادة فلا يستطيع مواصلة صلاة التراويح أو قيام الليل أو حتى
تلاوة آيات الله آناء الليل.
وأوضح أن من المنكرات المشهورة الإسراف في الطعام والشراب فكم يلقى من
الطعام خاصة في ليالي رمضان ولا يؤكل منه إلا القليل وثلاثة أرباع الطعام
وثلاثة أرباع اللحوم كلها تلقى في صناديق القمامة.. وهذا من أعظم ما قد
يعاقبنا الله عز وجل عليه لأن الله عز وجل قال (ضرب الله مثلا قرية كانت
آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله
لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون).. لأنهم لم يقدروا هذه النعمة ولم
يشكروها وقال تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم وإن كفرتم إن عذابي
لشديد ) فإذن لابد أن ننتبه لهذا الأمر ونحاول أن نعتدل ونقتصد في طعامنا
وشرابنا.. وحذار من تضييع الوقت في التفنن في إعداد المآكل والمشارب فوق
الحاجة فيمر رمضان وقد ضاعت منا كثير من فوائدهالجليلة
تقبل الله منا صالح الاعمال واعاننا عليها