بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين

ذبح على الطريقة الإسلامية......حقيقة أم زيف؟ - الحلقة الثانية
عدنا والعود أحمد، وكنا قد ذكرنا في الحلقة السابقة أن محلات بيع اللحم الحلال تنتشر في أوروبا، ومع ذلك فهناك أزمة حقيقية تواجه المسلمين في دول أوروبا المختلفة يجدون صعوبة بالغة في الحصول على ما يتناسب مع شريعتنا من اللحوم، برغم ما يتشدق به المسؤولون في الغرب من منح تسهيلات كبيرة للمسلمين للحصول على لحوم مذبوحة بحسب الشريعة الإسلامية، لذلك أوصى المجلس الأوروبي للإفتاء المسلمين في الغرب باتخاذ مذابح خاصة بهم، ونحن اليوم في تلك الحلقة نعرض نماذج لبعض الدول الغربية والصعوبات التي تقابل المسلمين المقيمين بها للحصول على اللحم الحلال.
فعلى سبيل المثال في ألمانيا حيث قلما يجد المهاجرون مختلفي الأجناس والديانات صعوبات لشراء مأكولات تتناسب مع ثقافتهم وعاداتهم الغذائية، ولكن في المقابل المسلمين في ألمانيا يجدون صعوبة في إيجاد أطعمة تتناسب مع الشريعة الإسلامية، وذلك رغم التسهيلات القانونية التي تقدمها لهم ألمانيا.
يعيش في ألمانيا الملايين من الأجانب كما أن واحد من بين خمسة مواطنين ألمان ينحدر من جذور أجنبية. الكثير منهم لا يعتمدون في تسوقهم على المتاجر الألمانية ويبحثون عن منتجات بلادهم في محلات تجارية صغيرة تخصصت في بيع مواد غذائية مستوردة من بلدان هؤلاء الأجانب الذي غالبا ما يعتقدون أن طعام هذه المنتجات مختلف عن تلك التي يشترنها في المتاجر الألمان.
أما إذا ما تعلق الأمر بالمسلمين، فإن المشكلة في التسوق تصبح أكثر صعوبة، لأنهم يضطرون في غالب الأحيان إلى مراعاة ما هو "حلال" وما هو "حرام" من منظور تعاليم الدين الإسلامي عند شراء اللحوم أو بعض المنتجات الغذائية.
ورغم أن القوانين الألمانية تحظر ذبح الحيوانات وتعتبره أمرا غير مسموح به، إلا أن المحكمة الدستورية الألمانية كانت قد أصدرت حكمًا سمحت بموجبه بذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية ولكن ضمن نطاق ضيق، حيث لا يسمح إلا لأشخاص محددين بمزاولة عملية الذبح. وتحمل منتجات اللحوم في بعض المتاجر الإسلامية ختم "الحلال الأوروبي"، وهو المعهد الذي يمنح شهادة "حلال" للذبائح وذلك لتجنيب المشتري المسلم الغوص في متاهات قد تحرمه من تناول اللحوم التي يحبها.
ويخضع معهد "الحلال الأوروبي" من الجانب التمويلي والتنظيمي لكل من مجلس الإسلامي الألماني واتحاد الجماعات الإسلامية في شمال ألمانيا. لكن معهد "الحلال الأوروبي" ليس المعهد الوحيد الذي يقوم بختم الذبائح الإسلامية في ألمانيا، حيث يوجد إلى جانبه هيئات ومراكز أخرى تقوم بإصدار أختام مشابهة. لذا فإن كثرتها وتعدد الجهات التي تمنحها يقوض بشكل كبير من مصداقية هذه الأختام.
ورغم التسهيلات التي منحها المشرع الألماني للمسلمين في ألمانيا فيما يتعلق بمسألة اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية، إلا أن بعض جوانب الموضوع مازالت مثار جدل ونقاش، حيث تعكف لجنة مؤلفة من ناشطين في مجال حماية الحيوان وفقهاء مسلمين ومنتجي اللحوم بمناقشة الجوانب التفصيلية المرتبطة بطريقة الذبح.
