بسم الله الرحمن الرحيم
أذكر الله
قصة اختراع الطائرة.. من حمامة خشبية إلى بوينج نفاثة في 17 ديسمبر عام 1903م، تمكن الأخوان الأمريكيان "أورفيل وويلبر رايت"
اللذان كانا يعملان في صناعة الدراجات من تصنيع أول طائرة في التاريخ،
وقاما بهذا العمل قرب بلدة كيتي هوك، بولاية كارولينا الشمالية الأمريكية،
واستأثر أورفيل بالطلعة الأولى، قطع خلالها مسافة 37م بطائرته المصنوعة من
الأخشاب والأسلاك وقطع القماش، وبعد نجاح الأخويْن رايت، استمر المخترعون
والطيارون في العمل المتواصل لتحسين تصميم الطائرة.
وتعد الطائـرة أحدث وأسرع وسائل النقل، حيث لا يتفوق عليها في السرعة سوى
المركبات الفضائية، وتستطيع طائرة النقل أو طائرة السفر الجوي النفاثة
الحديثة، أن تقل حمولة ثقيلة من الركاب والبضائع لتعبر بهم أجواء القارة
الأوروبية في أقل من خمس ساعات، وكذلك فهي تستطيع أن تطير نصف المسافة حول
العالم من لندن إلى سيدني في أقل من 24 ساعة.
وفي كل عام تقريبًا، كانت تطير طائرات أكثر سرعة، ولمسافات أكثر بعدًا
مقارنة بالطائرات التي سبقتها في العام المنصرم، وفي ثلاثينيات القرن
العشرين بدأت الطائرات المصنعة من المعدن، وأحادية السطح (أي ذات الجناح
الواحد) تحل محل الطائرات الخشبية، وثنائية السطح (أي ذات الجناحين)
والمغطاة بقطع القماش. وكان اختراع المحركات النفاثة في خلال الثلاثينيات
من القرن العشرين مصدرًا لتزويد الطائرات بوحدات دفع ذات قدرات عالية.
وخلال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م) استمر تقدم العمل في تطوير
الطائرات، حيث استخدم الجيل الأخير من المقاتلات المروحية، باكورة
المقاتلات النفاثة، وكذلك القاذفات الثقيلة طويلة المدى.
وفي بداية الخمسينيات من القرن العشرين بدأت طائرات السفر الجوي في رحلات
يومية لعبور المحيط الأطلسي دون توقف، ومع نهاية الخمسينيات أصبحت طائرات
الركاب النفاثة تؤدي دورًا مهمًا في تقريب جميع الدول مما جعل الانتقال
فيما بينها ميسرًا، وبدا العالم أصغر كثيرًا مما كان قبل ذلك بقرن من
الزمان.
أسرع الطائرات مزودة في العادة بمحركات نفاثة أو صاروخية، وتعد الطائرة
لوكهيد (س ر-71 أ) التابعة للقوات الجوية الأمريكية من أسرع الطائرات
النفاثة، فهي تستطيع الطيران بسرعات تتعدى 3.200 كم/ ساعة، وجلبت الطائرات
معها تغيُّرات عديدة في أسلوب حياة الناس، فملايين البشر يعتمدون على
الطائرة لتحقق لهم انتقالاً مريحًا، أما رجال الأعمال فيتوقعون خدمات
بريدية سريعة، كما تقوم العديد من المصانع بتصدير منتجاتها عن طريق الجو،
وتقدم الطائرة خدماتها للبشرية بطرق أخرى عديدة تتراوح بين مكافحة حرائق
الغابات وحمل المساعدات في حالات الطوارئ، كذلك فإن الطائرة سلاح أساسي في
الحروب.
مراحل تطور الطائرة
في عام 1500م وضع الفنان المبتكر الإيطالي ليوناردو دافينشي رسوماته لآلة
طائرة ذات أجنحة رفرافة، وفي عام 1783م حقق الفرنسيان جان ف. بيلاتر دي
روزييه، والماركيز دآرلاند أول ارتفاع في الجو في بالون أخف من الهواء
مستخدمين الهواء الساخن لذلك.
1804م أطلق السير جورج كايلي البريطاني أول نموذج لطائرة شراعية بنجاح.
1843م وضع وليم س. هنسون، المبتكر البريطاني تصميمات لطائرة تدفع آليا
بمحرك بخاري تتضمن العديد من الأجزاء الرئيسية للطائرة الحديثة.
