بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمينشــفاكـم الله الكركم دواء فعال ضد الأورام السرطانية. يرى كثير من العلماء مستقبل علاج الأورام السرطانية في العقاقير التي تحوي مواد فعالة ذات المنشأ الطبيعي، ويأتي في مقدمة هذه المواد الطبيعية الكركم، وهو مسحوق أصفر يشتهر فى اللغة الإنجليزية باسم Turmeric .والمعروف ان الأورام السرطانية اصبحت أحد أكثر الأوبئة فتكاً في السنوات العشر الأخيرة، ويموت بسببها ما يقارب 6 ملايين إنسان سنوياً في العالم .
بالرغم من أن مئات المختبرات والمعاهد العلمية للأبحاث الطبية ما زالت وعلى مدى سنين طويلة تبحث عن عقاقير دوائية وأساليب علاجية لهذا المرض، إلا أن أرصدتها منها لعلاج المرض ما زالت محدودة .
وتعتبر الطرق الكيميائية والإشعاعية من الطرق الأكثر انتشاراً، والتي تعطي نتائج إيجابية في بعض الحالات، إلا أن تأثيرها في أغلب الأحيان على الخلايا الطبيعية لجسم الإنسان ضار وسام .
وينتج الكركومين من طحن أريزومات (الجزء من الساق أعلى وأسفل سطح التربة)، وهو نبات استوائي ينتشر في الهند واندونيسيا يعرف علمياً باسم كركوما لونجا (Curcuma longa)، ومن هذا المسحوق تحضر الخلطة المعروفة باسم الكاري ذات التاريخ الطويل في بلاد الشرق كأشهر التوابل، حيث يعطيها الطعم الحاد والمر نسبياً والرائحة المميزة نتيجة وجود زيت الكركومين الطيار (Curcumins oil)، الحاوية على مواد مضادة للالتهابات والأورام الخبيثة والفطريات والبكتيريا والطفيليات الأخرى .
وقد حضر العلماء اليابانيون من جامعة “كوبيه غاكوين” معلقات دهنية نانوية من الكركومين تستخدم بطريقة مستحدثة للهدرجة الرقيقة مع المعالجة اللاحقة للورم بالأمواج فوق الصوتية .
وبرهن العلماء - بطريقتهم هذه - على فاعلية الصفات الموجودة في مادة الكركومين، والمضادة للأورام السرطانية، وضآلة تأثيراتها السمية على الخلايا الطبيعية في جسم الإنسان .
كما أظهر العلماء خلو المادة من التأثيرات السمية على الخلايا للمعلق النانوي، ما يدل على الإمكانات الكبيرة للجسيمات النانوية بصفتها حاملاً للعقاقير الطبية الجافة . وتشير بعض الدراسات إلى أن الكركم مفيد في علاج بعض حالات الإسهال المزمن ويعالج الديدان الطفيلية وله فاعلية مؤكدة لعلاج السعال ونزلات البرد واحتقان الحلق واللوزتين ويساعد على علاج بعض أنواع الربو الشعبي . وله دور أيضاً في الإسراع في عملية التئام الجروح .
كما تبين ان للكركم خواصّ مضادة للالتهابات ويستخدم بكفاءة في علاج حالات الأنيميا حيث يستطيع تحفيز إنتاج كرات الدم الحمراء، كما أنه منشط للمناعة والقوة الذهنية وله خواص مضادة للروماتيزم، ومفيد في علاج الحمى وارتفاع درجات الحرارة حيث يوصف بأنه ينظم درجة الحرارة في الجسم . وتحدث بحث خاص بالأوبئة أجري في الهند، عن أهمية الكركم، كعامل غذائي أساسي في الطبق الهندي التقليدي، وأهميته في الوقاية من الأمراض .
واكتشف معهد أبحاث السرطان القومي الهندي أن نسبة الإصابات بأمراض سرطان البروستاتا والأمراض الباطنية وسرطان الرئة بين الهنود هي الأقل بين السكان في العالم، ولكن الدراسة كشفت أن مستويات الإصابة بالسرطان والأمراض المزمنة مثل أمراض شرايين القلب والسكري تزايدت بصورة مثيرة بين الهنود المهاجرين إلى الغرب حيث تبين أن تغيير طبيعة الغذاء كان أحد العوامل المهمة المسؤولة عن ذلك .
وقد كشفت دراسة طبية أجراها باحثون أمريكيون من مركز “اندرسون” للسرطان بجامعة “تكساس ام دي” في هيوستن أن الكركم الموجود في الكاري يؤثر في خلايا الأورام السوداء وهو أحد أنواع سرطان الجلد . وأوضحت اختبارات معملية أن الكركم يجعل خلايا الأورام السوداء أكثر قابلية لتدمير نفسها في عملية تعرف باسم زوال الخلية، كما اكتشف الفريق نفسه أن الكركم ساعد على وقف انتشار سرطان الثدي إلى رئتي الفئران . وأشار فريق البحث إلى أن الكركم قضى على بروتينين تستخدمهما خلايا السرطان في الاحتفاظ بنفسها حية إلى الأبد، وأنه أثبت فاعليته في إخماد حيوية الخلايا السرطانية وحث خلايا الأورام السوداء على القضاء على نفسها .
كما أبرزت دراسة أجراها باحثون من ولاية ميسوري الأمريكية دور توابل الكركم في التقليل من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي عند النساء بعد سن اليأس، واللواتي خضعن للعلاج الهرموني البديل الذي يتضمن هرمون البروجستيرون .
وحسب ما أوضح الباحثون؛ تخضع العديد من النساء بعد سن اليأس للعلاج الهرموني البديل، والمعروف بالعلاج المختلط بسبب اعتماده على هرموني البروجستيرون والإستروجين، وذلك بهدف التخفيف من أعراض سن اليأس، إلا أن ذلك قد يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي نتيجة تعرضهن إلى هرمون البروجستيرون .
ويشير الباحثون إلى أن دراسات سابقة أظهرت أن هرمون البروجستيرون يسرع من نمو بعض الأورام، من خلال زيادة إنتاج جزيء يدعى VEGF، حيث يساعد الأخير على توريد الدم إلى تلك الأورام .
وتشير نتائج الدراسة التي نشرت في دورية “سن اليأس” إلى أن تناول الكركم قد يساعد على وقاية هؤلاء النسوة من الإصابة بأورام الثدي التي يتسارع نموها بوجود هرمون البروجستيرون، حيث توصل الباحثون إلى أن توابل الكركم تؤثر في هذا النوع من الأورام، من خلال تأخير أول ظهور لها وتخفيض معدلات حدوثها، كما وتقلل من إمكانية تعددها .
كما أظهرت الدراسة التي أجريت على نماذج حيوانية أن توابل الكركم أسهمت في تثبيط إفراز جزئي VEGF من خلايا سرطان الثدي .
ومن وجهة نظر أحد أعضاء فريق الدراسة وهو البروفيسور سلمان حيدر، الباحث من جامعة ميسوري والمختص بمجال العلوم (الحياتية- الطبية) في مركز دالتون لبحوث القلب والشرايين، فإنه يتوجب إجراء تجارب على الكركم والمركبات الأخرى التي يحتمل أنها تقاوم تشكل أوعية دموية جديدة، لاختبار دورها كعوامل كيمائية غذائية في وقاية النساء اللواتي تعرضن إلى العلاج الهرموني البديل والذي يحوي البروجستيرون، بهدف السعي إلى التقليل من مخاطر إصابتهن بسرطان الثدي المرتبط بتلك العلاجات .
المصدر: دار الخليج