وفي السياق نفسه ذكر أحد أعضاء اتحاد الجماعات الإسلامية في ألمانيا: "فيما يخص ذبح الغنم والدواجن ليس لدينا مشكلة في تخدير تلك الحيوانات قبل ذبحها، ولكن المشكلة تكمن في ذبح الأبقار وبالتحديد فيما يتعلق بتركيز الجرعة المخدرة المسموح إعطاؤها للبقرة قبل الذبح" ، وأضاف: "نتناقش اليوم فيما إذا كان تخدير الأبقار بواسطة صدمة كهربائية قصيرة يتطابق مع تعاليم الدين الإسلامي أم لا"، فالذبح على الطريقة الإسلامية لا يتنافى مع ما تسمح به النظم الخاصة بحماية الحيوان".وبالتالي يظهر لنا أن هناك حيرة لدى المسلمين في ألمانيا بين الأطعمة الحلال والحرام.
وذكرفي مجلة الدعوة بالرياض على لسان أحد الأطباء البيطريين الذين درسوا في ألمانيا:"أنه ذهب مع عدد من الإخوان لزيارة المسلخ في مدينة هانوفر، فشاهدوا الجزارين يحضرون قطيعًا من الأبقار يطلقون على رأسها من مسدس خاص، وبعد أن وقعت جميعها على الأرض بدون حراك أخذ العمال استراحة يأكلون فيها ما يقارب الثلث ساعة، ثم قاموا وعلقوا الأرجل الخلفية في الرافعات المتحركة، وقطعوا الرأس ثم نزعوا الجلد، وشقوا البقرة إلى نصفين، وغسلوها بالماء بعد إخراج الأعضاء والأمعاء، فكانت مياه الغسيل بلون الدم، وقبل أن ينتهي العمال من فترة الاستراحة ويبدءون بقطع رأس الأبقار، وبذلك تأكد لهم أن جميع الأبقار كانت ميتة، ولا يحل أكلها في ديننا الحنيف.".
أما في هولندا فالبهائم تقتل بعد تدويخها بأسرع ما يمكن بإسالة دمها، وتحصل عملية التدويخ بواسطة آلات تغُيب المخ، فتفقد البهيمة وعيها في الحال وقطع الرأس أو الرقبة ممنوع، وكذلك الذبح بسكين بموجب مرسوم ملكي.
وفي الدانمارك لم يكن الوضع بأفضل من سابقيه فرغم أن توفر السلطات من جانبها كافة التسهيلات التي تضمن موافقة أحكام الذبائح الإسلامية في صناعة الدواجن، بما يدر إيرادات مالية مشجعة على البلاد. وقد أظهرت أزمة اللحم الحلال، التي تكللت بإطلاق حزب الشعب حملة تطالب بحظره بذرائع الرفق بالحيوان وحماية المسيحية، ازدواجية المعايير السائدة في المجتمع الدانمركي مع مطلع الألفية الثالثة.
بحسب أقوالهم فالخيول والثيران والعجول الكبيرة تذبح بطريقة صعقها بإطلاق الرصاص على رأسها في موضع المخ بالمسدس برصاص خاص لهذه العملية، والعجول الصغيرة والأغنام تذبح بطريقة الصعق إما بالرصاص أو بالضرب الشديد على جهتها الأمامية-أي مقدم الرأس بين القرنين في الجبهة- بمطرقة. وعند ذبح الخيل والثيران والعجول الكبيرة بالطريقة المذكورة يصفى ماؤها بإدخال سكين في أسفل رقبتها في الشريان الكبيرة الواقع في مدخل الصدر من أعلى، وتستعمل لهذا الغرض السكين العادية، أما العجول الصغيرة والأغنام فتصفى دماؤها بتشريطها من الجانب الأسفل من رقبتها في الشريان الكبير الواقع خلف الرأس حول الرقبة فتفصل شرايينها.
أما الدواجن فإنه يشترط في ذبحها أن يكون ذلك بطريقة الصعق السريع بالضرب الشديد بالمطرقة على رأسها، أو بقتلها قتلًا سريعًا بفصل رأسها وهذا غالبًا ما يعرض في السوق المحلى على أنه حلال.
وبينما لا تثير الدواجن المذبوحة وفق الطريقة الإسلامية بحسب زعمهم ضجة تذكر، رغم أنّ معظم المطروح في السوق المحلي هو من الدواجن المصنفة على أنها حلال، يتسبب ذبح المواشي بالمقابل في إثارة أزمة عاصفة.