1848م بنى جون سترنجفيللو، البريطاني، نموذجًا مصغرا مُعتمدًا على تصميمات
طائرة هنسون، وتم إطلاق هذه الطائرة، ولكنها لم تبق في الجو إلا فترة
قصيرة.
1891- 1896م أصبح أوتُّو ليلينتال، الألماني، أول من قاد بنجاح طائرة
شراعية في الجو. 1896م أطلق صمويل ب. لانجلي، الأمريكي، نموذجًا لطائرة
تدفع آليا بمحرك بخاري.
1903م قام الأخوان أورفيل وويلبر رايت الأمريكيان بأول طلعة طيران بطائرة
أثقل من الهواء، تدفع آليا، قرب بلدة كيتي هوك بالولايات المتحدة
الأمريكية. وقطعت الطائرة في طلعتها الأولى مسافة 37م، وبقيت في الجو زمنًا
قدره 12 ثانية 1906م تمكن تراجان فولا، المبتكر الروماني، من بناء أول
طائرة بحجم كامل وجناح مفرد، لكنها لم تقدر على الطيران.
1909م أصبح الفرنسي لويس بليريو أول شخص يطير عبر القناة الإنجليزية. 1913م
قام إيجور أ. سيكورسكي، المبتكر الروسي، ببناء وقيادة أول طائرة ذات أربعة
محركات.
1915م أول طيران لطـائرة مصـنعة بالكامل مـن المعـدن، وذات جناح كابولي، صنعت في ألمانيا تحت اسم "يونكرز ج ـ 1"
1924م أجري اختبار جوي في ألمانيا ـ لأول طائرة مصنعة بالكامل من المعدن ـ ومزودة بثلاثة محركات طراز يونكرز ج ـ 23.
1927م قامت طائرة النقل الشهيرة لوكهيد فيجا، ذات المحرك الواحد بـأول رحلة لها.
1930م قام المهندس البريطاني، فرانك ويتل، بوضع تصميمات لأفكاره بشأن محرك نفاث.
1936م دخلت طائرة النقل دوجلاس دي.سي ـ 3 الخدمة على الخطوط الجوية
بالولايات المتحدة الأمريكية. وأصبحت هذه الطائرة الأكثر استخداما في تاريخ
الخطوط الجوية.
1939م تم في ألمانيا بنجاح، أول طيران لطائرة ذات محرك نفاث.
1947م قام تشارلز ييجر، نقيب طيار بالقوات الجوية الأمريكية بأول طلعة
طيران يتخطى خلالها سرعة الصوت بالطائرة الصاروخية (بيل إكس ـ 1).
1952م بدأت الطائرة (ديها فيلاند كوميت) أول طائرة خطوط جوية نفاثة ضخمة، بالخدمة.
1953م بدأت أول طائرة نقل مروحية، (فيكرز فيسكونت)، الخدمة في خطوط جوية منظمة.
1953م أصبحت الطائرة الأمريكية (ف ـ 100 سوبر سابر) أول مقاتلة نفاثة عاملة.
1958م بدأت الطائرة (بوينج 707) في العمل وكانت أول طائرة نقل تعمل بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
1960م كانت الطائرة البريطانية (هوكر ب ـ 1127) أول طائرة ذات محرك مفرد تقلع وتحط عموديا.
1968م قام الطيارون الروس باختبار أول طائرة نقل في العالم تتخطى سرعة الصوت، وهي الطائرة (تي يو 144).
1970م بدأت خدمات طائرة الجامبو النفاثة (بوينج 747).
1976م دخلت الطائرة (كونكورد) في خدمة المسافرين، وهي طائرة نقل تتخطى سرعة الصوت اشترك في تصنيعها كل من بريطانيا وفرنسا.
1995م دشنت الطائرة (بوينج 777) لخدمة المسافرين، وهي أكبر طائرة نفاثة في العالم ثنائية المحركات.
2000م توقفت طائرة الكونكورد عن الطيران إلى حين معرفة أسباب الشروخ التي ظهرت على جسمها.
