بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وأخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم "

أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة. صانعه الذي يحتسب في صنعته الخير، والذي يجهز به في سبيل الله، والذي يرمي به في سبيل الله."

وقال:

"ارموا واركبوا وإن ترموا خير من أن تركبوا،"

وقال:
"كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاثة، رمية عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله فإنهن من الحق، ومن علم الرمي ثم تركه فهي نعمة كفرها"

اخواني الكرام

يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرمي في قوله ارموا واركبوا، وأن ترموا خير من أن تركبوا. إذن الرمي هو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا، وهو أحب إليه صلى الله عليه وسلم من ركوب الخيل.

وقال أن كل ما يلهو به الإنسان باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته، فإنه من الحق.

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم أن من تعلم الرمي وتركه فهي نعمة كفرها أو جحدها. وفي هذا حديث في صحيح مسلم كما يلي:

عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ شَمَاسَةَ أَنّ فُقَيْماً اللّخْمِيّ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ، وَأَنْتَ كَبِيرٌ يَشُقّ عَلَيْكَ. قَالَ عُقْبَة: لَوْلاَ كَلاَمٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ أُعَانِيهِ. قَالَ الْحَارِثُ: فَقُلْتُ لاِبْنِ شُمَاسَةَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إنّهُ قَالَ "مَنْ عَلِمَ الرّمْيَ ثُمّ تَرَكَهُ، فَلَيْسَ مِنّا، أَوْ قَدْ عَصَىَ

فما معنى هذا الحديث اخواني الكرام؟

معناه أن سيدنا عقبة بن عامر رضي الله عنه كان كبيرا في السن، ورآه رجل وهو يسير بين الغرضين، وهو أمر يشق عليه.

ولكن ما معنى يسير بين الغرضين؟

الغرض، هو الهدف الذي يرمى، أي أنه هدف يوضع على مسافة بعيدة، ثم يقوم الرامي بالوقوف على بعد معين منه، ثم يقوم بالتصويب على هذا الهدف ورمي السهم بالقوس عليه ليصيبه. فكانوا يضعون هدفا أو غرضا بعيدا، وهدفا أو غرضا بجواره، ثم يمسك بقوسه، ويبدأ في رمي الهدف الآخر بالأسهم، حتى تنفد الأسهم، فيمشي إلى الهدف البعيد ويجمع الأسهم التي وقعت هناك، ويقف بجوار هذا الهدف، ثم يرمي على الهدف الآخر الذي كان يقف بجواره أولا، حتى تنفد الأسهم فيمشي إلى الهدف الذي يرمي عليه ويجمع الأسهم ويرميها مرة أخرى إلى الناحية الأخرى وهكذا.

ويسمى هذا الفعل، المشي بين الغرضين. أي ينصب غرضين أو هدفين، ويقف بجوار أحدهما ويرمي الآخر حتى تنفد الأسهم، فيذهب إلى الآخر ويجمع الأسهم ويرمي بها مرة أخرى على الهدف الأول.

فهذا يسمى المشي بين الغرضين.

المهم أن سيدنا عقبة بن عامر، كان رجلا عجوزا فرآه صاحبه وهو يمشي بين الغرضين، فقال له أنت رجل عجوز وهذا الأمر يشق عليك فلماذا تفعل ذلك؟

فقال له سيدنا عقبة أنه سمع مقالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لولا أنه سمعها لما فعل هذا، وهذا القول هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن من تعلم الرمي وتركه فليس منا أو قد عصى.

إذن اخواني الكرام، من تعلم الرمي ونسيه أو تركه فليس منا أو قد عصى، فكيف بمن لم يتعلم الرمي أصلا.

كيف بنا نحن وقد وجب علينا الجهاد ولم نعد له ولم نعد ما أمرنا الله عز وجل به من القوة، وهو الرمي، وندعي أننا نريد الجهاد.

إذن اخواني الكرام، من تعلم الرمي وتركه فهي نعمة جحدها وهو ليس منا أو قد عصى.

وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على صناعة الأسهم واحتساب ذلك الأجر في سبيل الله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يدخل الجنة ثلاثة أشخاص بسبب سهم واحد: يدخل صانعه الجنة بصناعته إياه واحتسابه لذلك الأجر في سبيل الله، ويدخل أيضا راميه أي الذي يرمي بذلك السهم في سبيل الله، ويدخل أيضا منبله، وهو الشخص الذي يناول الرامي السهم ليرمي به في سبيل الله.

وفى الحلقة 3 بإذن الله نرى أحاديث أخرى يحثنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرمي وتعلمه.

"إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"