الصيام برىء من تعطيل مصالح العباد
البعض يتخذ من شهر رمضان فرصة للراحة والتراخي والكسل
وعدم إتقان العمل وتعقيد مصالح الناس وعدم قضائها,
بل أنه يبحث عن تعبهم
والمشقة عليهم بحجة أنه صائم.. والصيام برئ من هذه الافتراءات.
فرمضان
شهر الفتوحات والانتصارات والعمل.. وليس شهر الكسل والتراخي كما يدعي
البعض, وعن ذلك يقول الدكتور مصطفي مراد الأستاذ بكلية
الدعوة جامعة
الأزهر: رمضان شهر الفتوحات.. فتحققت فيه أعظم الانتصارات.. فانتصر
المسلمون في غزوة بدر الكبري وفتح مكة.. ومعركة عين
جالوت والعاشر من
رمضان.. واستطاع المسلمون في هذه المعارك أن يبلوا بلاء حسنا وينتصروا
علي أعدائهم وهم صائمون.. وهذا يدل علي أن
السابقين لنا جعلوا هذا الشهر
شهر عمل دءوب وجهاد للنفس وتصفية للقلب وتنقية للروح.. فقاموا بأفضل
العبادات, وأقاموا أعظم القربات وأدوا جميع
النوافل.. فلم يعرفوا في
هذا الشهر كسلا ولا مللا ولا بطالة ولا تضيعا للأوقات بل رأيناهم يصومون
ويقومون ويتعبدون ويعملون ولعباد الله يخدمون.
ويضيف: الله تعالي جعل رمضان شهر التقوي حتي يراقب العبد ربه, ويجعل
الله سبحانه وتعالي أمام عينيه فلا يفقد الله حيث أمره ولا يجده حيث
نهاه.. قال تعالي:( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي
الذين من قبلكم لعلكم تتقون).. فالناظر إلي هذه الآية يجد أن الصيام أوله
تقوي وآخره تقوي وهذا يدفع الإنسان أن يخلص في عمله.. فالإنسان إذا كان
صادقا في صيامه وقيامه ودعائه واعتكافه فيجب أن يري أثر ذلك في
إتقان عمله
وحسن معاملة الناس والمشي في حوائجهم.. فالإسلام جعل الثواب العظيم
والأجر الجزيل في الدنيا والآخرة لمن مشي في حاجة الناس
وأدخل السرور
عليهم.. قال رسول الله صلي الله عليه و سلم:( المسلم أخو المسلم لا
يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته
ومن فرج عن مسلم
كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله
يوم القيامة).. كل هذا الثواب والخير العظيم ينتظر من
يقوم بمساعدة الناس
وإدخال السرور علي قلوبهم.
وأشار إلي أن ضعفاء النفوس في هذا الزمان جعلوا شهر رمضان شهر نوم وكسل
وبطالة.. فثقلت عليهم الطاعات واشتدت عليهم الكربات.. وعظم
عليهم
العمل.. فتري أحدهم يقضي ليله أمام وسائل الإعلام ليري المحرمات ويشاهد
الموبقات ويقضي نهاره في نوم وكسل وتغيب عن العمل, وإذا
ذهب تجده متأخرا
لا يعبأ بمصالح الناس ولا يقدر حاجة المحتاج.. وإذا حدثه أحدهم أو طلب
منه مصلحة فإنه يعطلها ويقول إنه صائم وكأن الصوم
يدعو للكسل وتعقيد مصالح
الناس والعبس في وجوههم.. ولقد توعد الله عز وجل بالعذاب كل من يعطل
مصالح الناس ويعسر أمورهم أو يحول دون
قضاء حوائجهم, أو يتسبب في تعبهم
وأذيتهم أو ينزل بهم التعب والقلق.. قال رسول الله صلي الله عليه
وسلم:( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق
عليهم فاشقق عليه, ومن ولي
من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به).. فكيف يكون عقاب من كان السبب
الأول والعامل الرئيسي في غم كثير من
الناس وتعقيد مصالحهم وعدم قضاء
حوائجهم.. ألا يفكر هذا الموظف أن هؤلاء سيدعون عليه ليل نهار.. ألا
يفكر في دعوة المظلوم وجزاء
الظالمين.. ألا يفكر في عقاب الدنيا
والآخرة.
وأطالب الصائمين بأن يتقوا الله ويعطوا كل ذي حق حقه.. فيعطوا الخالق حقه
والمخلوق حقه فلا يعطلون مصالح الناس.. ويعلموا أن حق المخلوق
من حق
الخالق, لأن الله الذي أمرهم بحقه هو الذي أمرهم بحق خلقه.