المحاولات الأولى
عام 400 ق.م، صنع عالم يوناني يدعى أرشيتاس حمامة خشبية تتحرك في الهواء،
ولم يعرف للآن كيف استطاع أرشيتاس أن يجعل هذه الحمامة تطير. ويُعتقد أنه
قام بربط هذا الطائر بذراع دوار، واستخدم بخارًا أو غازًا لتحريكه في اتجاه
دوراني. وفيما بين 400 ق.م ـ 300ق.م، اكتشف الصينيون طريقة تصنيع الطائرة
الورقية، وهي شكل من أشكال الطائرات الشراعية. وبعد فترة استخدمت الطائرات
الورقية لحمل أشخاص في الهواء.
وخلال القرن الثالث قبل الميلاد، قام العالم الرياضي والمبتكر الكبير، اليوناني الجنسية أرخميدس، باكتشاف سبب طفو الأجسام وكيفيته.
وفي عام 880 م، قام عباس ابن فرناس (العربي الأندلسي المتوفى عام 887 م)
بمحاولة للطيران بعد أن صنع لنفسه جناحين من الريش، ولكنه فشل في محاولته.
وفي عام 1290م، سجل راهب إنجليزي يدعى روجر بيكون، أن الهواء ـ مثله مثل
الماء ـ يحتوي على جسيمات صلبة واستنتج بيكون، بعد أن درس أفكار أرخميدس،
أنه إذا أمكن بناء النوع الصحيح من المركبات، فسوف يرفعها الهواء كما يرفع
الماء السفن.
وفي نحو عام 1500 م، رسم الفنان والمبتكر الإيطالي ليوناردو دافينشي جهاز الأورنيثوبتر، وهي طائرة ذات جناحين خفاقين كأجنحة الطيور.
وفي عام 1680م، أثبت العالم الرياضي الإيطالي جيوفاني بوريللي، استحالة أن
يطير الإنسان عن طريق رفرفة الأجنحة. فقد أثبت بوريللي أن عضلات جسم
الإنسان أضعف من أن تتمكن من تحريك الأسطح الكبيرة المطلوبة لرفع وزنه في
الهواء.
طيران الإنسان لأول مرة. في عام 1783 م، استطاع فرنسيان، أحدهما طبيب يدعى
جان ف.بيلاتر دي روزييه، والثاني يدعى الماركيز دي أرلاند، تنفيذ أول طيران
للإنسان داخل آلة مخترعة. فقد تمكنا من الطيران لمسافة تزيد على 8 كم فوق
مدينة باريس في بالون كتاني كبير. وقام بتصنيع هذا البالون فرنسيان يعملان
في مهنة تصنيع الورق هما الأخوان جاك وجوزيف منتجولفير، وتم ملء المنطاد
بالهواء الساخن الناتج عن حرق بعض الخشب والقش، وهو ما رفعهما في الجو.
قام الأخوان منتجولفير بتصنيع مناطيد ناجحة أخرى، وأصبح طيران هذه
البالونات حافزًا لمبتكرين آخرين، فبدءوا في استخدام غاز الهيدروجين ـ وهو
غاز أخف من الهواء ـ لرفع بالوناتهم في الهواء. وكان التحكم في البالونات
وتوجيهها صعبًا للغاية، لكن المبتكرين استمروا في إجراء تجاربهم عليها حتى
استطاعوا في منتصف القرن التاسع عشر ابتكار المنطاد (السفينة الهوائية).
وقد زُوِدّ المنطاد بمحركات ومراوح، فأصبح أسلس قيادة من البالون، الذي كان
من غير الممكن التحكم في خط سيره وفي هذه الفترة، حوَّل بعض المبتكرين
انتباههم نحو الطائرات الشراعية، التي هي أثقل من الهواء.
وفي عام 1804م، قام السير جورج كايلي ـ وهو مبتكر بريطاني ـ ببناء أول
طائرة شراعية ناجحة. ولم تكن سوى طائرة صغيرة تطير دون ركاب. وقام كايلي
بعد ذلك ببناء طائرة شراعية ناجحة بحجم كامل، وقد حملت إحدى هذه الطائرات
سائق عربته مرغمًا عبر واد صغير. أول طيران شراعي يحمل راكبًا يتولى
القيادة. صُنعت الطائرة بوساطة أوتُّو ليلينتال الألماني عام 1890م. لكن
قيادة طائرته كانت في غاية الصعوبة.
وقد أسس كايلي أيضًا علم الديناميكا الهوائية لدراسة تأثير سريان الهواء
حول الأجسام ـ وربما كان هو أول من وصف الطائرة على أنها ذات محرك وجناح
ثابت ـ وأنها تندفع في الهواء بوساطة المراوح الأمامية.
