بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
أقباط مصر والإستقواء بالخارج / أحمد زهران
هناك العديد من الأسئلة الشائكة التي تُثار هذه الأيام على خلفية الأحداث الطائفية الأخيرة التي هزّت مصر والعالم كله.
(1)
ما معنى أن يتظاهر مئات الأقباط أمام السفارة الأمريكية بالقاهرة؟ هل يريدون من أمريكا أن تتدخل لإغاثتهم في مصر من الاضطهاد الذي يدَّعونه؟ أنا أفهم أنني إذا ظُلمت في بلدي، وأردت أن أنظِّم تظاهرة لأطالب بحقي فسأتوجه بها إما إلى رئاسة الوزراء، أو إلى المجلس العسكري الحاكم، أو أذهب للاعتصام في أحد الميادين العامة اعتصامًا سلميًّا حسبما يقرّره القانون، أمّا أن أتوجه إلى سفارة دولة أجنبية غربية، لا تلق قبولاً من عامة الشعب المصري، وتشير إليها أصابع الاتهام بالمصلحة في عدم استقرار الأوضاع في مصر، فهذا له معانٍ خطيرة، ربما تقدح في المواطنة، ويمكن أن تصل إلى الخيانة العظمى.
(2)
عندما يوجّه المحامي موريس صادق - رئيس الجمعية الوطنية القبطية في الولايات المتحدة - دعوة إلى المجتمع الدولي للتدخل واحتلال مصر لإنقاذ الأقباط؛ لأنهم يعانون الظلم والاضطهاد فى مصر -حسبما يقول- مع منحهم حكمًا ذاتيًّا، ويدعو أيضًا إلى وقف المعونات الدولية بغرض حماية الأقباط وكنائسهم وممتلكاتهم وبناتهم، وتمكينهم من ممارسة شعائرها الدينية، والتمتع بالحقوق المقررة لهم بمقتضى القانون الدولي، مع إعلان اللغة القبطية لغة رسمية للدولة القبطية – كما جاء ذلك في صحيفة اليوم السابع المصرية (10/ 5) –، ثم أن تلقى هذه الدعوة استجابة غربية سريعة من قبل وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، الذي عقد اجتماعًا مع أمين سر دولة الفاتيكان تارشيزيو برتوني في روما – بحسب بوابة الأهرام الإليكترونية (10/ 5) -، ودعوا إلى: "إمكانات التحرك لحماية المسيحيين في الشرق".
ألا يحمل كل ذلك مؤشّرًا على أن الأقباط يذهبون لخرق النسيج الوطني، وإلاّ فماذا يسمون هؤلاء الذين يوجِّهون الدعوة لأمريكا والغرب لاحتلال مصر وهي وطن لهم كما هي وطن للمسلمين؟
(3)
عندما يقول السيد مايكل منير – الناشط القبطي –عبر بوابة الأهرام المصرية: إن "منهج المصالحة لن يجدي الآن؛ فالأمر تفاقم بشكل يهدّد أمن البلاد"، ثم ذهب يقول: "دم أقباط إمبابة لن يضيع، وأنه علينا مواجهة الموقف بصراحه وبشفافية، وإلاّ فستتحول إلى مجزرة، بالأمس كانت أطفيح واليوم إمبابة وقبلهما أبو قرقاص"، أليس مثل هذه الكلمات تحمل تشكيكًا في جهود المصالحة التي تمت تحت إشراف المجلس الأعلى للقوات المسلحة نفسه وبمساعدته؟ وألا تشكّل تهديدًا لأمن مصر الداخلي، ودعوة لاستخدام العنف والقتل حتى ينال الأقباط حقوقهم التي يزعم أنهم لا ينالونها؟!