فعندما يتعلق الأمر بالمنافع الاقتصادية التي تكمن في تصدير معظم الدواجن الدانمركية إلى البلدان العربية، يجري الترحيب بالذبح على الطريقة الإسلامية، بينما يكفي ذبح كميات محدودة من المواشي لإثارة الحملات الحادة، لأنّ الأمر يتعلق باحتياجات أقلية مسلمة.
وعن أمريكا فقد ورد على لسان أستاذ وعالم متخصص في وظائف أعضاء الحيوان بأمريكا -جامعة جونس هوبكنز بمدينة بلتمور-قال أنهم:" يضربوا الحيوان بمطرقة مدببة في مخه فيموت وبعد ذلك يقطعون رقبته...".
وذكر أحد الدعاة العرب في البرازيل أنه:" ذهب مع رئيس الجمعية الإسلامية في مدينة كورتيبا الغربية إلى مقر ( شركة بربنسيسا للدجاج والدواجن) وطلب من المسئولين عن هذه الشركة مشاهدة عملية الذبح، وقال أنه قد رأي بنفسه أن الطيور تعلق من أرجلها حية منكوسة الرأس على آلة متحركة تسوقها إلى مكان فيه رجل قائم بسكينة يقطع بها وريد كل دجاجة، ويبالغ في السرعة ليتمكن من قطع وريد الطير الذي يليه وهكذا..وأن نفس الآلة تسوق الطير المعلق بعد عملية الذبح إلى مكان فيه ماء ساخن لتغمسه فيه، كي يتم نتفه وتنظيفه وتعبئته في أكياس، والمحظور في عملية الذبح المذكورة أنه لا يتحقق في الغالب قطع الوريدين لعامل السرعة المفروضة على الذابح، كما أن الدجاج المذبوح يغمس في الماء المغلي بعد مدة وجيزة من الذبح قد لا يكون الطير خلالها فارق الحياة، فيحصل أنه يموت خنقًا، كما أنه لا يتأكد من عقيدة الذابح، هل هو كتابي أم وثني؟.
أما في شركة "أويسته" للبقر والدواجن وهي من أكبر الشركات العالمية للحوم البقر والدواجن، فإن الآلة تغمس الذبيحة في الماء الساخن المغلي في الغالب قبل أن يفارق الحياة، كما يُساق الثور إلى مكان ضيق ويغلق عليه، ثم يضرب بمطرقة على رأسه بقصد أن يغيب وعيه فيسقط على الأرض، فيأتي رجل بسكين فيشق حلق الرقبة ليصل إلى الوريد، إضافة إلى ذلك أن الشركة تضع كلمة حلال على أكياس الدجاج أو اللحم المذبوح وفق شهادة خطية تشهد بأن الذبح على الطريقة الإسلامية يحصلون عليها من بعض الجمعيات الإسلامية في سان باولو والتي تبعد عن مقر الشركة التي يتم فيها ذبح وتعبئة الدواجن واللحوم مسافة 1800كم2!!!.
وإتمامًا للفائدة فقد ذكر أيضًا أن المركز الإسلامي في البرازيل تم تأسيسه بعضوية السفراء العرب والمسلمين، وليس له حتى الآن منفذ معتمد أو مدير دائم، هذا المركز الإسلامي، بنى مدرسة للمسلمين في برازيليا، سرعان ما أغلقها ثم سلمها دون قيد أو شرط لبعض البرازيليين ليفتحها مدرسة برازيلية وذلك لفشله في اتخاذ ولو قرار واحد فيما يتعلق بالمسلمين في المنطقة، هذا المركز الإسلامي قد اتخذ قرارًا ليشرف بنفسه على عملية الذبح وهذه خطوة جيدة لو تحققت، ولكن كيف يشرف على عملية الذبح وبينه وبين أماكن الذبح مئات الأميال، وليس عنده موظفون ليستخدمهم في هذا؟.
نكتفي بهذا القدر في تلك الحلقة مع وعد بلقاء جديد إن شاء الله لنري ألاعيب الغرب واستهانتهم برعاياهم من المسلمين.