بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين

هزيمة أميركية ساحقة في العراق!. / داود البصري
المختصر/ مع تأكيد الانسحاب العسكري الأميركي الكامل من العراق في نهاية هذا العام يتأكد "الهروب الأميركي المخجل" والفشل الأخلاقي الكبير في المهمة في العراق ! فإدارة أوباما التي عجلت مشروع الهروب الأميركي المخجل تدرك جيدا انها قد فشلت في الإيفاء بوعد تأسيس الدولة الديمقراطية الحديثة في العراق فالتجربة الديمقراطية العراقية التي بها يتحدثون ليست إلا تجربة مسخ وفاشلة واستحضار لعفاريت التاريخ و شياطينه و تسليم ذلك البلد العربي بكل حمولته الحضارية وتراثه الثقافي و المعرفي ودوره السياسي و الستراتيجي و العسكري ليكون مجرد ولاية بائسة ملحقة بدولة الولي الإيراني الفقيه التي أعلنت إنتصارها المفجع على قيم الحرية و الديمقراطية و التقدم و الرخاء الموعود الذي لم يحصل ولن يحصل , فتهديدات الوزيرة هيلاري كلينتون و تحذيراتها للنظام الإيراني من مغبة التدخل في العراق بعد الهروب الأميركي ليست سوى نكتة بايخة معبرة عن فشل متأصل و مخجل , فكلينتون و أركان إدارتها يعلمون جيدا بأن العراق ومنذ عام 2003 قد خضع خضوعا تاما للهيمنة الإيرانية , و إن كل حلقات و محاور إدارة ملفات الصراع الداخلي و الإقليمي تديرها المخابرات الإيرانية ومخابرات الحرس الثوري وفيلق القدس تحديدا و الذي يالسخرية ألأقدار تحمي القوات الأميركية عناصره القيادية العاملة في العراق و المقيمة في المنطقة البغدادية الخضراء!! و الطريف أن ثعالب العراق بعد أن بالت على السياسة الأميركية باتت تتوعد اليوم حتى السفارة الأميركية كما فعل العميل الإيراني مقتدى الصدر الذي طلب إعتبار موظفي السفارة الأميركية بمثابة قوات إحتلال! وهو طلب غريب يعبر عن كارتونية الدولة العراقية وهشاشة الحكومة المالكية التي هي في البداية والنهاية صنيعة إيرانية تحظى بمباركة الإدارة الأميركية, لقد هربت الولايات المتحدة من العراق بعد أن دمرته بالكامل و أوصلته إلى طريق التقسيم الكامل و مكنت اللصوص و الحرامية و النصابين و الدجالين من شؤونه و مقدراته , وأهدت مؤسساته الوطنية للقوى الإيرانية , وقوت من التيارات السياسية و الفكرية البدائية و المتخلفة و الرجعية بأفكارها الدينية و الخرافية و الطائفية الغريبة التي أيقظت كل أشباح التاريخ و خرافاته , وحولت العراق تلك الأرض الواعدة الغنية بالثروات مزرعة نهب و إستغلال للفاشلين و المجرمين ولصوص الطائفية و العشائرية بل و سلبته من هويته العربية الأصيلة لتجعله مجرد كانتونات طائفية و عشائرية مريضة و مهلهلة هي اليوم في طريق التقسيم المناطقي و الطائفي , لقد كانت كل ثمرات الإحتلال الاميركي إضافة إلى النهب الكامل وغير المسؤول تسليط و مساعدة القوى الطائفية الإيرانية في العراق من الهيمنة تحت دواعي الإنتخابات التي خاضها شعب لم يعرف الإنتخابات في تاريخه منذ العصر الأموي وحتى اليوم وهي إنتخابات لم تكن تحمل مواصفات وشروط يمكن أن تجعل جموع الأميين و الجهلاء تحقق النتائج المرجوة , فبدلا من أن تكون الديمقراطية عامل توحيد تحولت أحد أهم أسباب التجزئة و التشتت و النهب , فالديمقراطية سلاح ذو حدين وهي لا يمكن أن تنجح إلا وفق و شروط و مواصفات ثقافية و فكرية لم يرتق اليها للأسف المجتمع العراقي الغارق بعشائريته و طائفيته و الذي لم تزل تفكير قطاعات واسعة منه متوقفة عند حدود مرحلة الفتنة الكبرى قبل خمسة عشر قرنا! ثم جاءت القوى الظلامية و الطائفية المتخلفة لتحصد ثمار غرسها البائس المريض , ينسحب الجيش الأميركي أو يهرب بشكل دقيق ليسجل على أنفسهم هزيمة حضارية كبرى في الشرق ألأوسط و إنتكاسة كبيرة للمشروع الحضاري الإنساني , فليست التجربة العراقية كالتجربة اليابانية أو الكورية أو حتى التايلندية بل أنها مزيج من الفشل الكامل المليء بالأحقاد و التردي الحضاري و القيمي , نبارك لدولة الولي الفقيه الإيراني نجاحها المذهل و إنتصارها في إدارة دفة الصراع السياسي و المستقبلي في العراق و نعزي أنفسنا و الشعب العراقي و الأمة العربية بالإنجاز الأميركي الهائل في تقديم العراق كقربان للصفويين الجدد, ونتوقع المزيد من المصائب الإقليمية, ونقول لإدارة أوباما الديمقراطية جدا "مالت عليكم".
المصدر: صحيفة السياسة الكويتية