(4)
ما الفرق بين الأقباط والبلطجية إذا كان الأقباط مصرِّين في كل تظاهرة على قطع الطرق، ومحاولة اقتحام مبنى التلفزيون المصري؟ لقد قام الأقباط خلال الشهور الثلاثة الأخيرة -بعد الثورة – بالعديد من التظاهرات تفوق من حيث عددها وضخامتها ما تم في السنوات الثلاثين للرئيس المخلوع مبارك، فهل كانوا يجدون مثل هذه الحرية التي ينعمون بها الآن، ويتقلّبون فيها في أرجاء مصر كافة؟ أم أن الحرية أغرتهم برفع سقف مطالبهم، مستغلين الأوضاع التي تمر بها مصر في هذه الأيام؟
(5)
هل إسلام شخص ما معناه نهاية المسيحية؟ ودعوني لا أفتح ملفات وفاء قسطنطين أو كاميليا شحاتة، لكن دعونا فقط نمر بحادثة عبير طلعت فخري، مفجرة أحداث إمبابة التي راح ضحيتها (12) شخصًا من المسلمين والمسيحيين، والتي أسلمت مختارة، وحكت قصة إسلامها (مسجلة فيديو) واعتقال الكنيسة لها وممارسة شتى أنواع الضغوط عليها لتتراجع عن إسلامها، ثم نجاحها في الهرب من الكنيسة ومطالبتها – مؤخرًا - المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحمايتها، أليس هذا إشاعة للفتنة من طرف أقباط مصر، وحثًّا على الإرهاب الفكري، ومصادرة لحرية العقيدة التي كفلها القانون؟
أليس الذين قاموا بذبح السيدة "سلوى عادل" (33 سنة) أواخر شهر أبريل الماضي، والتي أشهرت إسلامها بمشيخة الأزهر بتاريخ 5 من مارس 2005، وخنقوا نجلها، وطعنوا زوجها عدة طعنات أفضت به إلى الموت - هم أشقاؤها الثلاثة النصارى؟! ففي أي قائمة تسمي الكنيسة المصرية مثل هذا التصرف؟ ولماذا لم يصدر من الكنيسة ما يدين هذا التصرف الأحمق؟
ثم ما صحة أن الكنيسة تحتجز (70) سيدة أشهرت إسلامها ومهدّدات بالقتل، خاصة بعد أن توجهت تظاهرة من أمام مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية أواخر شهر أبريل الماضي، وقاموا بتسليم قائمة بأسمائهن إلى قائد المنطقة الشمالية العسكرية.
(6)
لماذا يلصق الأقباط كل حوادث الفتنة الطائفية بالإسلاميين (وخاصة السلفيين)، ويتجاهلون أن مصر تمرّ الآن بمرحلة مفصلية في تاريخها، وأن هناك الآلاف من أذناب النظام السابق والبلطجية يعيثون في البلاد فسادًا؟ ولماذا يتناسون أن أيام الثورة الثمانية عشر قد خلت تمامًا من التواجد الأمني في الشوارع، وانعدمت الحماية من أمام الكنائس، وإذا كان أحد من الإسلاميين موتورًا فلن يجد أفضل من هذا التوقيت لضرب أية كنيسة أو إشعال الفتن الطائفية، ومع ذلك فقد مرت هذه الفترة بسلام دون حادثة واحدة، فلماذا الآن بعد انتهاء الثورة، ومع بداية جني ثمارها، وبداية استعادة مصر لدورها الإقليمي والعربي والإفريقي والعالمي، تظهر مثل هذه النعرات، ونسمع مثل هذه الأصوات؟
رسـالتان:
الأولى: للمجلس العسكري، أن يعلن كل شيء في شفافية، وإن كان للأقباط يد، سواء بالبدء في إطلاق النار، أو بالتحريض – كما قيل عن طريق أحد رجال الأعمال – فينبغي كشف كل الحقائق، ومحاكمة كل المتسبّبين في الأزمة من دون تستّر.
الثانية: للأزهر، أليس هذا إفسادًا في الأرض.. فلماذا لا تُطبَّق أقصى العقوبات كما جاء في حدّ الحرابة، أو ما يعادلها في القانون المصري إن كان تطبيق الحدّ الآن سيثير فتنة بين الناس
المصدر: الإسلام اليوم