وفيما بين عامي 1891و 1896م، استطاع أوتّو ليلينتال الألماني إجراء أول
طيران شراعي ناجح يحمل راكبًا يتولى بالفعل قيادة الطائرة. وقبل نهاية
القرن التاسع عشر قام مبتكرون آخرون، من بينهم بيرسي بيلتشر البريطاني، و
أوكتيف تشانيوت الأمريكي، بطلعات شبيهة.
وقد بنيت بعض هذه الطائرات الشراعية الأولى بصورة جيدة، حتى إنها حملت
طياريها مئات الأمتار في الهواء. لكن قيادة الطائرات الشراعية كان في معظم
الأحوال أمرًا عسيرًا، بالإضافة إلى أنها لم تكن مصممة لحمل الركاب أو
البضائع، فلم تكن لذلك وسيلة عملية من وسائل النقل الطيران بالدفع الآلي.
وفي عام 1843م، وضع وليم س هنسون، المبتكر البريطاني، تصميمًا لأول طائرة
مزودة بمحرك ومراوح أمامية وأجنحة ثابتة. لكنه أوقف مشروعه، بعد فشل أول
نموذج قام ببنائه.
وقام صديقه جون سترنجفيللو عام 1848م، ببناء نموذج مصغر لطائرة مستخدمًا
نفس تصميم هنسون، وتم إطلاق هذا النموذج بالفعل بنجاح لكنه لم يبقَ في الجو
إلا فترة قصيرة.
وفي عام 1890م، حاول المهندس الفرنسي كلمنت آدر الإقلاع بطائرة تُدفع آليًا
بمحرك بخاري صنعه بنفسه، ولكنه لم يستطع السيطرة عليها، ومن ثَم لم تحلق
في الهواء. وفي نفس الفترة تقريبًا قام السير هيرام ماكسيم الأمريكي ـ الذي
أصبح فيما بعد مواطنًا بريطانيًا ـ بصنع طائرة ضخمة تدفع بمحرك بخاري،
وكانت الطائرة مزودة بجناحين ومحركين ومروحتين أماميتين. واختبر ماكسيم
طائرته عام 1894م، حيث ارتفعت لمدة قصيرة عن سطح الأرض، ولكنها لم تتمكن
فعليًا من الطيران.
كذلك قام مواطن أسترالي، وآخر من نيوزيلندا، بالعمل منفردين وبمعزل عما
يحدث في باقي أرجاء العالم، ويعتبران رائدين في إجراء التجارب على الطائرات
الأثقل من الهواء. فالأسترالي، لورنس هارجريف قد صنَّع أسطحًا ذات أشكال
انسيابية لاستخدامها في تصنيع الأجنحة التي تولد قوة الرفع. كذلك أنتج
مراوح أمامية ومحركات طائرات تستند إلى نظرية المحركات الدوارة.
وفي عام 1894م، وأثناء هبوب رياح بالقرب من شاطئ البحر جنوبيّ سيدني، تمكن
هارجريف من رفع نفسه مسافة 5م فوق سطح الأرض، مستخدمًا طائرة ورقية ذات
صندوق ثلاثي. وعمت أفكار هارجريف، واستخدمها الكثيرون في الطائرات الأولى.
فعلى سبيل المثال، كانت الطائرة الأوروبية تشبه كثيرًا الطائرة الورقية
الصندوقية. بل إن هناك شواهد تؤكد الرأي القائل: إن رواد الطيران الأوائل
الأخوين رايت ـ قد استخدما بعض أفكاره.
وخلال التسعينيات من القرن التاسع عشر، قام العالم الأمريكي، صمويل
ب.لانجلي، ببناء نموذج طائرة ذات دفع آلي بخاري. أطلق لانجلي على طائرته
اسم إيرودروم. وفي عام 1896م، طارت هذه الطائرة مسافة 800م في زمن قدره
دقيقة ونصف. وبنى لانجلي بعد ذلك طائرة ذات حجم كامل مستخدمًا محركات
احتراق داخلي. وحاول أحد الطيارين الإقلاع بهذه الطائرة مرتين في 7 أكتوبر و
8 ديسمبر عام 1903م. وفي الحالتين، تم إطلاق الطائرة من فوق عوامة ترسو
على نهر البوتوماك، ولكن الطائرة ارتطمت وغرقت في الماء كل مرة.